في مستهل زيارته لطهران، التي وصل إليها ظهر اليوم الثلاثاء، التقى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، في "لقاء خاص" من دون حضور أعضاء وفدي البلدين. وبموازاة ذلك، أجرى المسؤولون العراقيون الذين يرافقون الكاظمي خلال الزيارة لقاءات منفصلة مع نظرائهم الإيرانيين.
ولم يتسرب بعد شيء عما دار بين روحاني والكاظمي خلال "اللقاء الخاص" خلف الأبواب المغلقة، لكن خرج الرجلان بعده في مؤتمر صحافي، بتصريحات لافتة، أكدا فيها على عمق العلاقات الثنائية بين البلدين وأهميتها في مختلف المجالات، فضلا عن إرسالهما رسائل متبادلة، منها رسائل تطمينة مكشوفة، وأخرى رسائل مبطنة، وخاصة من جانب الضيف العراقي.
ويتضح من تصريحات روحاني والكاظمي أن مباحثاتهما ركزت على ملفات العلاقات الثنائية، والتنسيق المشترك في مواجهة كورونا، وقضايا إقليمية ودولية.
وبعد ترحيبه بقدوم رئيس الوزراء العراقي إلى إيران، أكد روحاني أن الكاظمي "تولى رئاسة الحكومة العراقية في ظروف حساسة للغاية"، معتبرا أن زيارته "تمثل منعطفا في العلاقات بين البلدين الشقيقين والصديقين".
وفي رسالة إيرانية، قال الرئيس الإيراني إنه "أرى لزاما علي هنا أن أستحضر البطلين في مكافحة الإرهاب، اللواء الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس"، مضيفا أنهما "عملا خلال السنوات الماضية لأجل أمن العراق".
وحول أزمة الجائحة، قال إنه "خلال الاجتماع مع رئيس الوزراء العراقي تباحثنا بشأن الظروف الصحية في المنطقة وفيروس كورونا"، مؤكدا أن "الجمهورية الإسلامية تطمئن الحكومة العراقية وشعبها بأنها ستقف بجانب العراق لتأمين المسلتزمات الصحية والأدوية بقدر ما تسمح به قدراتها".
وأشار روحاني إلى أن بلاده "لديها قدرات وإمكانيات كافية لتأمين احتياجات الشعب العراقي في مجال الأدوات الصحية والأدوية".
أما في المجال الاقتصادي، فأكد الرئيس الإيراني أن العلاقات التجارية بين البلدين "شهدت نشاطا جيدا خلال الأشهر التي مضت على تولي السيد الكاظمي رئاسة الحكومة العراقية"، مشيرا إلى "أن هناك إرادة لدى البلدين لرفع مستوى التبادل التجاري بينهما إلى 20 مليار دولار سنويا".
كما دعا روحاني إلى تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين طهران وبغداد أثناء زيارته للعراق في مارس/آذار 2019، مشيرا إلى مشروع سكة حديد "شلمجه ـ البصرة" وتنظيف شط العرب.
وقال روحاني إن "الجمهورية الإسلامية مستعدة لدعم إرساء الاستقرار والأمن في العراق والمنطقة، كما وقفت خلال السنوات الماضية إلى جانب الشعب والحكومة والجيش في العراق في مواجهة داعش".
لم يتسرب بعد شيء عما دار بين روحاني والكاظمي خلال "اللقاء الخاص" خلف الأبواب المغلقة
وعلى صعيد آخر، أشار الرئيس الإيراني إلى أنه أجرى مباحثات مع ضيفه العراقي بشأن أوضاع المنطقة واستقرارها و"دور العراق كدولة عربية قوية في المنطقة".
من جهته، أدلى رئيس الوزراء العراقي خلال المؤتمر الصحافي المشترك، بتصريحات تضمنت رسائل متعددة، منها تطمين الجانب الإيراني من خلال القول إن العراق لن يسمح بأن تكون أراضيه منطلقا لأي تهديد أو اعتداء على إيران، ومنها رسائل مبطنة، عندما قال إن "علاقاتنا الخارجية تعتمد على التوازن والابتعاد عن المحاور"، وأن "الشعب العراقي تواق لتعزيز العلاقات وفق مبدأ عدم التدخل".
وأكد الكاظمي أن زيارته اليوم إلى طهران "تؤكد أهمية الروابط التاريخية بين البلدين"، مقدما الشكر لها لدعم العراق في مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي، وفيروس كورونا. وقال إن "إيران كانت من أولى الدول التي وقفت إلى جانب العراق في محاربة الإرهاب، والشعب العراقي لن ينسى ذلك".
ودعا الكاظمي إلى التنسيق بين إيران والعراق لمواجهة التحديات التي يشكلها كورونا، مشيرا إلى أن مباحثاته مع روحاني تطرقت إلى أوضاع المنطقة وإرساء الأمن والسلام فيها، مع تأكيده على أن سياسات العراق "مبنية على حسن النية" في العلاقة مع دول الجوار.
وأضاف الكاظمي أن البلدين يواجهان تحديات اقتصادية، داعيا إلى التعاون بينهما لمواجهتها، ومشيرا إلى أنه بحث مع روحاني سبل تفعيل الاتفاقيات بين الطرفين، معربا عن أمله في أن "ترى النور قريبا".
ووصل رئيس الوزراء العراقي، ظهر اليوم الثلاثاء، إلى العاصمة الإيرانية طهران، في أول زيارة خارجية له منذ انتخابه للمنصب في أيار/مايو الماضي. وبحسب الرئاسة الإيرانية، فإن الزيارة تستغرق يومين، ويرافقه فيها وفد سياسي واقتصادي رفيع يتكون من وزراء الخارجية والنفط والكهرباء والمالية والدفاع والصحة ومستشتاره للأمن القومي العراقي.
ومن المقرر أن يلتقي الكاظمي مع المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وأمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.