شمل قانون العفو العام، الذي أجبر البرلمان العراقي على التصويت عليه من حيث المبدأ، جرائم الخطف في عموم البلاد؛ والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء، في وقت تهدّد فيه "المليشيات" كل الرافضين للقانون وتعمل على إرغامهم بالقوة على التصويت عليه، الأمر الذي أشعل انقساما جديدا في البرلمان وأزمة جديدة.
وقال مصدر سياسي مطّلع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحكومة والمليشيات المتنفّذة في البلاد ضغطت على المعترضين على التعديل القانوني، وتحديدا على فقرة جرائم الخطف، وأجبرتهم على التصويت من حيث المبدأ على القانون". وبيّن أنّ "عددا من الكتل السياسية تحاول رفض القانون برمته، وأخرى تحاول رفض بعض فقراته والتعديلات الأخيرة عليه، بينما تمتنع كتل أخرى وتقف ضدّ هذا التوجه، وهي كتل التحالف الوطني، والتي تستخدم لغة القوة والتهديد بالمليشيات لإجبار الكتل الأخرى على تمرير القانون".
وأشار الى أنّ "الخلاف بلغ أشدّه بين الكتل السياسية، الأمر الذي قد يؤثر سلبا على عمل البرلمان، وعلى القانون الذي أصبح كثير الشدّ والجذب فيه"، محذّرا من "خطورة تدخل المليشيات بتمرير القوانين بالقوة، ما سينعكس سلبا على عمل البرلمان".
من جهته، أكد عضو اللجنة القانونية البرلمانية، حسن توران، "وجود مخالفات دستورية في التعديل الحكومي للقانون".
وقال توران، في تصريح صحافي، إنّ "بعضا من التعديلات التي أرسلت من الحكومة على قانون العفو يخالف الدستور، لا سيما في ما يخص نفاذ التعديل من تاريخ تشريع القانون وهذا غير ممكن"، مبينا أنّ "الدستور يمنع تشريع أي قانون، إذا لم يكن لصالح المتهم، لذا يجب على الحكومة والبرلمان تعديل هذه النقطة قبل تشريعها لأنّها تتعارض مع الدستور".
وأضاف أنّ "التعديل يشير إلى عدم شمول جرائم الاختطاف بالقانون حتى وإن حصل صلح بين الطرفين، في حين أنّ القانون النافذ شمل بعض جرائم الاختطاف بالعفو، كما أنّ التعديل تضمن أيضا شمول مزوري المستمسكات الأصلية ممّن هم بدرجة مدير عام فما فوق، في حين أنّ النص النافذ لم يشملهم بالعفو، وهذه نقطة مهمة يجب الانتباه إليها من قبل اللجنة والبرلمان".
وأشار الى أنّ "الحسنة الوحيدة في التعديل هو أنّه قسّم المتهمين الى قسمين؛ متهمي ما قبل 2014 وما بعدها، أي أنّه فرق ما بين الإرهاب و(داعش)"، مؤكدا أنّ "التعديلات تتطلّب إجراء تعديل عليها من حيث الشكل، وسيتم إجراء نقاشات عليها، وربما تضاف بعض الفقرات على مشروع التعديل من قبل اللجنة القانونية النيابية".
بدورها، انتقدت منظمة السلام، (وهي منظمة مجتمع مدني عراقية متخصّصة بحقوق الإنسان)، إدراج جرائم الخطف والتزوير في قانون العفو العام.
وقال رئيس المنظمة، أحمد الشمري، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "قانون العفو الذي أجبر البرلمان على القبول به من حيث المبدأ، لا يبني دولة، بل يهدم ركائزها"، مبينا أنّ "الدولة لا يمكن أن تطلق سراح مجرمي الخطف، لأنّ القضية هي حقوق ضحايا وذويهم، ولا يمكن شمول هؤلاء المجرمين ومكافأتهم على جرائمهم بإطلاق سراحهم".
وأشار الى أنّ "النقطة الأساسية السلبية على القانون، هي تجاوز معايير حقوق الإنسان، وتهديم بناء الدولة"، داعيا الحكومة والبرلمان إلى العمل على "تعديل القانون وفقا لحقوق الإنسان، ورفع الفقرات التي تضر بالمجتمع العراقي".
وأشار الى أنّ منظمته، تعمل حاليا على دراسة ومسح شامل لجرائم الخطف في عموم البلاد، والتي "ستكشف عن جرائم مهولة لا يمكن السكوت عليها، ولا يمكن للحكومة والبرلمان أن يكونا شريكين فيها في حال تمرير قانون العفو بهذه الصيغة".