في ظل ازدياد أعداد المهاجرين واللاجئين العرب من الليبيين والعراقيين واليمنيين والسوريين و... عبر البحر المتوسط إلى شواطئ أوروبا، هرباً من وَيْل البراميل المتفجرة ومدافع جهنم، وبحثاً عن فرص أفضل للعيش من البلدان العربية التي تحولت بفضل الاستبداد والفساد الإداري والطائفية والحروب الأهلية والتآمر الداخلي والخارجي إلى كيانات فاشلة، يتصاعد خطاب الأحزاب النيو فاشية والنيو نازية تطرفاً في أوروبا ضد المهاجرين، بالتحذير من دمجهم في المجتمع الأوروبي، خوفاً على الهوية الأوربية والثقافة الغربية من "الغزاة الجدد" القادمين من الشرق العربي الإسلامي، وازدياد الأعباء على ميزانية الدولة، وقد تطوعت بعض المواقع العربية -بغباء أو بدهاء لا أدري- في الترويج إلى فرضية تسرب داعش إلى صفوف المهاجرين، وهو ما دفع بعض الدول الأوروبية إلى تفضيل اللاجئيين من غير المسلمين تحديداً، وتضييق الفرص في قبول أعدادٍ أكبر.
لكن تبقى حاجة أوروبا، وخصوصاً ألمانيا إلى المهاجرين فوق المخاوف والتحذيرات، وذلك بسبب شيخوخة السكان الناتجة من العقم الإرادي، وعزوف الذكور الأوربيين عن الزواج الطبيعي، والاكتفاء بالعلاقات الجنسية المفتوحة خارج إطار الزواج وتكوين الأسر، وبعد إقرار زواج المثليين، ستزداد الأزمة تعقيداً، حيث ترتفع نسبة كبار السن بشكل مذهل عن فئة الشباب والأطفال، وهذا في حد ذاته يمنع التجدد البشري الناتج من التكاثر والتناسل، ويقلص الأيدي العاملة، والقوى المنتجة، فتتضاعف حاجة السوق إلى الأيدي العاملة الوافدة، دون أن نهمل تأثير المزاج الشعبي والمنظمات الحقوقية في دفع الحكومات الأوربية إلى ضرورة استقبال هؤلاء المهاجرين واللاجئين، بعيداً عن الاستجابة أو الالتفات إلى خطاب اليمين العنصري المتطرف.
ومهما انتقدنا بعض الحكومات الأوروبية على مواقفها من قضايانا العربية أو تاريخها الاستعماري أو مشاركتها في احتلال العراق مع أميركا مثل بريطانيا، أو دعم الجماعات المتشددة المسلحة في سورية، أو" الناتو" في ليبيا، تبقى أنها أفضل من الدول العربية إنسانياً في احتضانها للمهاجرين، بعكس بعض البلدان العربية، التي حبست اللاجئين السوريين داخل مخيمات لا تقيهم لا من الحر ولا البرد، وفي لبنان تحديداً يُحرم الفلسطيني من العمل في أكثر من سبعين وظيفة، وفي الكويت مثلاً يتحمل الوافد أعباءً مادية ثقيلة في تجديد الإقامة والتأمين الصحي، ورسوم المدارس، وارتفاع الايجارات، بالاضافة إلى تفاقم معاناة أخوتنا "البدون" من أبناء الكويت التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، نتيجة إلى إذعان الحكومة لموقف اللوبي العنصري الذي لا يقل سوءاً عن عنصريي أوروبا، في الترويج لدعاية "أن هؤلاء مقيمون بصورة غير قانونية، ودخلوا البلد بطريقة غير شرعية، وأنهم يشكلون غزواً داخلياً لمجتمعنا، وخللاً في نسيجنا الاجتماعي لو تم دمجهم وتجنيسهم أو حتى معالجة ملفهم معالجة إنسانية"!
مع أن البدون معظمهم عرب وأبناء عشائر وقبائل عربية، جاؤوا من مسار الهجرات نفسه الذي تكون منه المجتمع الكويتي، أي من العراق وبادية الشام والجزيرة العربية وإيران، ولا يمكن تمييز البدون عن الكويتي من حيث الشكل واللغة والعادات، وبعضهم قدم تضحيات عظيمة للوطن في أيام الاحتلال تصل إلى حد التضحية بالنفس، والأهل.
