كان منذ صغره لا يستطيع أن يداري فشله الدراسي، بل فشله في كل معاني الحياة، وكان الجميع يرونه شخصا تافها لا يقول إلا أتفه الكلمات، ولكنه كان يقولها لأصدقائه، ولكل من يعرفهم وبكل ثقة، سأصبح قاضيا، وكانت تلك الثقة ليست في نفسه أو قدراته، وليس في اجتهاده أو في توقعه أن الله سيكلل مجهوده بالنجاح، وإنما مصدر ثقته الأول والأخير والوحيد أيضاً هو والده الذي يعمل قاضيا.
ومرت الأيام والسنوات وحصل ذلك القاضي على مجموع صغير في الثانوية العامة المصرية، وكان لا يكاد يكفي لأن يدخل كلية الحقوق التي يتطلب دخولها الحصول على مجموع كبير بالنسبة للكليات الأخرى، كان لا يجتهد أو يهتم بمواده الدراسية بشكل كبير، ولكنه ومن دون أدنى مجهود يحصل كل عام على درجة الامتياز، بينما أصدقاؤه الذين لا يستطيعون إلا الاعتراف بالأمر الواقع يجتهدون وينجحون بالكاد.
أساتذة الكلية بالطبع كانوا يضعون له أعلى الدرجات، مجاملة لوالده المستشار، ليصبح معيداً في الكلية، ثم ليصبح في سلك القضاء، ويبقى زملاؤه الذين اجتهدوا ووصلوا إلى كليات أخرى أو نفس الكلية في التجنيد الإجباري لحماية حدود وطنهم، أو يكافحون من أجل أن يحيوا فقط.
هكذا هو الحال في مصر، القضاء في خدمة القاضي والقاضي في خدمة الفاسدين والقتلة الذين ينهبون ويقتلون الشعب الذي يدفع لهم رواتبهم المرتفعة من عرقه "الضرائب" لكي يظلموهم، بل ويعدموهم، وهم لا يستطيعون الحياة إلا بكد سواعدهم وعرق جبينهم، ثم يسبونهم ويقولون لهم أنتم لستم مثلنا.
ما يحدث في مصر مخالف لجميع القوانين والأديان السماوية، إنه عنصرية التمييز في كل شيء، عنصرية تسمح بالتوريث في كل شيء، في أن يموت رجل بحسرته، عمل كثيراً من أجل أولاده ووطنه بعد أن يقولوا له ابنك مرفوض بسبب وظيفة أبيك.
العنصرية في مصر وصلت إلى أبشع صورها، وأصبح نظام التوريث مقنناً ويحكم كل شيء، يحكم دخول الجيش والشرطة والقضاء وكل ما يطلقون عليه سيادياً أو جهة سيادية، في دولة أصبح الفساد فيها شيئاً طبيعياً، وغير الفساد هو الغريب، ومن يطلب عكس ذلك يصبح متهما ويلقى به في السجون.
السجون المصرية أصبحت مليئة بطلاب الجامعات والأطباء والعلماء والمهندسين والعمال، نتيجة ذلك الفساد المقنن في دولة العسكر، والتي جعلت أغلب القضاة فاسدين يصدرون أحكاما منطقها الوحيد هو تنفيذ أوامر السلطة التي تسهل لهم التوريث لأبنائهم ليقمعوا الشعب الذي يتعالون عليه، فلا شموخ إلا لشعب يعمل بأيديه ويعرق ويبحث عن الحرية ويموت ويسجن من أجل أحلامه البسيطة، والخزي وكل العار لمن قننوا التوريث والظلم ليقتلوا شعبا يريد فقط حق الحياة.
(مصر)
ومرت الأيام والسنوات وحصل ذلك القاضي على مجموع صغير في الثانوية العامة المصرية، وكان لا يكاد يكفي لأن يدخل كلية الحقوق التي يتطلب دخولها الحصول على مجموع كبير بالنسبة للكليات الأخرى، كان لا يجتهد أو يهتم بمواده الدراسية بشكل كبير، ولكنه ومن دون أدنى مجهود يحصل كل عام على درجة الامتياز، بينما أصدقاؤه الذين لا يستطيعون إلا الاعتراف بالأمر الواقع يجتهدون وينجحون بالكاد.
أساتذة الكلية بالطبع كانوا يضعون له أعلى الدرجات، مجاملة لوالده المستشار، ليصبح معيداً في الكلية، ثم ليصبح في سلك القضاء، ويبقى زملاؤه الذين اجتهدوا ووصلوا إلى كليات أخرى أو نفس الكلية في التجنيد الإجباري لحماية حدود وطنهم، أو يكافحون من أجل أن يحيوا فقط.
هكذا هو الحال في مصر، القضاء في خدمة القاضي والقاضي في خدمة الفاسدين والقتلة الذين ينهبون ويقتلون الشعب الذي يدفع لهم رواتبهم المرتفعة من عرقه "الضرائب" لكي يظلموهم، بل ويعدموهم، وهم لا يستطيعون الحياة إلا بكد سواعدهم وعرق جبينهم، ثم يسبونهم ويقولون لهم أنتم لستم مثلنا.
العنصرية في مصر وصلت إلى أبشع صورها، وأصبح نظام التوريث مقنناً ويحكم كل شيء، يحكم دخول الجيش والشرطة والقضاء وكل ما يطلقون عليه سيادياً أو جهة سيادية، في دولة أصبح الفساد فيها شيئاً طبيعياً، وغير الفساد هو الغريب، ومن يطلب عكس ذلك يصبح متهما ويلقى به في السجون.
السجون المصرية أصبحت مليئة بطلاب الجامعات والأطباء والعلماء والمهندسين والعمال، نتيجة ذلك الفساد المقنن في دولة العسكر، والتي جعلت أغلب القضاة فاسدين يصدرون أحكاما منطقها الوحيد هو تنفيذ أوامر السلطة التي تسهل لهم التوريث لأبنائهم ليقمعوا الشعب الذي يتعالون عليه، فلا شموخ إلا لشعب يعمل بأيديه ويعرق ويبحث عن الحرية ويموت ويسجن من أجل أحلامه البسيطة، والخزي وكل العار لمن قننوا التوريث والظلم ليقتلوا شعبا يريد فقط حق الحياة.
(مصر)