لم تمضِ ثلاثة أسابيع على قصف الولايات المتحدة الصاروخي لمطار الشعيرات بريف حمص، والذي قالت واشنطن إن طائرات النظام السوري أقلعت منه لقصف مدينة خان شيخون جنوبي إدلب بغازات سامة مما أدى لمقتل عشرات المدنيين السوريين، إلا وجاء التحرك الأميركي الثاني ضد نظام بشار الأسد، من خلال فرض إدارة الرئيس، دونالد ترامب، عقوباتٍ طاولت 271 من موظفي المركز السوري للبحوث والدراسات العلمية، الذين عملوا على تطوير برنامج أسلحة النظام الكيميائية. وهي خطوة رأى محللون أنها ستكون ضمن سلسلة تحركاتٍ أخرى، للإدارة الجديدة في واشنطن، والتي أظهرت جدية أكثر من سابقتها في الرد على جرائم النظام السوري بحق المدنيين.
العقوبات الأميركية الجديدة، والتي قال وزير الخزانة الأميركية، ستيفن منوتشين، إنها "تستهدف مركز الدعم العلمي للهجوم المروع بالأسلحة الكيميائية للديكتاتور السوري، بشار الأسد، على رجال ونساء وأطفال مدنيين أبرياء"، جاءت على شكل تجميد كل الأصول في الولايات المتحدة التي تعود إلى 271 موظفاً في مركز الدراسات والبحوث العلمية في سورية، فضلاً عن حظر التعامل من قبل أي فرد أو شركة أميركية مع هؤلاء الموظفين.
وتنّوعت آراء سياسيين وخبراء سوريين حول قراءة هذا التحرك الأميركي الثاني ضد نظام الأسد، بُعيد مجزرة الكيميائي في خان شيخون يوم الرابع من هذا الشهر؛ إذ رأى فيه عضو الأمانة المركزية لـ"المجلس الوطني السوري" عبد الرحمن الحاج، تحركاً جدياً "ستبنى عليه خطوات تصعيدية أخرى من إدارة ترامب، التي كانت تنتظر اللحظة المناسبة لإيجاد مدخلٍ عملي للضغط على روسيا، ولإضعاف النفوذ الإيراني في سورية".
واعتبر الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الرد الأميركي عل مجزرة الكيميائي الذي بدأ بضربة عسكرية لمطار الشعيرات، ثم العقوبات الجديدة الآن، لن يتوقف عند هذا الحد"، قائلاً إن "العقوبات الجديدة جزء من التصعيد الأميركي ضد الأسد وستتبعه خطواتٌ أخرى"، لافتاً إلى أن "العقوبات الجديدة على أشخاص صنعوا وطوروا مخزون النظام الكيميائي، أكثر من مجرد تصعيد ردعي ضد النظام من قِبل واشنطن، بل تشكّل أساساً لتحرك عملي من خلال سلسلة خطوات أخرى، تحقق عبرها الإدارة الأميركية استراتيجيتها في سورية".
اقــرأ أيضاً
لكن المحلل العسكري والاستراتيجي، أحمد رحال، قلّل من جهته من أهمية التحرك الأميركي الجديد إذا لم تتبعه خطوات عملية ملموسة، إذ أعرب في حديث مع "العربي الجديد" عن خشيته من تكرار سيناريو التحركات الدولية في أعقاب مجزرة الغوطة الشرقية في أغسطس/آب 2013، والذي تمخض عن سحب مخزون النظام الكيميائي "الذي لم يُسلّم بشكل كامل، وتُرك المجرم يواصل ارتكاب المجازر بحق السوريين".
وقال رحال، الذي بقي لأكثر من ثلاثة عقود ضابطاً في جيش النظام، ووصل إلى رتبة عميد، قبل أن يعلن انشقاقه سنة 2012، إن "الولايات المتحدة الأميركية عندما تفرض عقوبات على 271 من موظفي مركز البحوث العلمية التابع لجيش الأسد على خلفية قصف خان شيخون بغاز السارين، فهذا يعني أن أميركا توصلت إلى التفاصيل الدقيقة لجريمة الأسد باستخدام الكيميائي في خان شيخون من المنتج للناقل للمستخدم، فهل نبقى أمام انتزاع سلاح الجريمة وترك المجرم طليقاً أم ننتقل لقطع اليد التي تقتل الشعب وترتكب الجرائم؟".
وختم بالقول إن "العقوبات الأميركية الجديدة إذا ما توقفت عند هذا الحد، فهي عبارة عن حركة إعلامية لا أكثر (...) ولطالما فرضت إدارة باراك أوباما عقوبات على مسؤولين بالنظام، لم تردع الأخير عن مواصلة ارتكاب الجرائم بحق المدنيين السوريين، سواء بالأسلحة التقليدية أو الكيميائية".
