مرة أخرى دفع الفلسطينيون، تحديداً المقدسيون، فاتورة الأعياد اليهودية من حصار للضفة للغربية وعزل للقدس المحتلة وإغلاق شامل لها، ما تسبب في تقييد حركة مئات الآلاف من العمال والموظفين وطلبة الجامعات والمدارس، وأيضاً التجار، فيما إجراءات الاحتلال الإسرائيلي خلال العيد جعلت الفلسطينيين في الأراضي المحتلة قابعين في سجن كبير.
فجر أول أمس، الخميس، بدأ أسوأ حصار لقوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، شاملاً عزل القدس وإغلاقها، وذلك لمدة 11 يوماً متتالية. وقد بدأت قوات الاحتلال تطبيق الحصار، منذ مساء يوم الأربعاء، فأعادت عن حواجزها العسكرية مئات العمال والموظفين من حَمَلَة التصاريح، الذين طُلب منهم عدم محاولة خرق أوامر قوات الاحتلال طيلة أيام العيد.
وللمرة الأولى فرضت سلطات الاحتلال حصاراً بهذا العدد المتتالي من الأيام، علماً أن الإجراءات السابقة كانت تقضي بإغلاق وعزل الحواجز ثم فتحها أمام حركة انتقال المواطنين، ليعاد بعد يومين إغلاقها، وهكذا دواليك إلى أن تنتهي فترة الأعياد اليهودية، في ظلّ شعور عام لدى المقدسيين بأن "الاحتلال يرغمهم على دفع فاتورة طقوسهم واحتفالاتهم ومناسباتهم، من دون اعتبار لما تسببه إجراءاته من معاناة في الحركة والتنقل والوصول إلى أماكن العمل، أو المدارس، وحتى المستشفيات، إضافة إلى تعطيل المعاملات الرسمية في دوائر الاحتلال المختلفة والمرتبطة معيشتهم وإقامتهم فيها، مثل وزارة الداخلية، ومؤسسة التأمين الوطني، وبلدية الاحتلال في القدس".
في هذا السياق، ذكّر مسؤول ملف القدس في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، بأن "دولة الاحتلال هي الوحيدة في العالم التي تفرض حصاراً على الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني لمجرد أن توفر المتعة والراحة لمستوطنيها ليحتفلوا بأعيادهم ومناسباتهم المختلفة، من دون أية مراعاة لما تسببه إجراءاتها من خنق للناس، فوق ما هم يعانون منه من قمع وهدم لمنازلهم وملاحقة ضريبية، وقيود مشددة على حرية الحركة والتنقل والوصول إلى أماكن العبادة".
في هذا الإطار، أشار رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لم يشهد التاريخ مثيلاً لهذه الإجراءات القمعية حتى في أسوأ الظروف. فليحتفلوا بمناسباتهم كما يريدون، لكن لماذا يعاقبون شعباً بأكمله إلى هذا الحدّ؟ حتى أعيادهم مطلوب منا أن ندفع ثمنها قيوداً على الحركة ومنعاً من الوصول إلى مساجدنا وأماكن عبادتنا وحرمان طلبتنا من الالتحاق بمقاعد الدراسة. هذا احتلال هو الأبغض والأسوأ ونحن نتوقع منه كل ممارسة من القمع والاستعلاء والاستكبار بذريعة الحفاظ على أمن مستوطنيه".
اقــرأ أيضاً
وسبق أن أُعيد عشرات العمال والموظفين عن حاجز قلنديا العسكري المُقام على المدخل الشمالي للقدس المحتلة رغم حيازتهم تصاريح، ومن بينهم صحافيون وموظفون في صحيفة "القدس" المحلية، ما قلّص عدد عامليها.
في هذا الصدد، كشف أحد موظفي الصحيفة لـ"العربي الجديد"، أن جنود الاحتلال منعوه من اجتياز الحاجز وطلبوا منه عدم تكرار المحاولة حتى انتهاء فترة الأعياد اليهودية، رغم أنه كان في السنوات السابقة يسمح له بالدخول وفق التصريح استثناء، كونه يعمل في مؤسسة إعلامية لا تبعد عن الحاجز العسكري سوى نحو مائتي متر.
في حين روت الطالبة المقدسية أمل صندوقة، من جامعة بير زيت، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن سوء معاملة تعرّضت لها بينما كانت تجتاز حاجز قلنديا العسكري مشياً على الأقدام، حين استوقفتها مجندتان أخضعتاها وخمس من زميلاتها لتفتيش مهين، رغم أنها في طريقها من القدس إلى جامعتها، ما تسبب بتأخرها في الوصول إلى الجامعة.
بدوره، أبدى أحد أصحاب محال بيع الألبسة في باب العامود، أحمد دنديس، غضبه من إجراءات الاحتلال حتى داخل البلدة القديمة من القدس المحاصرة والمعزولة. ودخل أيضاً في مشادة كلامية مع جنود الاحتلال عند مدخل باب العامود المؤدي إلى القدس العتيقة، بعد أن أوقف الجنود نجله وفتشوه. ثم أطلقت بلدية الاحتلال طواقمها لمداهمة محله، ومصادرة بسطات من باعة متجولين قرب المحل رغم أعيادهم. وأضاف دنديس في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "في القدس حين يتعلق الأمر بالمقدسيين لا تعطل دوائر الاحتلال أبداً، بل تنشط أكثر، وهو ما نلمسه على الدوام".
