قد يظن البعض أن مرض الجذام من الأمراض التي باتت نادرة، وأن وجوده صار بحكم المنتهي، لكن الواقع يشير إلى غير ذلك. والانطباع الأولي الخاطئ يعود إلى أن الإعلام لا يسلط الضوء عليه بالشكل الكافي، بل ينتظر اليوم العالمي للوقاية من الجذام الذي يصادف يوم 31 يناير/كانون الثاني من كل عام، كما أن البلدان الموبوءة تخفي أو ربما لا تحصي الأعداد الدقيقة لمرضاها.
ويتلازم وجود مرض الجذام عموماً مع انتشار الفقر والجهل وقلة النظافة، إضافة إلى خوف المرضى من الإعلان عن مرضهم، خصوصاً أن هؤلاء يتعرضون للنبذ والإقصاء في كل مناحي الحياة.
التحدي العالمي كان يتمثل في وصول الدول التي يستوطن فيها الجذام إلى معدل إصابة واحدة لكل 10 آلاف نسمة، ولكن هذا الهدف لا يزال بعيداً وفقاً لتقديرات منظمة الصحة العالمية.
أشارت المنظمة إلى أن عدد المصابين بالجذام في عام 2012 بلغ نحو 182 ألف شخص، في حين تم الإعلان في عام 2011 عن 228 ألف إصابة بالجذام، وأغلبية المرضى من قارتي آسيا وأفريقيا، وأكثر الدول المتضررة من بين 17 دولة تحتضن المرض هي الهند وإندونيسيا والبرازيل.
وبلغ عدد مرضى الجذام في مصر 649 حالة في عام 2011، بحسب ممثل منظمة الصحة العالمية في القاهرة الدكتور هاني حسن، مؤكدا أن هناك 700 حالة يتم الإبلاغ عنها سنويا، بينما يتم التبليغ عن 800 حالة سنويا في السودان. كما أشار إلى أن إقليم شرق البحر المتوسط يبلّغ عن 4 آلاف حالة سنويا، وأفريقيا عن 25 ألف حالة سنوياً وأميركا اللاتينية عن 27 ألف حالة سنوياً. أما كاريتاس مصر فتشير في موقعها الإلكتروني إلى وجود 15 ألف حالة تحت العلاج والمتابعة".
في المغرب تم تسجيل 37 حالة في نهاية عام 2013، ويصل عدد الحالات التي تسجل سنوياً إلى 50 إصابة بالجذام.
وتحدد منظمة الصحة العالمية الخطوات الواجب اتباعها لمحاربة الجذام، والتي يبدو أن الدول الحاضنة للمرض لم تطبقها، والتي هي بمثابة استراتيجيات صحية واجتماعية من المفترض أن تكون في صلب عمل الحكومات على مستوى وزارات الصحة والمؤسسات العاملة في المجال الصحي في البلدان الموبوءة بالمرض.
وتقتضي خطط مواجهة الجذام تعميم برامج للتوعية المجتمعية لاحتضان المرضى ورعايتهم وعدم نبذهم كما هو حاصل اليوم، وضمان الخدمات لتشخيص المرض في مراحله المبكرة وتوفير الأدوية المناسبة لعلاجه بشكل منتظم ودون مقابل، مع الإشارة إلى أن منظمة الصحة العالمية توفر العلاج المجاني للمرضى في العالم منذ عام 1995.
ويأتي في مقدمة الخطوات المطلوبة من الحكومات المعنية توفير إحصاءات دقيقة للمصابين بالمرض، ولمن هم معرضون للعدوى بحكم قربهم من المرضى، لضمان الوصول إلى كل المصابين وعلاجهم.
والقضاء على الجذام ليس مستحيلاً بدليل أن 119 بلداً من أصل 122 بلداً أصبحت خالية منه حتى عام 1985.
والجذام مرض معدٍ، ينتقل من شخص إلى آخر عبر رذاذ الفم والأنف وخلال المخالطة القريبة والمتكررة، كما بينت الدراسات أن العدوى يمكن أن تنتقل عبر الماء والتربة أيضاً.