ويؤكد مدير مركز توثيق انتهاكات النظام الكيميائية، العميد زاهر السكات، أن نظام الأسد لم يتخلّ عن جزء كبير من مخزون السلاح الكيميائي الذي يملكه، مخالفاً بذلك قرار مجلس الأمن الدولي 2118، الصادر سنة 2013، والذي نصّ بشكل واضح على ضرورة أن يسلم النظام السوري مخزونه من السلاح الكيميائي ليصار إلى تدميره لاحقاً، كما حظر القرار على سورية استخدام أو تطوير أو إنتاج أي أسلحة كيميائية.
في هذا السياق، ذكر مسؤول أمني مُنشق عن النظام السوري لـ"العربي الجديد"، تفاصيل حول عمل مراكز البحوث العلمية في سورية، مؤكداً أنها مراكز بحث سرية تابعة لـ"وزارة الدفاع" في حكومة النظام، وهي مختصة بإنتاج الأسلحة والمقذوفات بكافة أنواعها التقليدية والكيميائية فضلاً عن القيام بأعمال أخرى.
وتقوم بعض تلك المراكز بإنتاج السلاح الكيميائي بالتعاون مع "هيئة الطاقة الذرية"، والتي يقع مركزها على طريق مدينة قطّينة في ريف حمص الجنوبي، وفق ما أكّده المسؤول المنشق عن النظام. وأضاف أن مركز "هيئة الطاقة الذرية" يُنتج المواد الكيميائية مستفيداً من وجود معامل الأسمدة الكيميائية ومصفاة حمص النفطية ومعامل تكرير الكبريت، وأقيم المركز في تلك المنطقة لحاجته إلى التخلص من النفايات السائلة عبر طرحها في بحيرة قطّينة على نهر العاصي، ثم تنقل تلك المواد إلى مراكز البحوث التابعة لوزارة الدفاع في منطقة تل قرقر في حماة وجمرايا في جبل قاسيون.
وأوضح المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن مركزي تل قرقر وجمرايا، هما مركزان مسؤولان عن صناعة السلاح في سورية بشكل رئيسي، وباقي مراكز البحوث العلمية لها اختصاصات متنوعة مثل البحوث الزراعية والأرصاد الجوية والبحوث الجغرافية والعلوم الطبيعية. و"مركز بحوث جمرايا" يقع في منطقة جمرايا خلف جبل قاسيون شمال غربي دمشق، تأسس عام 1980 بشراكة بين النظام السوري والاتحاد السوفييتي، وتعرض للقصف عام 2013 من قبل الطيران الإسرائيلي، بينما يقع "مركز تل قرقر" المعروف بالقطاع الرابع في جبل تقسيس، الواقع بين محافظتي حماة وحمص ويشرف عليه مهندسون من كوريا الشمالية ولا توجد معلومات دقيقة عن زمان إنشائه.
وتقول تقارير صحافيّة إن المراكز المختصة بتطوير وصناعة الأسلحة الكيميائية في دمشق وريفها هي: المعهد ألف، المعهد ألفان، المعهد ثلاثة آلاف، جمرايا، الفرع أربعمائة وخمسون، وفي حلب المعهد أربعة آلاف في منطقة السفيرة ونقل عمله إلى الفرع ثلاثمائة وأربعين في مصياف في ريف حماة.
وتعمل تلك المراكز بشكل سرّي إذ يُمنع على موظفيها الدخول إليها من دون تفتيش دقيق، فضلاً عن منعهم من مغادرة مكان إقامتهم من دون إذن أمني، ومن دون مرافقة أمنية، كما يُمنع سفر أفراد عائلات الموظفين المقربين من الدرجة الأولى مثل الزوجة والأولاد.
العقوبات الأميركية الجديدة، والتي قال وزير الخزانة الأميركية، ستيفن منوتشين، إنها "تستهدف مركز الدعم العلمي للهجوم المروع بالأسلحة الكيميائية للديكتاتور السوري، بشار الأسد، على رجال ونساء وأطفال مدنيين أبرياء"، جاءت على شكل تجميد كل الأصول في الولايات المتحدة التي تعود إلى 271 موظفاً في مركز الدراسات والبحوث العلمية في سورية، فضلاً عن حظر التعامل من قبل أي فرد أو شركة أميركية مع هؤلاء الموظفين.
واعتبر الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "الرد الأميركي عل مجزرة الكيميائي الذي بدأ بضربة عسكرية لمطار الشعيرات، ثم العقوبات الجديدة الآن، لن يتوقف عند هذا الحد"، قائلاً إن "العقوبات الجديدة جزء من التصعيد الأميركي ضد الأسد وستتبعه خطواتٌ أخرى"، لافتاً إلى أن "العقوبات الجديدة على أشخاص صنعوا وطوروا مخزون النظام الكيميائي، أكثر من مجرد تصعيد ردعي ضد النظام من قِبل واشنطن، بل تشكّل أساساً لتحرك عملي من خلال سلسلة خطوات أخرى، تحقق عبرها الإدارة الأميركية استراتيجيتها في سورية".