غضب دنديس أيضاً انصبّ في جزء منه على السلطة الفلسطينية وعلى حكومتها التي لم تفِ حتى الآن بما قررته من صرف مساعدات مالية لتجار القدس القديمة عبر هبة الأقصى الأخيرة، مؤكداً أن "أحداً من التجار لم يتسلم فلساً واحداً حتى الآن رغم اشتداد ضراوة الحملة الاحتلالية بحقهم. ولا يمر يوم من دون أن تُدَاهَم أسواق ومحال تجارية ويفرض الاحتلال مزيداً من الضرائب على التجار". وأضاف أنه "بالكاد ما قررته الحكومة يفي بأقل من واحد في المائة من التزامات التجار، لكن حجراً يسند صخرة".
كان الاحتلال وفي تبريره لإجراءات غير المسبوقة والتي توافق عليها الجيش وشرطة الاحتلال، قد ادّعى أن الإغلاق الطويل على القدس وحصار الضفة هدفه منع الاحتكاك بين الفلسطينيين والمستوطنين خلال الأعياد اليهودية، خصوصاً بعد العملية الفدائية على مدخل مستوطنة "هارادار"، شمال غربي القدس، والتي نفذها الشهيد نمر جمل، من بلدة بيت سوريك، شمال غربي القدس، لتوفير شعور بالأمن للمستوطنين خلال تنظيمهم هذه الاحتفالات.
بيْد أن الواقع دحض رواية الاحتلال، مع تدفق أعداد كبيرة من المستوطنين للقدس القديمة، ونظمت مسيرات استفزازية انتهت إلى حائط البراق، لتعود ثانية عند بوابات الأقصى وسط حلقات رقص هستيرية ومحاولة اقتحام بالقوة لبواباته. كما حدث في منطقة القطانين، وباب الحديد، وبالقرب من باب المجلس الذي شهد عراكاً بين الجنود وسكان الجالية الأفريقية هناك، بعد إصابة جندي بحجر في رأسه، وذلك في وقتٍ توالت الاقتحامات للمسجد الأقصى، وسط دعوات لمزيد منها منتصف الأسبوع المقبل. وتوجه الحاخام إيهودا غليك بطلب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يسمح لنحو خمسين من أعضاء الكنيست ووزرائها بتنظيم جولة من الاقتحامات للأقصى يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين.
وتخشى الهيئات والمؤسسات الدينية المقدسية، من اعتزام قوات الاحتلال خلال فترة الأعياد اليهودية هذه إلى إغراق البلدة القديمة بالمستوطنين، وتنفيذ اقتحامات واسعة للأقصى. لذلك وجّهت خلال اليومين الماضيين، بياناً حثت فيه "كل مسلم إلى الرباط في الأقصى والدفاع عنه من أي محاولة تستهدف المساس بقدسيته"، في حين عبّر مدير عام أوقاف القدس، عزام الخطيب، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن إدانته ورفضه لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي دعت شرطة الاحتلال إلى منع لهو أطفال القدس في ساحات الأقصى والتنزه فيها، بدعوى أن ذلك ينتهك قدسية المكان. وأضاف: "نحن كأوقاف لا نعترف بالاحتلال ولا بقراراته في كل ما يتعلق بالأقصى. لنا وحدنا الصلاحية في كل ما يتعلق بشؤون إداراته والإشراف عليه".
اقــرأ أيضاً
فجر أول أمس، الخميس، بدأ أسوأ حصار لقوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، شاملاً عزل القدس وإغلاقها، وذلك لمدة 11 يوماً متتالية. وقد بدأت قوات الاحتلال تطبيق الحصار، منذ مساء يوم الأربعاء، فأعادت عن حواجزها العسكرية مئات العمال والموظفين من حَمَلَة التصاريح، الذين طُلب منهم عدم محاولة خرق أوامر قوات الاحتلال طيلة أيام العيد.
وللمرة الأولى فرضت سلطات الاحتلال حصاراً بهذا العدد المتتالي من الأيام، علماً أن الإجراءات السابقة كانت تقضي بإغلاق وعزل الحواجز ثم فتحها أمام حركة انتقال المواطنين، ليعاد بعد يومين إغلاقها، وهكذا دواليك إلى أن تنتهي فترة الأعياد اليهودية، في ظلّ شعور عام لدى المقدسيين بأن "الاحتلال يرغمهم على دفع فاتورة طقوسهم واحتفالاتهم ومناسباتهم، من دون اعتبار لما تسببه إجراءاته من معاناة في الحركة والتنقل والوصول إلى أماكن العمل، أو المدارس، وحتى المستشفيات، إضافة إلى تعطيل المعاملات الرسمية في دوائر الاحتلال المختلفة والمرتبطة معيشتهم وإقامتهم فيها، مثل وزارة الداخلية، ومؤسسة التأمين الوطني، وبلدية الاحتلال في القدس".
