ولا يعني انتهاء المعارك الميدانية مع التنظيم نهاية أزمات ومشاكل العراق، فما زالت البلاد تواجه تراكمات كبيرة من الأزمات الخطيرة، بينما يحذر مسؤولون من خطورة المرحلة المقبلة، وظهور تنظيمات جديدة لا تقل خطرا عن "داعش"، خصوصا أنّ الأسباب الخارجية والداخلية التي أدت الى ظهور التنظيم مازالت موجودة في العراق والمنطقة.
وقال النائب عن ائتلاف الوطنية، عبد الكريم عبطان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "انتهاء صفحة "داعش" هي مرحلة مهمة للعراق، لكنّ النصر على "داعش" وحده لا يكفي، بل نحتاج إلى أمور ساندة أخرى؛ منها القضاء على الفساد وبناء الدولة المدنية وحصر السلاح بيد الدولة وبناء المؤسسات والبدء بالبناء والإعمار وعودة النازحين وإعادة بناء مناطقهم، وبناء دولة المواطنة والدولة المدنية".
وأضاف: "نحن اليوم نتكلم عن بناء عام لعمل سياسي، نحتاج بناء الدولة على أساس مهني ومؤسساتي، وتطبيق الدستور وتعديل فقراته بما يتلاءم مع مصلحة البلد"، وشدد بالقول "لدينا ثقة بوعود رئيس الحكومة حيدر العبادي، لكنّنا لا نحتاج إلى وعود، نحن مع دولة المواطنة وتحقيق العدل والإنصاف والتطبيق الفعلي لذلك".
وأشار إلى "أهمية "الاتفاق على دولة المواطنة والوطنية، بعيدا عن التسميات الأخرى، إذ إنّ المصلحة العامة تستوجب الآن توحيد الرؤى والكلمة".
وحذّر من "خطورة مرحلة ما بعد "داعش"، فهي أخطر من مرحلة داعش، لأنّ العراق فيه اليوم أكثر من أزمة اقتصادية وسياسية، فضلا عن أنّ البلد غارق في الديون، فإذا لم نحاسب أنفسنا ونحاسب الفاسدين ونشرع بخطوات جدية لبناء الدولة فلربما يعود داعش بشكل جديد للعراق، ويكون العلاج أصعب وأثقل مما مضى".
وشدّد على "أهمية الحفاظ على النصر ووحدة العراق، وتوحيد الرؤى والكلمة، وتقوية الجانب الرسمي من مؤسسات الدولة الأمنية من وزارتي الدفاع والداخلية، بالإضافة إلى الأجهزة الأمنية الساندة لها".
ويرى مسؤولون ومراقبون أنّ الأسباب الموجبة لظهور "داعش" ما زالت موجودة في العراق والمنطقة، الأمر الذي قد يتسبب بظهور نسخ جديدة من التنظيم.
وقال عضو اللجنة الأمنية البرلمانية هوشيار عبد الله، في بيان صحافي، إنّ "داعش لم ينته في العراق، وأي حديث عن نهايته أو الانتصار عليه كليا كما يدعي رئيس الحكومة حيدر العبادي، غير دقيق"، منتقدا "إعلان النصر".
ورأى أنّ "التنظيم مازال باستطاعته شن حرب عصابات، وكذلك القتال ضد القوات الأمنية جبهويا"، معتبرا أنّ "إعلان النصر النهائي على التنظيم سابق لأوانه، وهي دعاية انتخابية من قبل العبادي".
وحذّر من "ظهور نسخ أكثر تشددا من "القاعدة" و"داعش" في المنطقة"، مؤكدا أنّ "الأسباب الخارجية والداخلية التي أدت إلى ظهور التنظيم مازالت موجودة في العراق والمنطقة".
وأشار إلى أنّ "النظام السياسي والأخطاء السياسية في العراق، ساهمت في ظهور "داعش" وسيطرته على ثلث أراضي البلاد من قبل"، مؤكدا أنّ "العملية السياسية وأسلوب التعاطي مع المشاكل هما أسوأ وليسا بأفضل من قبل، وأنّ أجندات المؤامرة أكبر ما يساعد في استمرار ظهور جماعات متشددة أخرى".
وتعول الجهات السياسية والشعبية العراقية، على اتخاذ الحكومة خطوات فعلية لتحقيق التوازن والمصالحة والقضاء على مسببات الإرهاب، والتوطيد لمرحلة ما بعد "داعش".
من جهته، قال الحزب الإسلامي العراقي، في بيان صحافي، إنّ "إعلان الانتهاء من صفحة "داعش" وتحرير كافة الأراضي العراقية، مثّل لحظة تاريخية للعراق"، مؤكدا أنّ "داعش خلّف بعده واقعا مؤلما من الدمار والخراب في البلاد، وأنّ الآثار الخطيرة في شتى المجالات واضحة للجميع، ما يستدعي خططا عاجلة وحقيقية لتجاوز هذه المرحلة".
وأشار إلى أنّ "الساحة العراقية وهي تدخل مرحلة ما بعد "داعش" فعليا، تنتظر إنجازا فعليا في ملفات المصالحة الوطنية الشاملة والقضاء على مسببات الإرهاب، كالطائفية والظلم والتهميش وفقدان العدالة والبطالة وسوء توزيع الثروات وسوء الخدمات، وضبط الحدود مع دول الجوار، وترسيخ مدنية الدولة، وإنهاء كافة المظاهر المسلحة في المجتمع العراقي".
وشدد على ضرورة "العمل على بناء المحافظات التي تعرضت للإبادة الجماعية، بفعل جرائم داعش، وتوفير البيئة المحفزة لعودة أهلها إليها، ومعها كل صور الحياة الإيجابية، وتحصين مجتمعاتها من كل الأفكار المنحرفة والمتشددة، التي لم يجنِ العراق منها إلا الأذى والسوء".
وكان العبادي قد أعلن أمس النصر النهائي على تنظيم "داعش"، وانتهاء المعارك وتحرير الأراضي العراقية بالكامل.