لا مبالغة في القول إن المتمسكين بالقضية الفلسطينية يتعاطون مع القمة الإسلامية التي تستضيفها مدينة إسطنبول التركية، اليوم الأربعاء، من أجل القدس، وكأنها الأمل الأخير باحتضان رسمي لأشكال من المنع الفعلي لتنفيذ قرار الإدارة الأميركية القاضي بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل إلى القدس. فاللاموقف غير المفاجئ الذي صدر عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، قبل أيام في القاهرة، يجعل الكثيرين يعتبرون أن القمة الإسلامية ستكون بموقفها أفضل مهما كان سقفها السياسي، وذلك نظراً للحشد الرسمي المشارك في القمة التي تتألف من 57 دولة، وأخذاً في الاعتبار أن دولاً إسلامية عديدة وازنة ترغب بالفعل في الدفع قدماً نحو مواجهة القرار الأميركي وذيوله القانونية، مثل إيران وتركيا وماليزيا. أما مستوى المقررات وفعاليتها، فتتراوح التقديرات بشأنهما، بين من يتوقع أن يقتصر الموقف على الدعم اللفظي للفلسطينيين، ومن يرى في المقابل أن هناك فرصة حقيقية لاتخاذ خطوات سياسية ودبلوماسية ومالية حقيقية لدعم صمود المقدسيين ومنع تنفيذ القرار الأميركي واحتواء آثاره على الفلسطينيين وقضيتهم.
القمة الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي، هي قمة استثنائية، ليس فقط لجهة تفعيل المنظمة، ربما للمرة الأولى، وتحميلها مسؤولية الهدف الذي تم إنشاؤها لأجله، ألا وهو الدفاع عن القدس برمزيتها لعموم المسلمين في العالم وكعاصمة لدولة فلسطين، ولكن أيضاً لجهة تخلي النظام العربي الرسمي بشكل فاضح عن القدس، بشكل لم يشهد له تاريخ القضية الفلسطينية مثيلاً، حتى أنه بات محرجاً للفلسطينيين أنفسهم ولعموم الشعوب العربية، أن يروا أحياناً أن من يدافع عن القدس ومن يتظاهر باسمها ويغضب ويعتصم، اليوم، هم شعوب غير عربية أكثر من العرب أنفسهم.
ويدخل العرب إلى القمة، اليوم، في حالة مزرية تُرجمت بالبيان الباهت ذي النقاط الـ16 لاجتماع وزراء الخارجية في القاهرة مساء السبت. ويبدو واضحاً أن عدداً من الدول العربية لا يتمنون نجاح القمة الإسلامية، وهم كانوا لا يتمنون انعقادها أصلاً، لتفادي الإحراج المتوقع عند صدور البيان الختامي لقمة إسطنبول. ويظهر هذا الانزعاج في مستوى التمثيل العربي، إذ يغيب عدد كبير من الملوك والرؤساء وأولياء العهود وحتى وزراء الخارجية عن القمة، فيرأس وفد مصر مثلاً وزير الخارجية سامح شكري، ويرأس وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في السعودية صالح آل الشيخ وفد المملكة، بينما لم تتضح بعد مشاركة كل من الإمارات، والبحرين والمغرب. وكان مفاجئاً أن تونس أيضاً تتمثل بوزير الخارجية خميس الجهيناوي لا بالرئيس الباجي قائد السبسي مثلاً، بينما يحضر زعماء ورؤساء الكويت وقطر والأردن ولبنان والسودان والصومال وفلسطين، على سبيل المثال.
وتشير التسريبات إلى أن اعتراضاً مصرياً صدر على توقيت انعقاد القمة برئاسة رجب طيب أردوغان، بينما توحي سلوكيات الحلف السعودي - الإماراتي - البحريني بأن التخلي عن القدس قد يكون وسيلة للتعاون مع إسرائيل ضد إيران. وبعد تقارب طويل منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، يبدو أن العلاقات الأردنية مع التحالف السعودي الإماراتي البحريني، تدخل في توتر بسبب القدس، إذ إن العاهل الأردني عبدالله الثاني لم يجد له نصيراً قوياً من دول المشرق العربي الكبيرة لمواجهة إعلان الإدارة الأميركية القدس عاصمة لإسرائيل، سوى تركيا، التي بدت بدورها متأهبة لملء الفراغ العربي الرسمي باستثمار رئاستها لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك على الرغم من أنها حليف للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، وتمتلك صلات مع إدارة الرئيس دونالد ترامب. واختار أردوغان التصعيد ضد إسرائيل "الإرهابية قاتلة الأطفال"، وفق تعبيره، وحتى أميركا "الشريكة في الدم الفلسطيني"، بمصطلحاته، فيما بدا خطوة أخيرة لإتمام عودة أنقرة للشرق الأوسط، بعد سنوات من التوجه غرباً.