إن احتضان أوروبا للاجئين العرب والمسلمين، تكسر ثنائية الأصولية الإسلاموية ودعايتها التي غسلت عقول بعض المسلمين، في تقسيم العالم إلى فسطاطين، دار الحرب ودار السلم، بلاد الإسلام وبلاد الكفر، فالإنسانية أوسع بكثير من هذه النطاقات الضيقة التي لا تقبل التعايش والاندماج مع "الآخر" بحجة هويته أو ثقافته ودينه أو لونه وقبيلته.
(الكويت)
لكن تبقى حاجة أوروبا، وخصوصاً ألمانيا إلى المهاجرين فوق المخاوف والتحذيرات، وذلك بسبب شيخوخة السكان الناتجة من العقم الإرادي، وعزوف الذكور الأوربيين عن الزواج الطبيعي، والاكتفاء بالعلاقات الجنسية المفتوحة خارج إطار الزواج وتكوين الأسر، وبعد إقرار زواج المثليين، ستزداد الأزمة تعقيداً، حيث ترتفع نسبة كبار السن بشكل مذهل عن فئة الشباب والأطفال، وهذا في حد ذاته يمنع التجدد البشري الناتج من التكاثر والتناسل، ويقلص الأيدي العاملة، والقوى المنتجة، فتتضاعف حاجة السوق إلى الأيدي العاملة الوافدة، دون أن نهمل تأثير المزاج الشعبي والمنظمات الحقوقية في دفع الحكومات الأوربية إلى ضرورة استقبال هؤلاء المهاجرين واللاجئين، بعيداً عن الاستجابة أو الالتفات إلى خطاب اليمين العنصري المتطرف.
ومهما انتقدنا بعض الحكومات الأوروبية على مواقفها من قضايانا العربية أو تاريخها الاستعماري أو مشاركتها في احتلال العراق مع أميركا مثل بريطانيا، أو دعم الجماعات المتشددة المسلحة في سورية، أو" الناتو" في ليبيا، تبقى أنها أفضل من الدول العربية إنسانياً في احتضانها للمهاجرين، بعكس بعض البلدان العربية، التي حبست اللاجئين السوريين داخل مخيمات لا تقيهم لا من الحر ولا البرد، وفي لبنان تحديداً يُحرم الفلسطيني من العمل في أكثر من سبعين وظيفة، وفي الكويت مثلاً يتحمل الوافد أعباءً مادية ثقيلة في تجديد الإقامة والتأمين الصحي، ورسوم المدارس، وارتفاع الايجارات، بالاضافة إلى تفاقم معاناة أخوتنا "البدون" من أبناء الكويت التي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، نتيجة إلى إذعان الحكومة لموقف اللوبي العنصري الذي لا يقل سوءاً عن عنصريي أوروبا، في الترويج لدعاية "أن هؤلاء مقيمون بصورة غير قانونية، ودخلوا البلد بطريقة غير شرعية، وأنهم يشكلون غزواً داخلياً لمجتمعنا، وخللاً في نسيجنا الاجتماعي لو تم دمجهم وتجنيسهم أو حتى معالجة ملفهم معالجة إنسانية"!
مع أن البدون معظمهم عرب وأبناء عشائر وقبائل عربية، جاؤوا من مسار الهجرات نفسه الذي تكون منه المجتمع الكويتي، أي من العراق وبادية الشام والجزيرة العربية وإيران، ولا يمكن تمييز البدون عن الكويتي من حيث الشكل واللغة والعادات، وبعضهم قدم تضحيات عظيمة للوطن في أيام الاحتلال تصل إلى حد التضحية بالنفس، والأهل.
إن احتضان أوروبا للاجئين العرب والمسلمين، تكسر ثنائية الأصولية الإسلاموية ودعايتها التي غسلت عقول بعض المسلمين، في تقسيم العالم إلى فسطاطين، دار الحرب ودار السلم، بلاد الإسلام وبلاد الكفر، فالإنسانية أوسع بكثير من هذه النطاقات الضيقة التي لا تقبل التعايش والاندماج مع "الآخر" بحجة هويته أو ثقافته ودينه أو لونه وقبيلته.
(الكويت)