فقد اعتاد سكان المدينة، خصوصاً الجزء القديم منها، والفقراء أكثر من غيرهم، شراء الفُلّ يوم الخميس أسبوعياً، كتقليد قديم، لإهدائه إلى الزوجات والأقارب أو تقديمه إلى العرسان في حفلات الزواج. إذ يضع العريس قلادة كبيرة على عنق عروسه تصل أحياناً إلى متر تقريباً، وغالباً ما يزيّن به شعر العروس.
كذلك يشيع تقديمه في حفلات أعياد الميلاد وأفراح تخرّج الطلاب من الجامعات. وهو على رأس أنواع زينة المرأة اليمنية في اللقاءات النسائية الخاصّة والحفلات العائلية، ومصدر تباهٍ وتنافس بينهنّ حول أجمل العقود المطرّزة وأكبرها.
لا توجد روايات تاريخية حول أسباب تخصيص سكّان صنعاء الخميس مناسبة لشراء الفُلّ وإهدائه إلى من يحبّون، أكثر من غيره من الأيام، لكن جاء اختيارهم لهذا اليوم على الأرجح لكونه آخر أيام العمل في الأسبوع ومناسبة للراحة الأسرية، على مشارف العطلة الأسبوعية التي تبدأ يوم الجمعة.
ويحْضر "الفُل" يومياً في تحية الصباح بين المواطنين حيث يحرصون على تحية بعضهم البعض بالقول: "صباح الفٌلّ"، تعبيراً عن النقاء والمحبة.
ولا يخلو الأدب اليمني من ذكر الفُلّ، إذ تغنّى به شعراء. ومن أشهر الأغنيات "لحجية" الشائعة في منطقة لحج، وتقول: "يا ورد يا كاذي (أحمر)، إلا يا فُلّ الوادي".
في منطقة "تهامة" شمالي اليمن، وفي "لحج" جنوباً، تنتشر رواية عن زراعة "الفُلّ" تقول إنّ الأمير لحج (أحمد فضل القمندان) هو من أتى بها من الهند، وغرسها في بستان الحسيني، ومنها انتشرت إلى مناطق أخرى.
أحد سكان صنعاء، محمد علي، قال لـ"الأناضول" إنّ "الناس اعتادوا على تخصيص يوم في الأسبوع لإهداء من يحبون هدايا جميلة يأتي الفُلّ على رأسها في إطار تعزيز أواصر العلاقة والمحبة".
سالم سالم، صاحب أحد محال بيع الفُل في العاصمة صنعاء يؤكّد أنّ "مبيعات ذلك النبات العطري تزداد الخميس أكثر من غيره". وأضاف لـ"الأناضول": "الفُلّ نبات عطريّ طبيعي لا يؤذي حتّى الذين يعانون من الحساسية".
ولفت إلى أنه يبيع يومياً ما بين 50 و100 عقد فُلّ تتراوح قيمة كلّ واحد حسب طوله وجودته ما بين 200 ريال (أقل من واحد دولار) إلى 1500 ريال (حوالي 10 دولارات، وهذه أسعار منخفضة لأنّه موسم الفلّ هذه الأيّام.
ويعمل مع سالم ثمانية عمال في بيع الفُل وجمعيهم من منطقة "الأباسي"، إحدى أشهر مناطق زراعة شجرة الفُلّ، وتقع في محافظة الحديدة غربي البلاد، التي تشتهر هي ولحج (جنوبي البلاد) بزراعته، وتكوّن مصدر رزقهم الأبرز، والسبب ارتفاع درجات الحرارة، إذ إنّ نموّه يتطلّب مناخاً استوائياً دافئاً، ويفضل 52 درجة مئوية، ولا يتحمّل البرودة.