اقــرأ أيضاً
ولا يرى مسؤول تركي في حديث لـ"العربي الجديد"، سبباً لحساسية بعض الدول العربية من الموقف التركي تجاه القدس، قائلاً إن "القدس بحرَمها تشكل حساسية عالية للأتراك، وبالنسبة لنا نحن ندافع عن مقدسات إسلامية تشكل خطاً أحمر لشعبنا، وهذا الدفاع ليس وليد اللحظة، بل نعمل منذ فترة طويلة لاستثمار صلاتنا مع الفلسطينيين والإسرائيليين لترميم الآثار الإسلامية في القدس، ودعم الفلسطينيين في غزة على قدر استطاعتنا"، مضيفاً: "أما القضايا العربية فلها أكثر من عشرين دولة عربية يجب أن تدافع عنها، بل كنا ننتظر من الدول العربية تقديراً ودعماً لمواقفنا وتنسيقاً معنا وليس حساسية".
وأشار المسؤول إلى أن سقف البيان الذي سيصدر عن القمة سيكون مرتفعاً، إذ إن تركيا بالتعاون مع عدد من الدول الأخرى المنضوية ضمن المنظمة تدفع بهذا الاتجاه، مرجحاً أن يكون سقف البيان أعلى بكثير من بيان جامعة الدول العربية، لافتاً إلى أن "المعلومات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن البيان سيتضمن أكثر من عشرين نقطة، تتمحور حول اعتراف دول المنظمة بأن تكون القدس عاصمة لفلسطين، وأيضا دعوة إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، والدفع باتجاه الضغط على الولايات المتحدة للتراجع عن قرارها عبر الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية، واتخاذ إجراءات رادعة لمنع أي دولة من السير وراء قرار واشنطن".
وعلمت "العربي الجديد" أن تركيا بالتعاون مع عدد من الدول في منظمة التعاون الإسلامية ستدفع باتجاه أن يتضمن القرار ما يلي: ــ الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة فلسطين كأمر غير قابل للنقاش، واعتبار مدينة القدس أمراً خارج كل النقاشات الإقليمية. ــ دعوة إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967 وعدم القبول بأي تدخل دولي يسمح بشرعنة هذا الاحتلال. ــ رفع الدعم المقدّم للفلسطينيين عبر تشكيل صندوق للقدس في منظمة التعاون الإسلامي. ــ اعتبار قرار الإدارة الأميركية بإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال أمراً بحكم الملغي. ــ العمل بشكل عاجل على اتخاذ الخطوات التي من شأنها أن تمنع تطبيق قرار واشنطن، ودعوة الدول الإسلامية لرفض أي ضغوط في ما يتعلق بوضع القدس. ــ الدعوة لعدم استعمال وضع القدس وسيلة للمساومات تحت اسم التقارب أو السلام مع إسرائيل، وإدانة الدول التي تعمل على ذلك، والتشهير بها. ــ العمل على وضع ضغوط كبيرة اقتصادية وسياسية على إسرائيل من خلال وقف المشاريع المشتركة مع دول المنظمة. ـــ الدعوة لسحب سفراء دول المنظمة في الولايات المتحدة للتشاور، وتحديد العلاقات وتجميدها مع الدول التي تعترف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، والضغط على المجتمع الدولي في هذا الأمر.
كما قد يتضمن البيان التأكيد على أن قرار الولايات المتحدة بإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال أدى إلى وضع الكثير من الشكوك في دور واشنطن كوسيط في عملية السلام، وأيضاً الدعوة لإنهاء الخلافات بين الدول الإسلامية لمواجهة مشاريع تهويد القدس والاحتلال الإسرائيلي. وسيشارك في القمة 57 مسؤولاً، ومن المنتظر أن يكون تمثيل 19 دولة في المنظمة على مستوى رؤساء دول، و3 على مستوى رؤساء حكومات، وواحدة على مستوى رئيس البرلمان (الجزائر)، وأخرى على مستوى نائب رئيس الحكومة (سلطنة عمان)، والباقي على مستوى وزراء الخارجية.
