قرر الشاب العوفي مصطفى سمير، الاعتماد على تحصيله العلمي والأكاديمي، وخوض غمار الاستثمار في مجال الطاقة الشمسية، مستغلاً طاقات البلاد الجوية، خاصة الطاقة الشمسية. بدأ بمشروع فريد من نوعه، يتعلق بتركيب الأجهزة ذات العلاقة بألواح الخلايا الشمسية، والمستعملة في تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية وطاقة حرارية، عن طريق استعمال وسائل التحويل الحراري والتحويل الإشعاعي الضوئي. استغل العوفي الأوضاع المناخية في البلاد، ليحول حلمه إلى مشروع ناجح.
الطاقات الآمنة
تتميز الجزائر بموقع جغرافي متميز. فهي تمتلك صحارى شاسعة جعلت منها تمتد على أغنى الحقول والمناجم الشمسية في العالم. وتقدر مدة التشمس التي تتعرض لها الجزائر بأكثر من ألفي ساعة في السنة، ويمكنها أن تصل إلى 3900 ساعة، إذا ما أدرجنا مناطق الهضاب العليا والصحراء معاً.
وتشير الدراسات المقدمة في هذا المجال، بأن الطاقة المتوفرة يومياً على مساحة عرضية قدرها متر مربع واحد تصل إلى خمسة كيلواط في الساعة على معظم مناطق البلاد، أي نحو 1700 كيلواط في الساعة في المتر المربع الواحد في السنة شمال البلاد، ونحو 2263 كيلواط في المتر الربع الواحد سنوياً في جنوب البلاد.
أنشأ "العوفي" مؤسسة "سولاك" لإدارة مشروعه الذي جسده في عام 2011، بعد أن جمع رصيداً علمياً وأكاديمياً أهله لذلك. فقد حصل العوفي على بكالوريوس في الإلكترونيات في الجزائر، ثم شهادة الماجستير من جامعة فرنسا، قبل أن يعود إلى الجزائر. وهو الآن في صدد تحضير رسالة الدكتوراه في التخصص نفسه.
يقول العوفي لـ "العربي الجديد" إن بدايته مع هذا المشروع كانت صعبة نوعاً ما، لأن الاهتمام بهذا الميدان كان قليلا جداً في البلاد، لكن مثابرته جعلته يمتلك السوق في الجزائر. يشرف العوفي على عدة عمليات تركيب وتجهيز الألواح الشمسية في مختلف المناطق نظراً لقلة الناشطين في هذا المجال، إذ لا يتعدى عدد المؤسسات المماثلة، عشرين مؤسسة موزعة على 48 ولاية من التراب الوطني.
ويلفت العوفي إلى أن بدايته كانت من خلال توجهه إلى الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل الشباب، وذلك من أجل الحصول على الدعم المالي والمادي لمشروعه، فقد استفاد من التخفيضات الضريبية في الفائدة المصرفية التي تمنحها الوكالة. ويؤكد أنه تمكن من تسديد جميع الديون المترتبة عليه جراء القرض المصرفي، إذ بدأ يعمل الآن بشكل أكثر راحة. ويؤكد العوفي أن قيمة مشروعه الأولية تجاوزت الـ 62 ألف دولار، وانطلق في البداية مع عاملين اثنين فقط، قبل أن يوسع نشاطه ويصل حاليا إلى تشغيل ثمانية عمال دائمين.
طموح الابتكار
ويعرب العوفي عن أمله في إيلاء الدولة مزيداً من الاهتمام في هذا المجال، وهو يؤكد أن مساعدة الدولة للراغبين في إنشاء مؤسسات ناشطة في هذا المجال، خاصة في ما يتعلق بصناعة الأجهزة المختلفة التي لها علاقة بالألواح الشمسية، تعد مشروعات ناجحة.
ويشير إلى أنه يطمح حالياً إلى إنشاء مؤسسة مصغرة أخرى، تختص في صناعة الأضواء الكاشفة التي تشتغل بالطاقة الشمسية بتكنولوجيا LED، ويلفت إلى أن الجزائر حالياً تستورد كل المنتوجات ذات الصلة بهذا النشاط، متمنياً أن يلقى الدعم الكافي من أجل إقامة مشروعه لإنجاز هذه المنتجات.
ويقول العوفي بثقة وتحد لـ "العربي الجديد": "أنا شاب أمتلك كل المؤهلات العلمية والتكنولوجية التي تمكنني من إنجاز هذا المشروع والنجاح فيه، وسأساعد على تطوير هذه الصناعة الوطنية، وتقليص فاتورة استيراد هذا النوع من المنتجات من الخارج، إذ يكلف استيرادها ثمناً باهظا".
ويضيف أن لدى الجزائر إمكانات هائلة من المساحات التي تغطيها الشمس، وبالإمكان الاعتماد عليها في إقامة محطات هائلة للطاقة الشمسية، فالتوجه الوطني الجزائري نحو الطاقة الشمسية ما زال خجولاً، عكس الدول الأوروبية، وذلك لأن ثمن الكهرباء في الجزائر زهيد جداً، وإذا ارتفع سعرها، فسيضطر الجميع إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية، فهي طاقة المستقبل الأكثر أمناً ونظافة والأقل كلفة على الإطلاق، بالإضافة لكونها طاقة صديقة للبيئة.
من جهة أخرى، يلفت العوفي إلى وجود تحديات كبيرة تواجهه وتحتاج إلى معالجات سريعة، أبرزها أنه لا يزال ينتظر منذ سنتين الحصول على الترخيص، من ولاية سيدي بلعباس لإقامة فرع لمؤسسته.
إقرأ أيضاً: آلان حكيم: لبنان يمرّ في مرحلة الصمود الإيجابي