يقول آدم سميث عام 1776م إن "اكتشاف أميركا، واكتشاف طريق الهند الشرقية عبر رأس الرجاء الصالح هما أعظم وأهم حدثين في تاريخ البشرية.. لا تستطيع حكمة البشر أن تتنبأ أية فوائد أو أية مصائب للبشرية ستنتج عن هذين الحدثين العظيمين من الآن فصاعداً".
كأن كبير الاقتصاديين يشير هنا إلى المقوم الأساسي لحصول الفجوة بين الأمة الغربية والأمم الأخرى، حاولت مجموعة من الأمم ملاحقة النهضة الغربية وتقليص الفجوة، منها ما نجح، ومنها ما فشل، أو بالأحرى أُفْشِل..
كأن كبير الاقتصاديين يشير هنا إلى المقوم الأساسي لحصول الفجوة بين الأمة الغربية والأمم الأخرى، حاولت مجموعة من الأمم ملاحقة النهضة الغربية وتقليص الفجوة، منها ما نجح، ومنها ما فشل، أو بالأحرى أُفْشِل..
أرسلت اليابان في القرن التاسع عشر حملة استطلاعية لدراسة تجربة النهضة في مصر إبان حكم محمد علي باشا، وحملة أخرى إلى أميركا.
لم يكن دخول اليابان في مقاسمة الدول الكبرى على ثروات العالم وامتناعها في أن تكون سوقاً لمنتجاتها مرغوباً فيه، في سنة 1953م وصل القائد البحري الأميركي بيري بصحبة أربع بوارج حربية إلي الساحل الياباني وألزم الحكومة اليابانية بتوقيع معاهدة لوقف القيود اليابانية على التجارة الخارجية، وتوقيع معاهدات مع أميركا وبريطانيا وفرنسا وروسيا.
هذا ما دفع الامبراطور مايجي وحكومته إلى رفع شعار "دولة غنية وجيش قوي". لم تكن المهمة سهلة، احتاج الأمر إلى دفعة قوية استهلت بتوسعة التجارة بين الأقطار اليابانية من خلال إنشاء سكة حديد يابانية، ومن خلال توسيع التعليم العام الذي ابتدأ في سنة 1872م، وما دخلت سنة 1900 إلا و90% من الأطفال مقيدون في المدارس، وأرسل آلاف من اليابانيين للدراسة في الخارج.
استطاعت اليابان أن تطور مكائن غزل القطن بأسلوب خاص مختلف عن الأسلوب الغربي يتناسب مع تكلفة رأس المال في اليابان بخلاف الهند إلى أن استطاعت من انتاج قطن أقل تكلفة من القطن الانجليزي، نجحت في تقليص سيطرة التدخل الأجنبي بفضل موقعها الجغرافي المعزول تقريباً، وبفضل قدرة العقلية اليابانية على استغلال الوقت حال غفلة القوى العظمى عنها، وهذا ما لم يحزه محمد علي باشا حيث قبرت نهضته مع تكالب القوى البريطانية والفرنسية والروسية بل حتى العثمانية، مع كونها أحرزت تقدم جيد في صناعة القطن وانشاء جيش مصري وتطوير الزراعة والتعليم إلا أن الفرضية الدولية لم تسمح بذلك.
هناك عوالم منها العالم العربي لم تدرك بعدُ أن مسألة النهضة لم تعد اليوم من أجل تحقيق رفاهية العيش، النهضة اليوم واجبة من أجل البقاء، ومقوماتها اختلفت عن ذلك العهد الذي عاش فيه مايجي وماوتسي تونج، هم استطاعوا النجاح لتحقيقهم شروط النهضة في زمنهم.
ما زالت فكرة الاقتصادي مالتوس في التضخم السكاني والصراع على الموارد المحدودة تراود ذهنية العالم الغربي، فلم يعد بالإمكان لدولة ما أن تحقق النهضة بسلام وأمان دون أن يتعرض لها أحد بالمنع والحجر، سيسمحون لها أن تحقق الرفاهية من خلال أن تكون مستهلكاً للمنتجات الغربية، أما أن تنهض وتشارك في أكل الكعكة وتخرج من كونها مستهلكاً لمنتجات السوق الغربي إلى منتج لنفسه فهذا غير مرغوب فيه.
(الكويت)