في صباح الثاني من أغسطس /آب من العام 2012، توجه الشاب المصري، عمرو البني ابن منطقة رملة بولاق العشوائية إلى أبراج نايل سيتي المجاورة لمقر سكنه، المملوكة لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، من أجل أن يستفسر عن تأخر راتبه وراتب عدد من سكان رملة بولاق الذين تم استدعاؤهم للعمل في الأبراج في أعقاب جمعة الغضب وقت ثورة يناير.
فوجئ الشاب برفض ضابط في شرطة السياحة دخوله إلى البرج، لتنشب مشاجرة تنتهي بمقتل الشاب برصاص الضابط وإصابة شقيق عمرو وأحد جيرانه، وتندلع بعدها مواجهات بين الأهالي وموظفي أبراج نايل سيتي، أعقبتها مواجهات شرسة مع الأمن الذي استغل الحادث لإخلاء المنطقة من سكانها.
اقرأ أيضا: صحافيو مصر.. أزمات متلاحقة تهدد بموت المهنة
20 مليون مصري يسكنون العشوائيات
تعد "رملة بولاق" إحدى المناطق العشوائية المنتشرة في طول مصر وعرضها، ووفقاً لإحصائيات أعلنتها وزارة التطوير الحضاري، (جرى استحداثها بعد أحداث 3 يوليو/تموز)، وسبقتها إلى ذلك وزارة التنمية المحلية، ارتفع عدد المناطق العشوائية في مصر إلى 1221 منطقة. وتحتل القاهرة المركز الأول في عدد المناطق العشوائية بنحو 81 منطقة، مطلوب إزالة 12 منها وتطوير 67 منطقة، أما في الجيزة (تقع ضمن نطاق إقليم القاهرة الكبرى)، فيوجد بها 32 منطقة عشوائية مطلوب إزالة 4 وتطوير 28 منها، والإسكندرية (شمالي مصر) هي الأخرى يوجد بها 41 منطقة مطلوب إزالة 8 منها وتطوير الباقي. وتعتبر محافظة الدقهلية (تقع في دلتا مصر) أعلى المحافظات احتواءً على المناطق العشوائية، إذ تضم 109منطقة عشوائية.
من بين 15 مليوناً يسكنون العاصمة، يعيش 8 ملايين نسمة، في العشوائيات التي تحتل 45% من مسطح القاهرة الكبرى. طبقاً لأحدث دراسة صدرت عن البنك الدولي، تناولت العشوائيات في مصر، فإن ما يقرب من 25% من سكان مصر يعيشون في مناطق عشوائية، أي ما يقرب من 20 مليون مواطن، وهو ما لا يختلف كثيراً عن تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في العام 2012، تحدث عن أن ما يزيد عن 16 مليون مواطن مصري يسكنون في العشوائيات، التي يتهدد 35 منطقة منها خطر الانهيار التام، فوق رؤوس ساكنيها، فيما تصنف 281 منطقة بأنها غير آدمية.
وبحسب دراسة أخرى صادرة عن "المركز الديموغرافي" في القاهرة للدكتورة نادية حليم، فإن النمو السكاني للعشوائيات يرتفع بنسبة 34% سنويّاً، كما هو الحال في عشوائيات قسم السلام في القاهرة، وفي عشوائيات أخرى يصل النمو إلى 9% سنويّاً، كما هو الحال في عشوائيات منطقة البساتين في القاهرة.
اقرأ أيضا: "عقيدة الصدمة".. عصا السيسي السحرية لتمرير قوانينه وقراراته
في مرمى النيران
على كورنيش النيل، تتمتع 3 مناطق عشوائية، بموقع فريد من نوعه، هي "حكر أبو دومة" و"رملة بولاق" و "مثلث ماسبيرو"، كانت منطقة "حكر أبو دومة" القريبة من مبنى الإذاعة والتلفزيون، من أولى أهداف رجال الأعمال المصريين، إذ قامت الدولة ممثلة في محافظة القاهرة بنزع ملكية 30 ألف متر مربع في المنطقة، للمنفعة العامة منذ العام 2005، وتم إجبار السكان على إخلاء موقع سكناهم لصالح مستثمرين مصريين وخليجيين، تعهدوا بإقامة مشروعات سياحية واستثمارية، على أن يتم الانتهاء من المشروعات خلال 48 شهراً، ولكن حتى كتابة هذه السطور لم يتم وضع حجر الأساس لأي من المشروعات، كما وثقت "العربي الجديد" عبر جولة ميدانية.
