وكانت رند تبلغ من العمر ثمانية أشهر فقط حين اعتقل والدها عبد الكريم، لم يمنعها اليأس من تحقيق هدفها الذي رسمته منذ كانت طفلة، فأهالي الأسرى يجب أن يستمروا بالحياة، وينظروا للحياة بإيجابية، على حد قولها.
تقول لـ"العربي الجديد": "صحيح أن والدي أسير، لكن يجب أن تبقى معنوياتي عالية، وأن أثبت للجميع أنني أستطيع تحقيق ما أريد بالإصرار والتحدي. منذ عامي الدراسي الأول أضع أمامي هدف أن أكون فخورة بوالديّ وأن يفخر بي".
ويقضي الأسير عبد الكريم الريماوي حكما بالسجن لمدة 25 سنة، إضافة إلى سبع سنوات وقف تنفيذ، وكانت قوات الاحتلال اعتقلته في 18 يونيو/حزيران 2001، وكان وقتها يبلغ من العمر 23 سنة، بتهمة مقاومة الاحتلال ضمن مجموعات كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكرية لحركة فتح.
طيلة يوم أمس الأحد، حاولت رند معرفة نتيجتها عبر هاتفها الذكي من خلال تطبيق مخصص لمعرفة نتائج امتحان "الإنجاز"، وفي الثالثة عصرا تجمدت من الفرحة بعد أن طالعت النتيجة، رغم أن فرحتها ناقصة بغياب والدها، لكنها أخيرا ستحقق حلمها بإكمال طريق والدها الأسير الذي حرمه الاحتلال من إكمال دراسة الصحافة والإعلام.
تنتظر رند زيارتها لوالدها في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، إن سمح لها الاحتلال بذلك، بعد أن أصبحت على أبواب الجامعة، وهي تتذكر زيارتها الأولى لوالدها في سجون الاحتلال حينما كانت تبلغ سبع سنوات، برفقة جدتها لأبيها، كان ذلك بالتزامن مع عيد ميلادها السابع، وتقول لـ"العربي الجديد": "كانت الطريق طويلة حتى وصلنا إلى السجن، حينها كان الاحتلال يسمح للأسرى باحتضان أطفالهم، وحينما علمت سلطات الاحتلال أنه يوم ميلادي، منعتني من احتضان والدي، ما زلت أتذكر ذلك جيدا".
حرم عبد الكريم طيلة 17 عاما من المشاركة بمناسبات عائلته، خاصة حينما رزق بطفله مجد عبر النطف المهربة من سجون الاحتلال، قبل خمس سنوات، لكن فرحة امتحان الثانوية العامة وتفوق ابنته رند، بالنسبة إلى زوجته ليديا منقوصة، فهي ثمرة إنجاز 18 عاما كانت تتمنى فيها وجود الزوج إلى جانبها.
تقول ليديا لـ"العربي الجديد": "حينما دخلت رند صفها الأول حرمت من مشاركة والدها فرحتها، وكنت أتمنى أن لا يتواصل حرمانها إلى حين اجتيازها امتحان الثانوية العامة، لذا فإن الفرحة اليوم منقوصة".
عرف عبد الكريم بتفوق ابنته من خلال زيارات الأهالي اليوم، وأقام حفلا صغيرا، ووزع الحلوى على زملائه الأسرى، ففرحته برند، ليست كأي فرحة، إنها طفلته المدللة التي كبرت وأصبحت شابة في غيابه، "لاشك أن الدنيا لا تسعه الآن"، حسب قول زوجته.