عطّلت الفوضى الأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية في ليبيا، العديد من المشروعات الجديدة في صناعتي الإسمنت والحديد، والتنقيب عن الذهب التي كان مقرراً البدء فيها العام الجاري.
وكشف مدير إدارة التعدين في المؤسسة الوطنية للتعدين في ليبيا، أحمد أبو عراج، لـ "العربي الجديد" عن توقف استثمارات كبيرة، كان مقرراً البدء فيها العام الجاري، في صناعة الإسمنت بقدرة إنتاجية إجمالية تقدّر بنحو 10.65 ملايين طن سنوياً لخمسة مصانع موزّعة على أنحاء
ليبيا. وأرجع السبب إلى الصراعات المُسلحة التي تشهدها البلاد.
تعطل مصانع إسمنت
وأوضح أبو عراج تعطل اتفاقيات وقِّعت في وقت سابق للاستثمار في صناعة الإسمنت للقطاع الخاص، بالمشاركة مع مستثمرين أجانب، منها مصنع في مصراتة بطاقة إنتاجية قدرها مليونا طن، وآخر في طبرق بطاقة 4.5 ملايين برميل يومياً، ومصنع إسمنت بطاقة 1.4مليون برميل.
وكانت ليبيا قد خططت للوصول إلى 20 مليون طن من الإسمنت، في عام 2015 لتصديره، وتغطية الاستهلاك المحلي.
ويبلغ عدد مصانع الإسمنت الموجودة حالياً في ليبيا حالياً ثمانية مصانع، بإجمالي طاقة تصميمية تصل إلى نحو 7.5 ملايين طن سنويا، منها مليون طن لإنتاج الإسمنت المقاوم للكبريتات، في حين تبلغ الطاقة التصميمية للإسمنت البورتلاندي العادي 6.1 ملايين طن سنوياً.
وقف استثمارات الحديد
ومن ناحية أخرى، أشار المسؤول الليبي، إلى أن خامات الحديد في وادي الشاطئ معروضة للاستثمار، إلا أن الأوضاع الأمنية في البلاد، جعلت الشركات العالمية تتردّد في ضخ استثمارات في هذا المجال.
وقال أبو عراج، إن هناك احتياطيات كبيرة في الحديد تقدر بخمسة مليارات طن في وادي الشاطئ تنتظر الاستثمار.
ولم تحرم البلاد من ضخ استثمارات جديدة فقط، في هذا القطاع المهم بسبب تصاعد الاضطرابات الأمنية والصراعات المسلحة، بل اضطرت ليبيا إلى تخفيض إنتاجها أيضاً، وتراجع إنتاج الشركة الليبية للحديد والصلب، المملوكة للدولة، في بداية العام الحالي 2015 إلى 33% من إجمالي طاقتها الإنتاجية، بسبب نقص كميات الغاز القادمة من شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز.
ويصل إنتاج الشركة إلى 1.7 مليون طن من الحديد، من سبعة منتجات مختلفة، أهمها حديد التسليح.
وكانت الشركة تحقق أرباحاً تبلغ 600 مليون دولار سنوياً، ولكنها لم تحقق أرباحاً خلال العام الماضي، في ظل تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية.
وتعتبر الشركة الليبية للحديد والصلب من أكبر الشركات الصناعية في ليبيا، وتقع على مساحة قدرها 1200 هكتار (الهكتار يساوي 10 آلاف متر مربع)، ويصل رأس مالها إلى ملياري دينار، بالقرب من مدينة مصراتة، على بعد 210 كيلومترات إلى الشرق من مدينة طرابلس.
توقف التنقيب عن الذهب
وكانت وزارة الصناعة الليبية طرحت العام الماضي مناقصات للاستثمار في عمليات استخراج خامات الذهب من بعض المناطق ومنها جبل العوينات والمناطق المحيطة بها، ولكن لم يتقدم لها أحد في ظل تدهور الأوضاع في البلاد.
ويقع جبل العوينات الذي تؤكد المؤشرات أنه يحتوي على الذهب، على سلسلة جبلية في منطقة حدود ليبيا-مصر-السودان، ويغطي مساحة قدرها 1500 كيلومتر مربع، ومعظم مساحته (
60 %) تقع داخل الحدود الليبية.