أما منطقة "رملة بولاق" فيركز نجيب ساويرس، أحد أكبر رجال الأعمال المصريين، اهتمامه عليها كما يقول الأهالي لـ"العربي الجديد"، ويتابع عدد منهم أنهم يحاربون على جبهتين، الأولى في مواجهة رجال الأعمال الراغبين في الاستيلاء على أرض أجدادهم بثمن بخس، والثاني ضد الدولة التي أصدرت قراراً بالاستيلاء على أرض رملة بولاق من قِبل محافظة القاهرة وصندوق تطوير العشوائيات ومجلس الوزراء، لكن الأهالي طعنوا على القرار أمام القضاء الإداري، وفي أغسطس/آب من العام 2013، صدر حكم لصالحهم بقبول الطعن وإلغاء القرار، لكن الحكومة طعنت عليه.
ويؤكد أهالي منطقة مثلث ماسبيرو العشوائية، أنه منذ العام 1985، أوقفت الحكومة إصدار التراخيص لأي أعمال ترميم داخل المثلث، الذي تبلغ مساحته 64 فداناً، ويقطن به نحو 3500 أسرة (18 ألف نسمة)، فيما أنقذت ثورة يناير أهل المنطقة كما يقول محمود كامل، أحد أهالي المنطقة، إذ توقفت الدولة ولو مؤقتاً عن محاولات تهجيرهم، إذ تم طرح مخطط للتطوير، لكن الأهالي يشعرون بشكوك تجاه إمكانية تنفيذه، كما تقول عزة علي الناشطة في المنطقة، إذ تنازعت مسؤولية المشروع الذي يفترض أن يبدأ العام المقبل، أكثر من جهة حكومية، من بينها وزارة تطوير العشوائيات، ومحافظة القاهرة، التي تحدث المحافظ في أكثر من مناسبة عن تعويض الأهالي وتهجيرهم، وهي الاحتمالية التي تصاعدت بشدة، عقب التفجير الذي استهدف القنصلية الإيطالية في 11 يوليو/تموز الماضي.
اقرأ أيضا: سر انقلاب السيسي على برهامي
تحالف الدولة ورجال الأعمال
يؤكد علاء عبد التواب مدير الوحدة القانونية بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن رجال الأعمال ليسوا وحدهم المهتمين، بالاستيلاء على أراضي العشوائيات، ويوضح في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "الدولة هي المتهم الأول لأنها هي من تسهل عملية الاستيلاء على الأراضي عن طريق القوانين والثغرات، كما أنها تقوم في أغلب الأحيان بالاستيلاء هي على الأراضي تمهيداً لبيعها للمستثمرين، كما جرى مع "حكر أبو دومة" وكما تحاول مع أرض جزيرة "القرصاية" التي تقع تحت كوبري المنيب بالجيزة، وهي عبارة عن أرض طرح نهر، غطاها الفيضان وعادت للظهور مرة أخرى بعد بناء السد العالي وإيقاف الفيضانات، ويسكنها نحو 5 آلاف نسمة، حاولت الدولة الاستيلاء عليها في 2001 وفشلت بعد تحول القضية إلى قضية رأي عام، ثم عادت القوات المسلحة وأعلنت أراضي الجزيرة مناطق عسكرية ذات أهمية استراتيجية، ليتم الإعلان في مارس/ آذار 2015، عن قرار محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى المطالبة بإلغاء قرار وزير الدفاع، بتحديد أراضٍ بجزيرة القرصاية مناطق عسكرية، لانتفاء المصلحة، وتستكمل عملية السيطرة على أراضي الجزيرة، كما يقول أحمد إبراهيم أحد أبناء القرصاية لـ"العربي الجديد".
ويؤكد عبد التواب لـ "العربي الجديد" أن حق السكن والملكية، مكفول بموجب مواد الدستور، إلا أن الدولة تتحايل على هذا الحق بالقيام بنزع الملكية للمنفعة العامة، وتقدير تعويضات هزيلة لا توفر للأهالي السكن اللائق، بالإضافة إلى عدم مراعاة البعد الاجتماعي، إذ يتم تعويض صاحب منزل تعيش فيه 5 أسر (أبناء مالك المنزل)، بوحدة سكنية واحدة، بالإضافة إلى عدم مراعاة بُعد توفر العمل والخدمات في مكان السكن الجديد".