ويقف أردوغان شخصياً أمام تحدي تنفيذ تعهداته، إذ أمضى الأيام الماضية وهو يعد باتخاذ ما يلزم لمنع تنفيذ القرار الأميركي بالطرق الدبلوماسية، وهو ما أرفقه باتهام أميركا بأنها شريكة في الدم الإسلامي والعربي والفلسطيني بعد قرار ترامب الأخير. هذا الكلام، برأي كثيرين في الإعلام التركي والعالمي، قد يزيد من الضغوط التركية على دول القمة الإسلامية لاتخاذ إجراءات ملموسة لا تقتصر على الدعم العاطفي للقضية الفلسطينية.
وكان من اللافت أن تمثيل مصر والبحرين والإمارات والسعودية، سيكون على مستوى وزير (أو أقل بالنسبة للإمارات)، بينما يحضر القمة كل من أمير الكويت، الشيخ صباح الجابر الأحمد الصباح، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس اللبناني، ميشال عون، والرئيس السوداني، عمر البشير، والملك الأردني، عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والرئيس الصومالي، محمد عبد الله فورماجو، والرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وكذلك الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ورئيس الوزراء الماليزي، نجيب عبد الرزاق، بينما ستتمثل موريتانيا وتونس على مستوى وزراء الخارجية، في حين يرأس رئيس البرلمان الجزائري سعيد بوحجة وفد بلاده. وكذلك سيحضر القمة رئيس قبرص التركية، مصطفى أكنجي، بصفة مراقب، إلى جانب ممثلين عن الصين وروسيا وتايلاند والبوسنة والهرسك وجمهورية أفريقيا الوسطى.
اقــرأ أيضاً
القمة الرابعة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي، هي قمة استثنائية، ليس فقط لجهة تفعيل المنظمة، ربما للمرة الأولى، وتحميلها مسؤولية الهدف الذي تم إنشاؤها لأجله، ألا وهو الدفاع عن القدس برمزيتها لعموم المسلمين في العالم وكعاصمة لدولة فلسطين، ولكن أيضاً لجهة تخلي النظام العربي الرسمي بشكل فاضح عن القدس، بشكل لم يشهد له تاريخ القضية الفلسطينية مثيلاً، حتى أنه بات محرجاً للفلسطينيين أنفسهم ولعموم الشعوب العربية، أن يروا أحياناً أن من يدافع عن القدس ومن يتظاهر باسمها ويغضب ويعتصم، اليوم، هم شعوب غير عربية أكثر من العرب أنفسهم.
وتشير التسريبات إلى أن اعتراضاً مصرياً صدر على توقيت انعقاد القمة برئاسة رجب طيب أردوغان، بينما توحي سلوكيات الحلف السعودي - الإماراتي - البحريني بأن التخلي عن القدس قد يكون وسيلة للتعاون مع إسرائيل ضد إيران. وبعد تقارب طويل منذ اندلاع ثورات الربيع العربي، يبدو أن العلاقات الأردنية مع التحالف السعودي الإماراتي البحريني، تدخل في توتر بسبب القدس، إذ إن العاهل الأردني عبدالله الثاني لم يجد له نصيراً قوياً من دول المشرق العربي الكبيرة لمواجهة إعلان الإدارة الأميركية القدس عاصمة لإسرائيل، سوى تركيا، التي بدت بدورها متأهبة لملء الفراغ العربي الرسمي باستثمار رئاستها لمنظمة التعاون الإسلامي، وذلك على الرغم من أنها حليف للولايات المتحدة في حلف شمال الأطلسي، وتمتلك صلات مع إدارة الرئيس دونالد ترامب. واختار أردوغان التصعيد ضد إسرائيل "الإرهابية قاتلة الأطفال"، وفق تعبيره، وحتى أميركا "الشريكة في الدم الفلسطيني"، بمصطلحاته، فيما بدا خطوة أخيرة لإتمام عودة أنقرة للشرق الأوسط، بعد سنوات من التوجه غرباً.