وصنف مجلس الذهب العالمي، ليبيا في المركز الرابع عربياً والـ31 عالمياً، بنمو يقدر بـ 50.4% على مستوى الوطن العربي، وباحتياطي يقدر بنحو 6.116 أطنان من الذهب.
وأضاف التقرير أن السعودية تحتل المرتبة الأولى باحتياطي مقداره 9.322 أطنان من الذهب، تلتها لبنان 8.286 طن، ثم الجزائر 6.173 أطنان.
ويرى خبراء المعادن أن الاستثمار في الذهب له خصائص مختلفة عن الاستثمارات الأُخرى، حيث يكون اهتمام المستثمر في سوق قوي، يتمتع بسيولة عالية، مُقارنة مع بعض أشكال الاستثمارات الأُخرى.
ويبلغ إجمالي المشاريع الاستثمارية الموجودة في ليبيا 31 مليار دينار لعدد 420 مشروعاً، منها 3.2 مليارات دينار تحت عملية التشغيل والباقي في عملية التأسيس، حسب المدير العام للهيئة العامة لتشجيع الاستثمار وشؤون الخصخصة، خالد الكيلاني، في تصريحات سابقة إلى "العربي الجديد".
وتعاني ليبيا من أوضاع اقتصادية متردية، في ظل تراجع إنتاج النفط بشدة في ليبيا، على مدى العامين الأخيرين، بسبب تدهور الوضع الأمني وتصاعد أعمال العنف والانقسام السياسي الحاد.
ويدور الصراع المُسلح في ليبيا منذ شهر يوليو/تموز من العام الماضي، بين قوات فجر ليبيا في جبهة الغرب بالعاصمة طرابلس التابعة للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته والذي عاد للانعقاد، وبين قوات الكرامة في جبهة الغرب بطبرق، التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، والبرلمان المنتخب والذي تم حله من قبل المحكمة الدستورية العليا، إلا أنه معترف به دوليا.
وزادت حدة الصراع بين جناحي السلطة رغم التفاؤل في ظل جهود المصالحة بين الطرفين، عبر حكومتي عبد الله الثني في طبرق (شرقي البلاد) وعمر الحاسي في العاصمة طرابلس.
وتصاعدت التحذيرات من حدوث عجز تام في الإيرادات المالية وتوقف الحياة، في ظل الهجمات المتلاحقة على حقول النفط.
وتراجع إنتاج النفط بشدة في ليبيا، على مدى العامين الأخيرين، بسبب تردي الوضع الأمني وتصاعد أعمال العنف والانقسام السياسي الحاد، الذي أدى إلى إغلاق العديد من الحقول والموانئ النفطية وتعطيل الصادرات، ووصل الإنتاج خلال الفترة الأخيرة إلى أقل من 400 ألف برميل يومياً، مقارنة بنحو 1.5 مليون برميل قبل اندلاع الثورة الليبية عام 2011.
ويعد النفط المصدر الرئيسي للدخل في البلاد، حيث يوفر نحو 95% من إجمالي الإيرادات.
وأكد مصرف ليبيا المركزي، في تقرير سابق، أن مصروفات الدولة خلال العام الماضي 2014، بلغت 49 مليار دينار (36.5 مليار دولار)، فيما بلغت الإيرادات نحو 20.9
مليار دينار (15.5 مليار دولار) بعجز 25.1 مليار دينار (18.7 مليار دولار)، وسط توقعات بوصول العجز خلال العام الحالي إلى 15.3 مليار دولار.
وأدى التردي الأمني والاقتصادي، إلى هروب المستثمرين والشركات الأجنبية، بالإضافة إلى مغادرة العمالة الوافدة، ولا سيما عقب قيام تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في ليبيا بذبح 21 مصريا، ما أدى إلى أزمة عمالة في بعض القطاعات، وخاصة في قطاع البناء والمقاولات.
اقرأ أيضاً:
4 سنوات عجاف للاقتصاد الليبي