واتهم عبد التواب الدولة باتخاذ تطوير العشوائيات حجة للاستيلاء على أراضي العشوائيات واستخدامها استثمارياً لصالح رجال الأعمال، مشيراً أن مخططات التطوير تحمل في طياتها أهدافاً أخرى لا يتم الإعلان عنها.
اقرأ أيضا: نجيب سويرس.. 5 أوجه صادمة للباكي على حال السوريين
قرارات نزع الملكية
من جانبها، قالت مها أحمد المحامية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، أنه من المستحيل عملياً حصر أراضي العشوائيات التي استولت الدولة عليها لصالحها أو لصالح رجال الأعمال، مشيرة إلى أن العشرات من قرارات نزع الملكية تصدر لصالح الدولة في الجريدة الرسمية يومياً دون أن يعلم بها ذووها، خاصة في مناطق القاهرة وشمال الجيزة والجزر النيلية، وهي المناطق الواردة في مخطط الدولة قبل ثورة 25 يناير، المعروف باسم القاهرة 2050.
وأضافت مها لـ "العربي الجديد" أن العديد من الثغرات في القوانين المصرية تتيح للدولة الاستيلاء على أراضي العشوائيات، منها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، والبناء الموحد، كما أن رئيس الوزراء السابق محلب أصدر مؤخراً قراراً باعتبار أعمال التطوير من أعمال المنفعة العامة مما يجعل إخلاء أي منطقة ونزع ملكيتها أمراً غير مستبعد.
وأوضحت مها أن مواد قانون نزع الملكية تعطي الأهالي حق التظلم من التعويضات، وإجراءات للطعن على مثل هذه القرارات، لكن عادة لا يحدث الأمر، لأن الإجراءات لها مواعيد تتم فيها وإلا سقط الحق، وهو ما يحدث في عديد الحالات التي رصدتها المفوضية.
الطرق القانونية
يحدد محمد خضر محامي أهالي قضية منطقة "رملة بولاق" العشوائية، طرق مقاضاة الطامعين في أراضي العشوئيات، قائلاً: "يتم الأمر عبر إثبات إقامة السكان على الأرض منذ أكثر من جيل طبقاً للقانون المصري، وهو ما يعرف بملكية وضع اليد في حالة عدم وجود مستندات ملكية موثقة، وبعدها يتم إقامة الدعوى أمام القضاء الإداري"، مشيراً إلى أن الطعن يكون على قرار نزع الملكية ولا توجد إمكانية للطعن على قرار الدولة في التعاقد مع المستثمر الذي تمت حمايته بموجب قانون الاستثمار الذي منع في أحدث تعديلاته التي أقرتها حكومة حازم الببلاوي في أواخر أيامها، الطعن على العقود من أي طرف ثالث".
وتابع قائلاً "في حالة وجود مستندات ملكية يتم التوجه للقضاء الاداري مباشرة"، موضحاً أن الطعن لا يمنع من إجبار الأهالي على قرار الإخلاء، قائلاً "فقط هو إثبات للحق لأن الدعوى تأخذ عدة سنوات على الأغلب".
فوجئ الشاب برفض ضابط في شرطة السياحة دخوله إلى البرج، لتنشب مشاجرة تنتهي بمقتل الشاب برصاص الضابط وإصابة شقيق عمرو وأحد جيرانه، وتندلع بعدها مواجهات بين الأهالي وموظفي أبراج نايل سيتي، أعقبتها مواجهات شرسة مع الأمن الذي استغل الحادث لإخلاء المنطقة من سكانها.
