ووفقاً لمصادر حكومية وحقوقية عراقية، لـ"العربي الجديد"، فإنّ الاعتقالات طاولت مناطق العاصمة بغداد وحزامها الجنوبي والشمالي والغربي، ومحافظات ديالى وصلاح الدين والأنبار وكركوك وبابل وواسط، وبلدات مختلفة.
وتأتي الحملات بعد تصريحات لسياسيين ينتمون للجناح الموالي لإيران في التحالف الوطني، أبرزهم نوري المالكي وعمار الحكيم، دعوا فيها قوات الأمن إلى تنفيذ حملات اعتقال لتصفية "الخلايا النائمة".
وبحسب مصادر حكومية عراقية، فإنّ أكثر من 800 عراقي تم اعتقالهم خلال أسبوعين، جميعهم من مكون ديني واحد، وتم اقتيادهم إلى سبعة سجون مختلفة، بينما بقي مصير من تم اقتياده من قبل مليشيات "الحشد الشعبي" مجهولاً.
وقال مسؤول حكومي عراقي، اليوم الأحد، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الاعتقالات تتم على أساس طائفي واضح وبلا مذكرات اعتقال، وتستهدف الشباب على وجه الخصوص في أسلوب تصفية وتهجير جديد".
ووفقاً للمسؤول ذاته، فقد تم اعتقال ثلاثة أشقاء، مساء أمس السبت، في قضاء أبو غريب غربي بغداد، من قبل قوة مجهولة، كما تم اعتقال ستة آخرين في نفس الحي أحدهم عضو بقوات الصحوة التي تقاتل "داعش". بينما عثر على جثة إمام وخطيب جامع الكيلاني شمالي بغداد، الشيخ قيس المشهداني، بعد يوم فقط على اعتقاله من قبل قوة أمنية من داخل منزله.
وقال رئيس "منظمة السلام لحقوق الإنسان"، محمد علي، في مؤتمر في أربيل عاصمة إقليم كردستان، إنّ "حملات الاعتقال العشوائية ذات أبعاد طائفية، وتجري تحت غطاء الخلايا النائمة"، مطالباً الأمم المتحدة بالتدخّل لوقف ما أسماها "المهزلة".
ولفت علي إلى أنّ جميع الاعتقالات لم تبنَ على سند قانوني أو مذكرات اعتقال صادرة عن مجلس القضاء "لذا فهي باطلة"، مضيفاً "لا يعلم أين ذهبوا بهم، وهل من تم اعتقالهم أحياء أم أموات".
وكان زعيم المجلس الإسلامي الأعلى، عمار الحكيم، قد قال، في مؤتمر صحافي، الأسبوع الماضي، إنّ "تنظيم داعش قد يحوّل عناصره إلى خلايا نائمة بعد طردهم من مدينة الموصل"، مضيفاً أنّ "الآلاف من مسلحي داعش سيحلقون لحاهم ويتحوّلون إلى خلايا نائمة".
هذه التصريحات، تبعها كلام مسؤولين محليين من المدن التي كان "داعش" يسيطر عليها، وجاء تصريح رئيس مجلس الأنبار، صباح الكرحوت، أمس السبت، رديفاً لتصريح الحكيم.
وحذر الكرحوت من أنّ "الخلايا النائمة لعناصر داعش منتشرة في كل مكان، وبحاجة إلى جهود استخبارية لملاحقتها والقضاء عليها"، بحسب قوله.
وتزامناً مع هذه التصريحات، وجدت الحشود العشائرية في المناطق المحررة، والتي أسستها العشائر المساندة للقوات العراقية ضد تنظيم "داعش"، فرصة الانتقام ممن تعتقد أنهم ساندوا أو آووا عناصر التنظيم، خلال سيطرته على مختلف مناطق ومدن البلاد.
وبدأت تظهر كتابات على عشرات المنازل في صلاح الدين والأنبار وديالى تحمل عبارات مختلفة مثل "مطلوب دم" و"مطلوب للقوات الأمنية" وغيرها، سبّبت تهجير واعتقال العشرات بعيداً عن أعين وسائل الإعلام.
وشنّت قوات الأمن حملة اعتقالات واسعة، خلال الأيام الماضية، طاولت عشرات الأهالي في مناطق حزام بغداد وجنوبها، فيما وصفها ناشطون ومراقبون بأنها حملة تغيير ديموغرافي تستهدف شريحة واسعة من الشعب العراقي.
وبدأت عمليات التهجير والاعتقال تستهدف عشرات الأسر في صلاح الدين والأنبار، تحت هذه الذرائع، بعد طردها والاستيلاء على منازلها وممتلكاتها الخاصة، بحسب الأهالي ومصادر أمنية.
ويتخوّف خبراء الأمن من مرحلة ما بعد "داعش"، والتي ستعصف بالبلاد، تحت التأثيرات العشائرية وضغوط المليشيات المسلحة التي سيطرت على تلك المناطق بعد استعادتها من قبضة "داعش".
وقال الخبير الأمني فتاح الدليمي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "مرحلة ما بعد داعش ستشمل صراعات عشائرية ومليشياوية مسلحة، ستدخل البلاد في دوامة عنف أشد خطراً، بسبب التهم الكيدية وعمليات الثأر والانتقام التي سيذهب ضحيتها كثير من الأبرياء".
وأوضح الدليمي أنّ " كثيراً من الذرائع ظهرت ومازالت تظهر على الساحة الأمنية في العراق منها "حواضن داعش" و"خلايا نائمة" و"المتعاونون مع داعش" وغيرها، وكل هذه الذرائع لها أهداف، أولها إحداث تغييرات ديموغرافية في المدن المحررة، وهي من أخطر المراحل التي سيمر بها العراق ".
ويتخوّف كثير من النازحين من المدن المحررة من عودتهم إليها، خشية تعرّضهم لمثل هذه التهم التي استهدفت من سبقهم بالعودة من رحلة النزوح، وخوفاً من عمليات انتقام ثأرية أو عشائرية قديمة تستغل الظرف الأمني للإيقاع بهم.