وجدت دراسة جديدة أجراها مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال (CEBR)، المملوك لدوغلاس ماكويليامز، كبير المستشارين الاقتصاديين السابق لاتحاد الصناعة البريطانية أنه إذا لم يعد العمال البريطانيون إلى مكاتبهم ، فقد يتم محو 480 مليار جنيه إسترليني (641 مليار دولار) من الاقتصاد البريطاني. وأضافت الدراسة أن الاقتصاد البريطاني لن يعود إلى حجمه قبل جائحة فيروس كورونا حتى عام 2025 إذا استمر الناس في العمل من المنزل.
وجادل وزير الخزانة البريطاني، ستيف باركلي، أنه يجب على الموظفين البدء في العودة إلى المكاتب حيثما أمكن ذلك من الأسبوع المقبل، لمساعدة الاقتصاد على "العودة إلى طبيعته". وقال إنه يجب على الشركات التواصل مع الموظفين ومنحهم الإحساس بالأمان.
ومع تأمل الحكومة في تدفق الموظفين على نطاق واسع إلى أماكن العمل بعد عطلة نهاية الأسبوع في البنوك التي تصادف اليوم الإثنين، قال اتحاد النقابات العمالية "TUC"، إنّه ينبغي أن يشعر العمال بالأمان، بشأن فيروس كورونا، وإن "مجرد هز الأصابع على الناس" لن ينجح.
وفي هذا السياق، شرحت فرانسيس أوجرادي، الأمينة العامة للاتحاد، أنه بينما أراد الكثير من الناس التوقف عن العمل من المنزل، رغب آخرون بمرونة وحرية أكثر في ساعات العمل.
وفي حديثها إلى راديو تايمز، قالت إنّ معظم الناس يستمتعون بالتواجد مع الزملاء في العمل، لكنهم يريدون مزيدًا من المرونة من حيث ساعات عملهم، والقدرة على العمل من المنزل في بعض الأحيان. وأضافت أوجرادي، أنه لم يكن من المفيد، محاولة إخافة الناس للعودة إلى العمل، من خلال تهديدهم بفقدان وظائفهم. وتابعت إن الناس يواجهون ضغوطًا مثل النقل ورعاية الأطفال، وإننا بحاجة إلى تسوية بعض تلك القضايا العملية، قبل توجيه أصابع الاتهام إلى الناس ومطالبتهم بالعودة إلى العمل. "الأمر ليس بهذه السهولة".
وتقدّر دراسة مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال، أن الاقتصاد البريطاني قد يخسر ما يقرب من نصف تريليون جنيه إسترليني من الناتج، في حال فشل العمال في العودة إلى مكاتبهم.
وتظهر الدراسة، التي تم إجراؤها لصالح أحد عملاء شركة "ماك ويليامز" الاستشارية، أن أحد أكبر أصحاب العمل في المملكة المتحدة، يخطط لإغلاق ما يقرب من 100 مكتب بشكل دائم.
إلى ذلك، أكدت شركة "كابيتا" في لندن، وهي مجموعة تدير العمليات التجارية الدولية والخدمات المهنية، أنها تستعد لإغلاق أكثر من ثلث مكاتبها البالغ عددها 250 في جميع أنحاء بريطانيا. وتُعتبر هذه الخطوة، بمثابة ضربة كبيرة لجهود الحكومة لإقناع العمّال بالعودة إلى العمل في مكاتبهم، حيث تعتمد آلاف الشركات على المراكز الحضرية الصاخبة.
وبحسب ما أوردت صحيفة "ذا غارديان" اليوم، فقد صرّح واحد من أشهر المقاهي في البلاد " Pret a manger"، في الأسبوع الماضي، عن المخاوف حول مدى تأثير العمل المستمر عن بُعد على الشركات، وقال إنه يخطط لإلغاء ما يقرب من 2900 وظيفة، بعد هجر الشوارع الرئيسية.
وفي الوقت ذاته، أشارت العديد من الشركات إلى أنها ستستمر في السماح للموظفين بالعمل من المنزل. وهو ما يدل على أن الوباء ساهم في تحول كبير في الثقافة القائمة على العمل من المكتب، التي كانت سمة مميزة لشركات المدينة على مدى أجيال. كذلك طلبت مجموعة مصارف "نات ويست" المالكة أيضًا لبنك رويال بنك أوف سكوتلاند، من 49 ألفا من موظفيها البالغ عددهم 65 ألف موظف، الاستمرار في العمل من المنزل حتى عام 2021.
وأضاف ماك ويليامز، أن الضرر الناجم عن التحول الدائم إلى العمل من المنزل سيكون شديدًا، لأن النشاط الاقتصادي الناتج عن التنقل والتواصل الاجتماعي، لا يمكن تعويضه بواسطة الأشخاص الذين يعملون من المنزل. ومع ذلك ، تستند توقعات "CEBR" على أن لا شيء سيتغير مع العمل من المنزل، بينما يؤكد ماك ويليامز، نقيض ذلك.
كذلك يتوقع مركز الأبحاث "CEBR"، أن الناتج المحلي الإجمالي قد يرتفع بمقدار 70 مليار جنيه إسترليني عند إعادة فتح المدارس. على الرغم من تحذيره أنّه من المحتمل أن تكون مقاييس النشاط الاقتصادي في التعليم، مبالغًا فيها.
وقالت الدراسة إنّه إذا أعيد فتح المدارس، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة عدد العائدين إلى أماكن عملهم بنسبة 5% من الموظفين. واستنادًا إلى تقديرات سابقة لمركز "CEBR"، حول تأثير عودة الأشخاص إلى العمل في لندن، فإن هذا يعني زيادة الإنفاق في قطاع الضيافة في لندن (الحانات والنوادي والمطاعم) بقيمة 30 مليون جنيه استرليني شهريًا.