اقرأ أيضا: صحافيو مصر.. أزمات متلاحقة تهدد بموت المهنة
20 مليون مصري يسكنون العشوائيات
تعد "رملة بولاق" إحدى المناطق العشوائية المنتشرة في طول مصر وعرضها، ووفقاً لإحصائيات أعلنتها وزارة التطوير الحضاري، (جرى استحداثها بعد أحداث 3 يوليو/تموز)، وسبقتها إلى ذلك وزارة التنمية المحلية، ارتفع عدد المناطق العشوائية في مصر إلى 1221 منطقة. وتحتل القاهرة المركز الأول في عدد المناطق العشوائية بنحو 81 منطقة، مطلوب إزالة 12 منها وتطوير 67 منطقة، أما في الجيزة (تقع ضمن نطاق إقليم القاهرة الكبرى)، فيوجد بها 32 منطقة عشوائية مطلوب إزالة 4 وتطوير 28 منها، والإسكندرية (شمالي مصر) هي الأخرى يوجد بها 41 منطقة مطلوب إزالة 8 منها وتطوير الباقي. وتعتبر محافظة الدقهلية (تقع في دلتا مصر) أعلى المحافظات احتواءً على المناطق العشوائية، إذ تضم 109منطقة عشوائية.
وبحسب دراسة أخرى صادرة عن "المركز الديموغرافي" في القاهرة للدكتورة نادية حليم، فإن النمو السكاني للعشوائيات يرتفع بنسبة 34% سنويّاً، كما هو الحال في عشوائيات قسم السلام في القاهرة، وفي عشوائيات أخرى يصل النمو إلى 9% سنويّاً، كما هو الحال في عشوائيات منطقة البساتين في القاهرة.
اقرأ أيضا: "عقيدة الصدمة".. عصا السيسي السحرية لتمرير قوانينه وقراراته
في مرمى النيران
على كورنيش النيل، تتمتع 3 مناطق عشوائية، بموقع فريد من نوعه، هي "حكر أبو دومة" و"رملة بولاق" و "مثلث ماسبيرو"، كانت منطقة "حكر أبو دومة" القريبة من مبنى الإذاعة والتلفزيون، من أولى أهداف رجال الأعمال المصريين، إذ قامت الدولة ممثلة في محافظة القاهرة بنزع ملكية 30 ألف متر مربع في المنطقة، للمنفعة العامة منذ العام 2005، وتم إجبار السكان على إخلاء موقع سكناهم لصالح مستثمرين مصريين وخليجيين، تعهدوا بإقامة مشروعات سياحية واستثمارية، على أن يتم الانتهاء من المشروعات خلال 48 شهراً، ولكن حتى كتابة هذه السطور لم يتم وضع حجر الأساس لأي من المشروعات، كما وثقت "العربي الجديد" عبر جولة ميدانية.
أما منطقة "رملة بولاق" فيركز نجيب ساويرس، أحد أكبر رجال الأعمال المصريين، اهتمامه عليها كما يقول الأهالي لـ"العربي الجديد"، ويتابع عدد منهم أنهم يحاربون على جبهتين، الأولى في مواجهة رجال الأعمال الراغبين في الاستيلاء على أرض أجدادهم بثمن بخس، والثاني ضد الدولة التي أصدرت قراراً بالاستيلاء على أرض رملة بولاق من قِبل محافظة القاهرة وصندوق تطوير العشوائيات ومجلس الوزراء، لكن الأهالي طعنوا على القرار أمام القضاء الإداري، وفي أغسطس/آب من العام 2013، صدر حكم لصالحهم بقبول الطعن وإلغاء القرار، لكن الحكومة طعنت عليه.
اقرأ أيضا: سر انقلاب السيسي على برهامي
تحالف الدولة ورجال الأعمال
يؤكد علاء عبد التواب مدير الوحدة القانونية بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن رجال الأعمال ليسوا وحدهم المهتمين، بالاستيلاء على أراضي العشوائيات، ويوضح في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد": "الدولة هي المتهم الأول لأنها هي من تسهل عملية الاستيلاء على الأراضي عن طريق القوانين والثغرات، كما أنها تقوم في أغلب الأحيان بالاستيلاء هي على الأراضي تمهيداً لبيعها للمستثمرين، كما جرى مع "حكر أبو دومة" وكما تحاول مع أرض جزيرة "القرصاية" التي تقع تحت كوبري المنيب بالجيزة، وهي عبارة عن أرض طرح نهر، غطاها الفيضان وعادت للظهور مرة أخرى بعد بناء السد العالي وإيقاف الفيضانات، ويسكنها نحو 5 آلاف نسمة، حاولت الدولة الاستيلاء عليها في 2001 وفشلت بعد تحول القضية إلى قضية رأي عام، ثم عادت القوات المسلحة وأعلنت أراضي الجزيرة مناطق عسكرية ذات أهمية استراتيجية، ليتم الإعلان في مارس/ آذار 2015، عن قرار محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى المطالبة بإلغاء قرار وزير الدفاع، بتحديد أراضٍ بجزيرة القرصاية مناطق عسكرية، لانتفاء المصلحة، وتستكمل عملية السيطرة على أراضي الجزيرة، كما يقول أحمد إبراهيم أحد أبناء القرصاية لـ"العربي الجديد".
