باتت الساحة العراقية حافلة بالمفاجآت اليومية، من العيار الثقيل، أكان على المستوى الأمني ومجريات المعارك في الشمال والغرب الملتهب، أو على المستوى السياسي.
فقد كشف مسؤول عسكري في هيئة رئاسة أركان الجيش العراقي، رفض الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد"، عن "وجود عملية تنسيق غير مباشرة بين واشنطن وطهران، في ما يتعلق بالحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ظهرت أخيراً بعد تحقيق مليشيات مدعومة من إيران تقدماً في محافظة بابل ومدينة أبو غريب ومحافظتي ديالى وصلاح الدين، وتجري بمباركة ودفع من قبل رئيس الحكومة حيدر العبادي".
وأوضح المسؤول أن "ضباطاً عراقيين بارزين نسّقوا بين الأميركيين والإيرانيين بخصوص نشاط طهران العسكري في العراق، ودعمها المليشيات التي تتولّى مساندة الجيش العراقي، والتي حققت تقدماً، اعتبرته الولايات المتحدة مريحاً". وكشف أن "الأميركيين باتوا يقدّرون أهمية التدخل العسكري الإيراني، سواءً بدعم الجيش بالتسليح، أو الإشراف على المتطوّعين، من خلال التقدم الذي أحرزوه في الفترة الأخيرة".
ويؤكد أنه "تمّ نقل رسائل شفوية ومعلومات متبادلة بين الطرفين في بغداد، من خلال الضباط العراقيين، تتعلق بمعلومات عن مواقع تجمعات ومعسكرات داعش في جرف الصخر، شمال بابل، وبلدة بيجي جنوب تكريت، وقرب مطار بغداد الدولي، من المحور الغربي التابع لبلدة أبو غريب (20 كيلومتراً غرب بغداد)، وبلد الصدور، شرق بعقوبة".
ويُظهر أن "التنسيق اقتصر على تبادل المعلومات غير المباشرة بين الطرفين، حول جيوب ومواقع داعش وحجم خطورته وعدد المقاتلين فيه، كما تمّ إبلاغ الجانب الأميركي بتحرّكات مقاتلي الحشد الشعبي بقيادة قاسم سليماني وهادي العامري إلى مناطق معينة، بغية عدم تكرار أخطاء سابقة لطائرات التحالف، حين قصفت مقاتلين موالين للجيش خطأً، ظنّاً منها أنهم مقاتلون من داعش. كما طالب قادة إيرانيين إبلاغ غرفة التحالف الدولي بمعلومات حصلوا عليها عن أماكن ومواقع التنظيم، بغية قصفها من قبل التحالف".
ويضيف أن "القوات الأميركية زوّدت القوات البرية العراقية، التي تشارك المليشيات بلقطات وصور جوية مختلفة، منها مواقع حقول الألغام، وأماكن تواجد داعش، وحصل ذلك ثلاث مرات منذ 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستفادت منها إيران التي تتولى الإشراف على قوات الحشد الشعبي عبر سليماني".
وتابع "أوقفت إيران طلعاتها الجوية الحربية في الجزأين الجنوبي والأوسط من العراق، منذ نحو شهر، حين وفّرت مقاتلات أميركية غطاءً جوياً لمجاميع مقاتلي الحشد الشعبي، أسوة بالجيش العراقي، خلال الهجوم على مدينة جرف الصخر من محور الشمال الغربي، عبر بلدة صنيديج، حيث قُصف عدد من مواقع التنظيم ليلة السبت/الأحد 25 ـ 26 أكتوبر الماضي، ودُمّرت أحد حقول الألغام، الذي مكّن قوات الحشد، المتمثلة بثلاث مليشيات، مع المئات من المتطوعين للقتال من دخول المدينة بسهولة، وكررت الأمر نفسه في مدينة بيجي، شمال تكريت".
ولفت المسوؤل العسكري إلى أن "حكومة العبادي تسعى إلى إيجاد آلية تعاون مستمرة بين الدولتين، التي أوجدت داعش نقطة تعاون مشترك بينهما".
ويأتي ذلك بعد أيام على تسريبات حكومية عن موافقة العبادي، خلال زيارته العاصمة الأردنية عمان، ولقائه زعماء القبائل هناك، على تسليح 34 عشيرة في الأنبار وصلاح الدين، تعهدت بمحاربة "داعش" والحدّ من نفوذه في مناطق تواجده، وقد لاقت التسريبات اعتراضات واسعة في حينه وتحفّظت مراجع دينية في النجف وكربلاء عليه، في مقابل ارتياح أميركي كبير.