ككل يوم، أغسل وجهي لأجلكم جميعاً، سأشرب القهوة، سأمشي للعمل، سأصل ككل يوم، بلا وجه.
أخرج كل يوم بلا وجهة أخرى، أتابع الأخبار كلها، أبتسم للمارة كلهم، ألقي التحية على الجميع كأنني خُلقتُ لهذا الشيء، الشيء الذي لا يفعلهُ أحد بالمقابل لي.
ككلِّ يوم، أغلقُ باب غرفتي، أخزن رائحة السجائر، وبقايا الشراب والأوراق، لا أنظف شيئاً، ألمِّع عينايَ وقلبي لكي لا يصدأ، فأنا لا يُمكن أن أتوانى عن هذا الشيء، الشيء الذي لا تفعلونهُ كلكم، ابتسامات مجانية.
سأحكي لكم بأنني هويتُ من جبلٍ، حين كنتُ بيضةَ صقرٍ تكسرت ولا أمٌ احتضنتها، عشتُ في الغابة بلا جناح، لم أتعلم الطيران، ولا السباحة، لم أتعلم سوى الابتسام للوحوش من حولي، كأنني مهرج في سيرك أو دمية في مسرح عرائس، الوحوش التي لا تفعل هذا الشيء لي.
سأتابع سرد القصة مراراً، وكيف تعلمت النطق على يد منفي في جزيرة مهجورة، وكيف صنعنا قارباً من الأغصان، وكيف اكتشفنا النار، وكيف مات وهو يحاول الابتسام لي، لا لشيء، فقط لكي يرد الشيء بمثله، لكي يشكر من لم يقتله في هذه الغابة التي لا حدود لنزعتها الدموية. لم أدفنه، أسندت رأسه لجذع شجرة جوز هند، حملت زجاجة ترك فيها ذكرياته كلها، وأغانيه كلها، وأبحرت، سأتوقف هنا، لم أعد أذكر الرحلة، تفاصيلها اللاحقة لم تكتب، أعيشها كل يوم، لا أعرف كيف أحكي لكم عن الوصول الجزئي، وعن الخوف الكامل من الأشياء المنقوصة، أنا اليوم بلا حكاية كاملة، كأنني جسد في جزيرة مهجورة، وروح وحيدة في غابتكم. غابة تلو غابة، لم ينمُ لي جناحان بعد، أريد التحليق، أريد أن أعود صقراً كاملاً، هنا كل شيء قابل للتغيير، إلا وجوهكم، كل شيء يُردُ بمثلهِ الصفعات، الرصاص، لون الدماء، فناجين القهوة، ولكن لا شيء يُرد لأصلهِ، كلكُم في كلِّ يوم تغسلون وجوهكم لتحصلوا على نفس الوجه، لديكم البيوت والدفء واللهو كله، لديكم سعادة لا أفهمها، لديكم مشية أخرى، لديكم كل شيء لا أفهمه، فابتسم.
اليوم، فكرت بأن أترك باب الغرفة مفتوحاً، وأطرد كل الرائحة الجميلة لسجائري وأقداحي المسكوبة على الأرض، لا أحلم بأن ينبت لي غابة في غرفة، ولا أحلم بأن يصبح لي جناح هناك، سأتركها مفتوحة لكي تعود جزئياتي المفقودة، أنا الملعون بلعنة الضحك واسعادكم، والرد على قبحكم، أنا الملعون لأنني فتحت رسائل صديقي المنفي ورميتها في البحر، فاحتجزني القمقم العفن، بلا جناح وبلا لغة، كأنني مارد كل أمنياته أن يحيا بلا قيود، لكي تنتهي أمانيكم بالسعادة، والابتسام.
اقــرأ أيضاً
أخرج كل يوم بلا وجهة أخرى، أتابع الأخبار كلها، أبتسم للمارة كلهم، ألقي التحية على الجميع كأنني خُلقتُ لهذا الشيء، الشيء الذي لا يفعلهُ أحد بالمقابل لي.
ككلِّ يوم، أغلقُ باب غرفتي، أخزن رائحة السجائر، وبقايا الشراب والأوراق، لا أنظف شيئاً، ألمِّع عينايَ وقلبي لكي لا يصدأ، فأنا لا يُمكن أن أتوانى عن هذا الشيء، الشيء الذي لا تفعلونهُ كلكم، ابتسامات مجانية.
سأحكي لكم بأنني هويتُ من جبلٍ، حين كنتُ بيضةَ صقرٍ تكسرت ولا أمٌ احتضنتها، عشتُ في الغابة بلا جناح، لم أتعلم الطيران، ولا السباحة، لم أتعلم سوى الابتسام للوحوش من حولي، كأنني مهرج في سيرك أو دمية في مسرح عرائس، الوحوش التي لا تفعل هذا الشيء لي.
سأتابع سرد القصة مراراً، وكيف تعلمت النطق على يد منفي في جزيرة مهجورة، وكيف صنعنا قارباً من الأغصان، وكيف اكتشفنا النار، وكيف مات وهو يحاول الابتسام لي، لا لشيء، فقط لكي يرد الشيء بمثله، لكي يشكر من لم يقتله في هذه الغابة التي لا حدود لنزعتها الدموية. لم أدفنه، أسندت رأسه لجذع شجرة جوز هند، حملت زجاجة ترك فيها ذكرياته كلها، وأغانيه كلها، وأبحرت، سأتوقف هنا، لم أعد أذكر الرحلة، تفاصيلها اللاحقة لم تكتب، أعيشها كل يوم، لا أعرف كيف أحكي لكم عن الوصول الجزئي، وعن الخوف الكامل من الأشياء المنقوصة، أنا اليوم بلا حكاية كاملة، كأنني جسد في جزيرة مهجورة، وروح وحيدة في غابتكم. غابة تلو غابة، لم ينمُ لي جناحان بعد، أريد التحليق، أريد أن أعود صقراً كاملاً، هنا كل شيء قابل للتغيير، إلا وجوهكم، كل شيء يُردُ بمثلهِ الصفعات، الرصاص، لون الدماء، فناجين القهوة، ولكن لا شيء يُرد لأصلهِ، كلكُم في كلِّ يوم تغسلون وجوهكم لتحصلوا على نفس الوجه، لديكم البيوت والدفء واللهو كله، لديكم سعادة لا أفهمها، لديكم مشية أخرى، لديكم كل شيء لا أفهمه، فابتسم.
اليوم، فكرت بأن أترك باب الغرفة مفتوحاً، وأطرد كل الرائحة الجميلة لسجائري وأقداحي المسكوبة على الأرض، لا أحلم بأن ينبت لي غابة في غرفة، ولا أحلم بأن يصبح لي جناح هناك، سأتركها مفتوحة لكي تعود جزئياتي المفقودة، أنا الملعون بلعنة الضحك واسعادكم، والرد على قبحكم، أنا الملعون لأنني فتحت رسائل صديقي المنفي ورميتها في البحر، فاحتجزني القمقم العفن، بلا جناح وبلا لغة، كأنني مارد كل أمنياته أن يحيا بلا قيود، لكي تنتهي أمانيكم بالسعادة، والابتسام.