يبدو الفلسطينيون وكأنهم في شوقٍ إلى "المونديال". ضاقوا ذرعاً بمضايقات الاحتلال الإسرائيلي الذي أنساهم طعم الفرح. الرهان إذاً على المباريات، التي تجمعهم وتنسيهم همومهم، وإن لبعض الوقت.
وضع محمد رضوان، صاحب مقهى "البيارة" في شمال قطاع غزة، قضباناً حديدية في فناء المقهى استعداداً لتعليق شاشة عرض كبيرة. أنهكته التحضيرات. مع ذلك، يبدو سعيداً. يقول: إن الأجواء الجميلة التي تُصاحب مشاهدة المباريات قد تكسر قليلاً من حدة الحصار المفروض على القطاع.
بدوره، يلفت مسؤول العمال في المقهى محمد أبو سلامة، إلى أن "هذا الموسم يعد مُربحاً للمقاهي التي تشهد ازدحاماً كبيراً". والأكثر حظاً هو من "يعلّق شاشات في كل زوايا مقهاه". وتجدر الإشارة إلى أن بعض المقاهي تفرض تذكرة بقيمة دولار واحد، للراغب في مشاهدة المباريات.
محظوظٌ أيضاً من يملك "استراحة" على شاطئ غزة. ففي هذا الطقس الحار، ليس أفضل من هواء البحر للاستمتاع بالمباريات. يقول صاحب استراحة "البسمة" على شاطئ مخيّم جباليا أبو محمد الشراقي، إنه "في صدد وضع أعلام الفرق المشاركة في المونديال"، آملاً "تعويض خسائر الأعوام الماضية". يضيف: "أعلم أن المتنفس الوحيد لأهالي غزة في فصل الصيف هو البحر، لذلك عملت على تأمين كل ما قد يحتاجونه". ويلفت إلى أن "عدداً من الغزيين يميلون إلى تشجيع المنتخب الجزائري، كونه الممثل الوحيد للوطن العربي".
البيوت الغزية أيضاً تستعدّ لاستقبال هذا الحدث. يختار الجيران أحد البيوت، للتجمع ومشاهدة المباريات. لكن صهيب شحادة يخشى أن "يحول انقطاع الكهرباء دون مشاهدة بعضها". يقول إنه "يعشق المنتخب الاسباني. مع ذلك، يتمنى الفوز للجزائر، وإن كان يدرك أن الأمر مستحيل".
كما في غزة، يستعدّ أهالي الضفة الغربية المحتلة لانطلاقة المونديال، وإن بخجل. ثمة ما ينغص عليهم حماستهم. فصور الأسرى الاداريين المضربين عن الطعام تنتشر في الشوارع. وبهدف تشجيع الناس على مشاهدة المباريات، يقول مالك مقهى "علي بابا" ماهر خطاب: إنه سيقدم جوائز كثيرة للترفيه عن الناس في ظل المضايقات التي يمارسها الاحتلال.
بدوره، يوضح أحمد صلاح، من رام الله: أن الكأس تجمع الشباب حول الفرح. لافتاً إلى أن هذه "المظاهر غادرت حياة الفلسطينيين منذ زمن". لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن "المباريات قد تلهي الناس عن طقوسهم الرمضانية المعتادة".
لا يختلف الوضع كثيراً في القدس المحتلة. يقول طارق جيطان، إنه "ينتظر تجمعات الشباب بفارغ الصبر"، آملاً أن "يتمكن من تنظيم وقته لمتابعة العدد الأكبر من المباريات". ويضيف أن "الاحتلال الإسرائيلي ساهم في طمس مظاهر الحياة الجميلة، علماً أن الشعب الفلسطيني يحب الحياة".
من جهتها، تشير ديانا مروان، من طولكرم إلى أنها "لا تهتم عادة بكرة القدم، إلا أن هوس كأس العالم يجعلها تتابع المباريات مع أهلها". أما الطفل هشام بزبز، من بلدة سلوان الملاصقة للمسجد الأقصى في القدس المحتلة، فاتفق مع "أولاد الحارة" على مشاهدة المباريات في منزل عمه. وهو على يقين أن منتخب البرازيل الذي يشجعه، سيحمل الكأس هذا العام.