تتفاوت آراء العراقيين، كما تتفاوت طموحاتُهم ومطالبُهم، من الحكومة الجديدة التي يوشك رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي على إعلانها خلال أيام، ما بين الآمال بتثبيت الأمن والاستقرار، ومعالجة الفقر والبطالة وسوء الخدمات، إلى إعادة إعمار المدن المحررة من "داعش"، وهي "التركة الثقيلة" التي سيتسلمها عبد المهدي كما تسلمها حيدر العبادي من قبله، والتي يطلق عليها اسم "تركة المالكي"، في إشارة إلى رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي اتسم حكمه بالفساد والانفلات الأمني وتأجيج الطائفية، سواء عبر تصريحاته، أو الشخصيات التي استعان بها لإدارة الملف الأمني في العراق.
وفي الوقت الذي يؤكد مراقبون أنّ حكومة عبد المهدي المرتقبة لن تشكل بعيداً عن التدخل الخارجي، إلا أنهم يتوافقون على منحها فرصة للنجاح، على اعتبار أنها تحظى بدعمٍ من النجف، كما أن شخصية عبد المهدي تُعتبر وسطية، وتحظى بعلاقات جيدة مع الأميركيين، وكذلك مع الإيرانيين والمحيط العربي.
وفي هذا الإطار، قال الأستاذ الجامعي محمد المشهداني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الظروف التي عاشها العراقيون في ظل الحكومات المتعاقبة، جعلتهم يشعرون بالخوف خلال فترات تشكيل الحكومة، خشية من أن تأتي مستنسخة عن السابقة، وأن تُبنى كذلك على أسس المحاصصة الحزبية والطائفية"، مبيناً أنّ "العراقيين يعلقون آمالهم على تمكّن رئيس الحكومة المكلف من تجاوز المصاعب، وتغليب روح المواطنة على الانتماءات الأخرى في تشكيلته المرتقبة".
ورأى المشهداني أنّ "تجاوز المراحل السابقة والتغلب على الفساد لا يستدعيان تشكيلة حكومية فقط، بل يجب أن يكون هناك برنامج حكومي يضع أمامه ملف تطهير مؤسسات الدولة من مافيات الأحزاب التي سيطرت عليها على مدى سنين طويلة"، محذراً من أن "الوزراء لا يستطيعون أن يقدموا شيئاً، إذا لم تطهّر وزاراتهم ومؤسساتها من تلك العناصر".
من جهته، أشار المواطن عباس العامري، إلى أنّ "العراقيين لا يستطيعون فعل شيء سوى الانتظار والترقب، فهناك مخاض عسير نسمع عنه في الإعلام، وصراعات بين الأحزاب، لتحقيق المكاسب والفوز بوزارات مهمة"، معتبراً أنّ "المرحلة المقبلة صعبة للغاية، فالأحزاب التي رتعت بخير العراق على مدى سنوات طويلة، واعتادت على هذه المكاسب، لا تستطيع أن تفكر في تركها".
وأوضح أنّ "تلك الأحزاب بنت مؤسسات خارج إطار مؤسسات الدولة، من خلال مليشياتها ومافياتها للسيطرة على أغلب دوائر الدولة، وهي تتمتع بنفوذ قوي، فضلا عن نفوذ المال الذي تملكه"، مبيناً أنّ "كل ذلك يفتح الباب أمام احتمال وقوع صراعات بين الأحزاب والحكومة، في حال شعرت تلك الأحزاب باحتمال خسارتها مكاسبها".
ولفت المواطن العراقي إلى أنّ "المرحلة المقبلة لا تزال تتسم بالغموض، فهي لم تتكشف حقائقها بعد، إذ إن كل الاحتمالات واردة على الساحة العراقية"، مستدركاً بالقول: "مع ذلك، لا يزال العراقيون يأملون أن تشكّل حكومة قوية ومهنية وتعمل بحيادية وإنصاف، لأجل بناء ما دبّ فيه الخراب على مدى سنوات".
بدورها، رأت المواطنة العراقية فاتن عباس (37 عاماً) أن الأهم "هو تشكيل حكومة معاكسة لحكومة نوري المالكي، وأن تكون عراقية، لا طائفية، وأن تعالج تركة المالكي من طائفية وفساد وتخلف في الخدمات، وأن تعيد ما تمت سرقته من المال العام".
ويُجمع مراقبو الوضع السياسي في العراق، على صعوبة تشكيل حكومة تلبي طموحات العراقيين وآمالهم، خاصةً أنّ حكومة عبد المهدي لم تكن بمنأى من صناعتها بأيادٍ خارجية.
وأكد الخبير السياسي علي السعدون، لـ"العربي الجديد"، عدم وجود إمكانية لتشكيل حكومة عراقية بعيدة عن التدخلات الخارجية، فهذا أمرٌ صعب للغاية"، متحدثاً عن "الظروف غير السليمة، والصفقات التي جرت بتدخلات خارجية"، وعن "عدم الحاجة للكذب على أنفسنا بالتأمل بحكومة تصنع في العراق"، محذراً من "انعكاس ذلك على أداء الحكومة التي ستعمل لصالح الجهات (الخارجية) التي شكلتها".
يذكر أن رئيس الحكومة العراقية المكلف عادل عبد المهدي، أعلن أمس الخميس أنه سيعرض تشكيلته الحكومية على البرلمان خلال الأسبوع المقبل.