لكن المحلل العسكري والاستراتيجي، أحمد رحال، قلّل من جهته من أهمية التحرك الأميركي الجديد إذا لم تتبعه خطوات عملية ملموسة، إذ أعرب في حديث مع "العربي الجديد" عن خشيته من تكرار سيناريو التحركات الدولية في أعقاب مجزرة الغوطة الشرقية في أغسطس/آب 2013، والذي تمخض عن سحب مخزون النظام الكيميائي "الذي لم يُسلّم بشكل كامل، وتُرك المجرم يواصل ارتكاب المجازر بحق السوريين".
وقال رحال، الذي بقي لأكثر من ثلاثة عقود ضابطاً في جيش النظام، ووصل إلى رتبة عميد، قبل أن يعلن انشقاقه سنة 2012، إن "الولايات المتحدة الأميركية عندما تفرض عقوبات على 271 من موظفي مركز البحوث العلمية التابع لجيش الأسد على خلفية قصف خان شيخون بغاز السارين، فهذا يعني أن أميركا توصلت إلى التفاصيل الدقيقة لجريمة الأسد باستخدام الكيميائي في خان شيخون من المنتج للناقل للمستخدم، فهل نبقى أمام انتزاع سلاح الجريمة وترك المجرم طليقاً أم ننتقل لقطع اليد التي تقتل الشعب وترتكب الجرائم؟".
وختم بالقول إن "العقوبات الأميركية الجديدة إذا ما توقفت عند هذا الحد، فهي عبارة عن حركة إعلامية لا أكثر (...) ولطالما فرضت إدارة باراك أوباما عقوبات على مسؤولين بالنظام، لم تردع الأخير عن مواصلة ارتكاب الجرائم بحق المدنيين السوريين، سواء بالأسلحة التقليدية أو الكيميائية".
ويؤكد مدير مركز توثيق انتهاكات النظام الكيميائية، العميد زاهر السكات، أن نظام الأسد لم يتخلّ عن جزء كبير من مخزون السلاح الكيميائي الذي يملكه، مخالفاً بذلك قرار مجلس الأمن الدولي 2118، الصادر سنة 2013، والذي نصّ بشكل واضح على ضرورة أن يسلم النظام السوري مخزونه من السلاح الكيميائي ليصار إلى تدميره لاحقاً، كما حظر القرار على سورية استخدام أو تطوير أو إنتاج أي أسلحة كيميائية.
في هذا السياق، ذكر مسؤول أمني مُنشق عن النظام السوري لـ"العربي الجديد"، تفاصيل حول عمل مراكز البحوث العلمية في سورية، مؤكداً أنها مراكز بحث سرية تابعة لـ"وزارة الدفاع" في حكومة النظام، وهي مختصة بإنتاج الأسلحة والمقذوفات بكافة أنواعها التقليدية والكيميائية فضلاً عن القيام بأعمال أخرى.
وتقوم بعض تلك المراكز بإنتاج السلاح الكيميائي بالتعاون مع "هيئة الطاقة الذرية"، والتي يقع مركزها على طريق مدينة قطّينة في ريف حمص الجنوبي، وفق ما أكّده المسؤول المنشق عن النظام. وأضاف أن مركز "هيئة الطاقة الذرية" يُنتج المواد الكيميائية مستفيداً من وجود معامل الأسمدة الكيميائية ومصفاة حمص النفطية ومعامل تكرير الكبريت، وأقيم المركز في تلك المنطقة لحاجته إلى التخلص من النفايات السائلة عبر طرحها في بحيرة قطّينة على نهر العاصي، ثم تنقل تلك المواد إلى مراكز البحوث التابعة لوزارة الدفاع في منطقة تل قرقر في حماة وجمرايا في جبل قاسيون.
وتقول تقارير صحافيّة إن المراكز المختصة بتطوير وصناعة الأسلحة الكيميائية في دمشق وريفها هي: المعهد ألف، المعهد ألفان، المعهد ثلاثة آلاف، جمرايا، الفرع أربعمائة وخمسون، وفي حلب المعهد أربعة آلاف في منطقة السفيرة ونقل عمله إلى الفرع ثلاثمائة وأربعين في مصياف في ريف حماة.
وتعمل تلك المراكز بشكل سرّي إذ يُمنع على موظفيها الدخول إليها من دون تفتيش دقيق، فضلاً عن منعهم من مغادرة مكان إقامتهم من دون إذن أمني، ومن دون مرافقة أمنية، كما يُمنع سفر أفراد عائلات الموظفين المقربين من الدرجة الأولى مثل الزوجة والأولاد.