ويؤكد عبد التواب لـ "العربي الجديد" أن حق السكن والملكية، مكفول بموجب مواد الدستور، إلا أن الدولة تتحايل على هذا الحق بالقيام بنزع الملكية للمنفعة العامة، وتقدير تعويضات هزيلة لا توفر للأهالي السكن اللائق، بالإضافة إلى عدم مراعاة البعد الاجتماعي، إذ يتم تعويض صاحب منزل تعيش فيه 5 أسر (أبناء مالك المنزل)، بوحدة سكنية واحدة، بالإضافة إلى عدم مراعاة بُعد توفر العمل والخدمات في مكان السكن الجديد".
واتهم عبد التواب الدولة باتخاذ تطوير العشوائيات حجة للاستيلاء على أراضي العشوائيات واستخدامها استثمارياً لصالح رجال الأعمال، مشيراً أن مخططات التطوير تحمل في طياتها أهدافاً أخرى لا يتم الإعلان عنها.
اقرأ أيضا: نجيب سويرس.. 5 أوجه صادمة للباكي على حال السوريين
قرارات نزع الملكية
من جانبها، قالت مها أحمد المحامية بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، أنه من المستحيل عملياً حصر أراضي العشوائيات التي استولت الدولة عليها لصالحها أو لصالح رجال الأعمال، مشيرة إلى أن العشرات من قرارات نزع الملكية تصدر لصالح الدولة في الجريدة الرسمية يومياً دون أن يعلم بها ذووها، خاصة في مناطق القاهرة وشمال الجيزة والجزر النيلية، وهي المناطق الواردة في مخطط الدولة قبل ثورة 25 يناير، المعروف باسم القاهرة 2050.
وأضافت مها لـ "العربي الجديد" أن العديد من الثغرات في القوانين المصرية تتيح للدولة الاستيلاء على أراضي العشوائيات، منها قانون نزع الملكية للمنفعة العامة، والبناء الموحد، كما أن رئيس الوزراء السابق محلب أصدر مؤخراً قراراً باعتبار أعمال التطوير من أعمال المنفعة العامة مما يجعل إخلاء أي منطقة ونزع ملكيتها أمراً غير مستبعد.
وأوضحت مها أن مواد قانون نزع الملكية تعطي الأهالي حق التظلم من التعويضات، وإجراءات للطعن على مثل هذه القرارات، لكن عادة لا يحدث الأمر، لأن الإجراءات لها مواعيد تتم فيها وإلا سقط الحق، وهو ما يحدث في عديد الحالات التي رصدتها المفوضية.
الطرق القانونية
يحدد محمد خضر محامي أهالي قضية منطقة "رملة بولاق" العشوائية، طرق مقاضاة الطامعين في أراضي العشوئيات، قائلاً: "يتم الأمر عبر إثبات إقامة السكان على الأرض منذ أكثر من جيل طبقاً للقانون المصري، وهو ما يعرف بملكية وضع اليد في حالة عدم وجود مستندات ملكية موثقة، وبعدها يتم إقامة الدعوى أمام القضاء الإداري"، مشيراً إلى أن الطعن يكون على قرار نزع الملكية ولا توجد إمكانية للطعن على قرار الدولة في التعاقد مع المستثمر الذي تمت حمايته بموجب قانون الاستثمار الذي منع في أحدث تعديلاته التي أقرتها حكومة حازم الببلاوي في أواخر أيامها، الطعن على العقود من أي طرف ثالث".
وتابع قائلاً "في حالة وجود مستندات ملكية يتم التوجه للقضاء الاداري مباشرة"، موضحاً أن الطعن لا يمنع من إجبار الأهالي على قرار الإخلاء، قائلاً "فقط هو إثبات للحق لأن الدعوى تأخذ عدة سنوات على الأغلب".