في هذا الإطار، أشار رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، الشيخ عكرمة صبري، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لم يشهد التاريخ مثيلاً لهذه الإجراءات القمعية حتى في أسوأ الظروف. فليحتفلوا بمناسباتهم كما يريدون، لكن لماذا يعاقبون شعباً بأكمله إلى هذا الحدّ؟ حتى أعيادهم مطلوب منا أن ندفع ثمنها قيوداً على الحركة ومنعاً من الوصول إلى مساجدنا وأماكن عبادتنا وحرمان طلبتنا من الالتحاق بمقاعد الدراسة. هذا احتلال هو الأبغض والأسوأ ونحن نتوقع منه كل ممارسة من القمع والاستعلاء والاستكبار بذريعة الحفاظ على أمن مستوطنيه".
وسبق أن أُعيد عشرات العمال والموظفين عن حاجز قلنديا العسكري المُقام على المدخل الشمالي للقدس المحتلة رغم حيازتهم تصاريح، ومن بينهم صحافيون وموظفون في صحيفة "القدس" المحلية، ما قلّص عدد عامليها.
في هذا الصدد، كشف أحد موظفي الصحيفة لـ"العربي الجديد"، أن جنود الاحتلال منعوه من اجتياز الحاجز وطلبوا منه عدم تكرار المحاولة حتى انتهاء فترة الأعياد اليهودية، رغم أنه كان في السنوات السابقة يسمح له بالدخول وفق التصريح استثناء، كونه يعمل في مؤسسة إعلامية لا تبعد عن الحاجز العسكري سوى نحو مائتي متر.
بدوره، أبدى أحد أصحاب محال بيع الألبسة في باب العامود، أحمد دنديس، غضبه من إجراءات الاحتلال حتى داخل البلدة القديمة من القدس المحاصرة والمعزولة. ودخل أيضاً في مشادة كلامية مع جنود الاحتلال عند مدخل باب العامود المؤدي إلى القدس العتيقة، بعد أن أوقف الجنود نجله وفتشوه. ثم أطلقت بلدية الاحتلال طواقمها لمداهمة محله، ومصادرة بسطات من باعة متجولين قرب المحل رغم أعيادهم. وأضاف دنديس في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "في القدس حين يتعلق الأمر بالمقدسيين لا تعطل دوائر الاحتلال أبداً، بل تنشط أكثر، وهو ما نلمسه على الدوام".
غضب دنديس أيضاً انصبّ في جزء منه على السلطة الفلسطينية وعلى حكومتها التي لم تفِ حتى الآن بما قررته من صرف مساعدات مالية لتجار القدس القديمة عبر هبة الأقصى الأخيرة، مؤكداً أن "أحداً من التجار لم يتسلم فلساً واحداً حتى الآن رغم اشتداد ضراوة الحملة الاحتلالية بحقهم. ولا يمر يوم من دون أن تُدَاهَم أسواق ومحال تجارية ويفرض الاحتلال مزيداً من الضرائب على التجار". وأضاف أنه "بالكاد ما قررته الحكومة يفي بأقل من واحد في المائة من التزامات التجار، لكن حجراً يسند صخرة".
كان الاحتلال وفي تبريره لإجراءات غير المسبوقة والتي توافق عليها الجيش وشرطة الاحتلال، قد ادّعى أن الإغلاق الطويل على القدس وحصار الضفة هدفه منع الاحتكاك بين الفلسطينيين والمستوطنين خلال الأعياد اليهودية، خصوصاً بعد العملية الفدائية على مدخل مستوطنة "هارادار"، شمال غربي القدس، والتي نفذها الشهيد نمر جمل، من بلدة بيت سوريك، شمال غربي القدس، لتوفير شعور بالأمن للمستوطنين خلال تنظيمهم هذه الاحتفالات.
وتخشى الهيئات والمؤسسات الدينية المقدسية، من اعتزام قوات الاحتلال خلال فترة الأعياد اليهودية هذه إلى إغراق البلدة القديمة بالمستوطنين، وتنفيذ اقتحامات واسعة للأقصى. لذلك وجّهت خلال اليومين الماضيين، بياناً حثت فيه "كل مسلم إلى الرباط في الأقصى والدفاع عنه من أي محاولة تستهدف المساس بقدسيته"، في حين عبّر مدير عام أوقاف القدس، عزام الخطيب، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن إدانته ورفضه لقرار المحكمة العليا الإسرائيلية التي دعت شرطة الاحتلال إلى منع لهو أطفال القدس في ساحات الأقصى والتنزه فيها، بدعوى أن ذلك ينتهك قدسية المكان. وأضاف: "نحن كأوقاف لا نعترف بالاحتلال ولا بقراراته في كل ما يتعلق بالأقصى. لنا وحدنا الصلاحية في كل ما يتعلق بشؤون إداراته والإشراف عليه".