وأثار التفجيران ردود أفعال طائفية لدى البعض، بحسب ما كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، فضلا عما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من تهجم طائفي ينذر بوقوع انتهاكات.
وقد تعمّق الشعور بالخوف مع ظهور كبار قادة المليشيات التي عرفت بتهديداتها الطائفية وبأعمال العنف التي ارتكبتها، لاسيما إبان فترة العنف الطائفي التي ضربت العراق بين 2006 و2009.
كل ذلك عاد بالعراقيين إلى ذكريات سيئة، حيث حذر كثيرون من أن القادم ربما يكون أسوأ، مع ارتفاع منسوب الخطاب الطائفي، ما يوجد البيئة لإمكانية إراقة دماء بريئة مرة أخرى، فضلا عن عمليات التشريد والتهجير التي تطاول مئات الآلاف.
وطالب عدد من العراقيين، من خلال "العربي الجديد"، بأن تصل أصواتهم "لإنقاذ ما تبقى من العراق"، بحسب الشيخ القبلي أحمد العبيدي، الذي أكد أنه ينقل صوت قبيلته، وصوت العراقيين بشكل عام.
ويعتبر الهجوم الذي طاول حي الكرادة ببغداد، بعد منتصف ليل السبت 3 يوليو/تموز الجاري، من بين الهجمات الأكثر دموية التي شهدها العراق منذ غزو 2003، وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عن الهجوم.
كما استهدف، الخميس الماضي، تفجير انتحاري نفذه ثلاثة عناصر من تنظيم "الدولة الإسلامية"، بحسب بيان لـ"داعش"، مزاراً "شيعياً" في قضاء بلد شمال بغداد، خلف عشرات الضحايا بين قتيل وجريح.
وكان التفجير الأخير الأكثر رعباً بالنسبة للعراقيين؛ كونه أعاد ذكرى تفجير ضريحي "الإمامين العسكريين" في سامراء.
يشار إلى أن تفجير ضريح العسكريين كان عملية منظمة، حدثت في فبراير/شباط 2006، استهدفت ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء، شمال العراق، الذي له قدسية لدى الشيعة، وأدى ذلك إلى اشتعال الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة، وكانت بغداد مسرحاً لأعمال التصفية الطائفية، قادتها مليشيات وعصابات مسلحة.
ويرى عراقيون أن "الأيام المقبلة حمّالة للشرّ"، فبين شعارات طائفية يتبناها قادة في المليشيات، واحتقان لدى من فقدوا أبناءهم في التفجيرات، يتوقع وقوع أعمال عنف طائفي.
نجاة الفضلي، بدورها، تحاول الحفاظ على حياة أبنيها الشابين، فهما "كانا طفلين قبل عشرة أعوام حين نشبت الفتنة الطائفية، وقد صار الشباب حطباً لها"، تقول الفضلي التي فقدت شقيقها وزوجها، في تلك الفترة.
وأضافت المتحدثة ذاتها، وهي موظفة في وزارة التربية العراقية: "ابناي يبلغان من العمر 21 و19 عاماً، منذ يومين أجبرتهما على السفر إلى أربيل، حيث يسكن أخوالهما، هناك المكان آمن. لا أريد أن أفقد المزيد من عائلتي".
وعبر "العربي الجديد"، ناشدت المواطنة العراقية "الخيرين في العالم أن يتدخلوا لوأد الفتنة الطائفية"، مؤكدة وجود "جهات تسعى إلى خراب العراق وتدميره عبر قتال داخلي ضحيته الأبرياء".
من جهتها تستذكر الناشطة المدنية هيفاء السعدي أحداث "الفتنة الطائفية"، تقول: "خلالها كانت الشوارع مسرحاً مفتوح العرض للجثث"، مضيفة أن "حملات مختلفة تبناها الناشطون لدعم الوحدة الوطنية ونبذ العنف ورص الصفوف ضد الطائفية".
وذكرت السعدي: "نعمل على ذلك من خلال مقالات ومنشورات وأعمال فنية مختلفة، ونستغل علاقاتنا بوسائل الإعلام لنشر مفهوم محاربة العنف والطائفية، ونكثف كذلك الجهود في وسائل التواصل الاجتماعي، ونستغل جهود عدد من الناشطين والأشخاص المعروفين الذين يملكون عدداً كبيراً من المتابعين".
وفوجئ سكان العاصمة العراقية بعودة أحد زعماء الفتنة الطائفية التي حصدت أرواح الآلاف، وتسببت بتهجير مئات الآلاف بين 2006 و2008، المدعو إسماعيل حافظ اللافي، والمعروف باسم أبو درع أو "زرقاوي الشيعة"، متوعداً من موقع اعتداء الكرادة بالثأر للضحايا.
فيما سبق ظهور "أبو درع" بأيام قليلة، وفي المكان نفسه، ظهور اثنين من قادة المليشيات، هما هادي العامري وقيس الخزعلي، ويتهمان بأنهما يقودان مليشيات ارتكبت مجازر بحق الأبرياء، وانتهاكات على خلفية طائفية.