ولا يرى مسؤول تركي في حديث لـ"العربي الجديد"، سبباً لحساسية بعض الدول العربية من الموقف التركي تجاه القدس، قائلاً إن "القدس بحرَمها تشكل حساسية عالية للأتراك، وبالنسبة لنا نحن ندافع عن مقدسات إسلامية تشكل خطاً أحمر لشعبنا، وهذا الدفاع ليس وليد اللحظة، بل نعمل منذ فترة طويلة لاستثمار صلاتنا مع الفلسطينيين والإسرائيليين لترميم الآثار الإسلامية في القدس، ودعم الفلسطينيين في غزة على قدر استطاعتنا"، مضيفاً: "أما القضايا العربية فلها أكثر من عشرين دولة عربية يجب أن تدافع عنها، بل كنا ننتظر من الدول العربية تقديراً ودعماً لمواقفنا وتنسيقاً معنا وليس حساسية".
وأشار المسؤول إلى أن سقف البيان الذي سيصدر عن القمة سيكون مرتفعاً، إذ إن تركيا بالتعاون مع عدد من الدول الأخرى المنضوية ضمن المنظمة تدفع بهذا الاتجاه، مرجحاً أن يكون سقف البيان أعلى بكثير من بيان جامعة الدول العربية، لافتاً إلى أن "المعلومات المتوافرة حتى الآن تشير إلى أن البيان سيتضمن أكثر من عشرين نقطة، تتمحور حول اعتراف دول المنظمة بأن تكون القدس عاصمة لفلسطين، وأيضا دعوة إسرائيل للانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، والدفع باتجاه الضغط على الولايات المتحدة للتراجع عن قرارها عبر الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية، واتخاذ إجراءات رادعة لمنع أي دولة من السير وراء قرار واشنطن".
كما قد يتضمن البيان التأكيد على أن قرار الولايات المتحدة بإعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال أدى إلى وضع الكثير من الشكوك في دور واشنطن كوسيط في عملية السلام، وأيضاً الدعوة لإنهاء الخلافات بين الدول الإسلامية لمواجهة مشاريع تهويد القدس والاحتلال الإسرائيلي. وسيشارك في القمة 57 مسؤولاً، ومن المنتظر أن يكون تمثيل 19 دولة في المنظمة على مستوى رؤساء دول، و3 على مستوى رؤساء حكومات، وواحدة على مستوى رئيس البرلمان (الجزائر)، وأخرى على مستوى نائب رئيس الحكومة (سلطنة عمان)، والباقي على مستوى وزراء الخارجية.
ويقف أردوغان شخصياً أمام تحدي تنفيذ تعهداته، إذ أمضى الأيام الماضية وهو يعد باتخاذ ما يلزم لمنع تنفيذ القرار الأميركي بالطرق الدبلوماسية، وهو ما أرفقه باتهام أميركا بأنها شريكة في الدم الإسلامي والعربي والفلسطيني بعد قرار ترامب الأخير. هذا الكلام، برأي كثيرين في الإعلام التركي والعالمي، قد يزيد من الضغوط التركية على دول القمة الإسلامية لاتخاذ إجراءات ملموسة لا تقتصر على الدعم العاطفي للقضية الفلسطينية.
وكان من اللافت أن تمثيل مصر والبحرين والإمارات والسعودية، سيكون على مستوى وزير (أو أقل بالنسبة للإمارات)، بينما يحضر القمة كل من أمير الكويت، الشيخ صباح الجابر الأحمد الصباح، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس اللبناني، ميشال عون، والرئيس السوداني، عمر البشير، والملك الأردني، عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والرئيس الصومالي، محمد عبد الله فورماجو، والرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، وكذلك الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ورئيس الوزراء الماليزي، نجيب عبد الرزاق، بينما ستتمثل موريتانيا وتونس على مستوى وزراء الخارجية، في حين يرأس رئيس البرلمان الجزائري سعيد بوحجة وفد بلاده. وكذلك سيحضر القمة رئيس قبرص التركية، مصطفى أكنجي، بصفة مراقب، إلى جانب ممثلين عن الصين وروسيا وتايلاند والبوسنة والهرسك وجمهورية أفريقيا الوسطى.