وشهدت مدينتا عدن والضالع نزوح عشرات الآلاف من المدنيين إلى مناطق نائية وإلى جيبوتي، وسط غياب دور منظمات الإغاثة، فيما تقف مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح عائقاً أمام إصلاح الخدمات، من أنابيب مياه ومولدات الكهرباء، وعودة الاتصالات والإنترنت، وسط حالة من الاعتقالات والخطف، تطال مواطنين وعناصر في "المقاومة الشعبية الجنوبية" في أكثر من مدينة، حسب تأكيدات منظمات حقوقية حذرت أيضاً "من استمرار تردي الأوضاع الإنسانية، التي وصلت إلى حد لا يطاق".
اقرأ أيضاً رهان هدنة اليمن: شكوك حول إمكانية وصول المساعدات للجنوب
بدورها، أفادت مصادر حقوقية في عدن لـ"العربي الجديد" بأن "مليشيات الحوثيين والمخلوع تقوم بتنفيذ عمليات مداهمات واقتحامات متواصلة في عدد من الأحياء في المدينة، ولا سيما في الأحياء التي باتت تسيطر عليها في القلوعة والتواهي وبعض أحياء منطقة كريتر". وتشمل عمليات المليشيات "اعتقال عناصر المقاومة الشعبية أو اختطاف أقارب لهم ونهب منازلهم".
وعلى الرغم من تصعيدها المتواصل، لم تتمكن مليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع من السيطرة على أي منطقة جنوبية جديدة خلال اليومين الماضيين، بقدر ما تعرضت لخسائر على مختلف الجبهات على الرغم التعزيزات الكبيرة التي أرسلتها إلى عدد من الجبهات، في عدن وأبين وشبوة والضالع، في محاولة منها لحسم المعركة قبيل بدء الهدنة الإنسانية، لتفرض أمراً واقعاً بسيطرتها على أكبر قدر من المناطق.
إلا أن استراتيجية "المقاومة الشعبية" الجديدة في المواجهات، وعمليات الكر والفر، والتنسيق المتقدم مع قوات التحالف، أفشل مخطط قوات الحوثيين والرئيس المخلوع، حسب ما أكده مصدر في "المقاومة الشعبية" لـ"العربي الجديد".
في موازاة ذلك، استمرت طائرات التحالف في قصف مواقع لمليشيات الحوثيين والرئيس المخلوع في عدن، دمرت فيها رتلاً عسكرياً غرباً، ومواقع وثكنات في شمال ووسط المدينة. كما شنّ التحالف غارات على مواقع للحوثيين في أبين، مستهدفة اللواء 15 لليوم الثالث على التوالي. كذلك شنت غارات على الحوثيين وقوات المخلوع في منطقة مكيراس، الواقعة بين محافظتي أبين والبيضاء.
ويربط البعض بين خسائر مليشيات الحوثيين والمخلوع على الرغم من أنها لا زالت تملك قوة بشرية، وبين أنها لم تعد تملك العتاد الذي كانت تتفوق فيه بداية المواجهات، نتيجة لخسائرها أمام "المقاومة الشعبية" التي أصبحت في بعض المناطق تمتلك سلاحاً قادراً على تدمير عتاد الحوثيين والمخلوع، فضلاً عن استمرار طائرات التحالف تدمير مخازن وعتاد هذه المليشيات.
في المقابل، يرى البعض أن الحوثيين بدأوا يدّخرون جزءاً من عتادهم، ويتخوفون من حدوث أي تدخل بري للتحالف، في ظل غارات وحصار التحالف بحراً وجواً وبراً.
ويعتبر هؤلاء أن قوات الحوثيين والمخلوع قد يقعون في مأزق من ناحية التسليح، ولا سيما أن محاولات إيران لدعمهم ومدهم بالسلاح لم تنجح.
من جهتها، أفادت مصادر سياسية في الرياض لـ"العربي الجديد" بأن القضية الجنوبية تمثل محور النقاشات حالياً، وقبيل انعقاد مؤتمر الرياض نهاية الأسبوع الحالي. وأشارت إلى أن "هناك تفهماً لحساسية ووضع القضية الجنوبية من قبل الأطراف السياسية والدبلوماسية، بينما الأطراف السياسية الجنوبية المتواجدة في الرياض تبذل جهوداً كبيرة لشرح القضية الجنوبية للأطراف السياسية والدبلوماسية الخليجية، وأهمية وجود حلول مرضية لتطلعات الشارع الجنوبي".
وتتباين مواقف الأطراف السياسية حول القضية الجنوبية، فبينما تؤيد أطراف جنوبية مخرجات الحوار الوطني من ستة أقاليم وبضمانة أممية ومن مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية، يؤيد آخرون دولة اتحادية من إقليمين، فيما يرى تيار ثالث دولة اتحادية مؤقته من إقليمين، يتبعها بخمس سنوات تقرير المصير. كذلك تطالب تيارات أخرى بالانفصال الفوري، أو ما يسمى بالتحرير والاستقلال، لكن بعضها يخضع لمشاريع محلية، فيما البعض الآخر يبرز الجانب الإقليمي وتأثيره في مواقف.
وقبيل أيام من انعقاد مؤتمر الرياض، كان لافتاً تقديم كل من الرئيس اليمني الجنوبي السابق علي ناصر محمد، والقيادي الجنوبي محمد علي أحمد، الذي سبق له المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني قبل الانسحاب منه، مبادرة يوم الإثنين الماضي، في إطار ما سمياه "البحث عن مخرج سياسي يضع حداً للحرب ولمعاناة الناس المؤلمة".
وتتضمن مبادرة محمد وعلي أحمد، التي لم تلق تجاوباً من قبل أطراف الصراع الأساسية بل تعرضت لانتقادات وصلت إلى حد وصفها بـ"الإيرانية" وبأنها تهدف لـ"إرباك حوار الرياض"، الوقف الفوري للحرب من قبل جميع الأطراف، فضلاً عن الترحيب بالهدنة الإنسانية، على أن تكون أساساً لوقف إطلاق النار الدائم. ومن بين بنود المبادرة أيضاً "الانسحاب الفوري غير المشروط لوحدات الجيش والمليشيات المسلحة المتحالفة معها من محافظة عدن ومن جميع المحافظات" على أن يتزامن هذا الانسحاب مع "تسليم المحافظات لقيادات عسكرية وأمنية من أبنائها تقوم بحفظ الأمن فيها، والشروع في إنشاء قوة عسكرية وأمنية لحماية المواطنين". كما دعت المبادرة إلى "عودة كل القوى السياسية اليمنية بدون استثناء وبدون شروط إلى حوار وطني شامل تحت إشراف الأمم المتحدة ومجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي" مع الالتزام بأن تكون "تكون القضية الجنوبية محوراً أساسياً للمناقشة في أي حوار للتوصل إلى حل عادل يرتضيه شعب الجنوب ضمن حقه في تقرير مصيره".
اقرأ أيضاً اليمن: نقمة جنوبية ضدّ "الرموز الصامتين"