لا تأخذ الدراما شكلاً ثابتاً، إذْ تتغيَّر أشكالها دوماً من فترة لأخرى. وتطوَّرت الدراما بداية أكثر من المسرح والسينما. بدأت الدراما في القرن الفائت كصناعةٍ تلفزيونيَّة انطلاقاً من روايات أدبية ونصوص مسرحيَّة، لتصبح بعد ذلك مسلسلاً مؤلّفاً من حلقات، انطلاقاً من قصّة وسيناريو وحوار، يؤدّيه ممثلون محترفون.
وبعد توسُّع المدارك ومصادر المشاهدة وكثافة الإنتاج الفني عالمياً، ظهر كاتب الدراما التلفزيوني الذي يبني النص بشكل مباشر، دون الاعتماد على أي نصوص ذات خلفية أدبيّة، روائية كانت أم مسرحية. وبذلك تطوَّر النص التلفزيوني، وظهرت أسماء كتاب على مستوى المنطقة، ودرج مصطلح "السيناريست"، ليشير إلى فئة كتاب السيناريو الذين تحمل نصوصهم خصوصية ينتظرها الجمهور، وتحرّض الممثلين على الإبداع. كما تصبحُ هذه النصوص، إذا ما حظيت بإخراجٍ حِرَفيّ، من روائع الدراما العربية.
ومع تفوق مصر في الكتابة الدراميَّة، راحت الصناعة التلفزيونية تراوح مكانها مطلع الألفية الثالثة، بعدما تكرَّرت أفكار المسلسلات، وغلبت سمة فنيَّة واحدة على طبيعية النصوص المصرية أو الخليجية أو السورية. في حين تضخَّم سوق الدراما المدبلجة التي اخترقت السوق المحلية، ووضعت شروطها. فبدت الدراما المحلية غير قادرة على المنافسة، وتراجع حضورها تدريجياً. عندها، وعت السوق المصرية لذلك مبكراً، وانطلقت في إدارة ورشات درامية، كان من أبرز أسمائها في العقد الأخير الكاتبة مريم نعوم، التي أشرفت على عدة مسلسلات مهمة، كان آخرها "في كل أسبوع يوم جمعة". ومع أن بعض هذه الأعمال عادت إلى المربّع الأوّل، وهو الاستقاء من روايات أدبية وأفلام شهيرة، إلا أن البنية الجديدة للنص قوّت صنعته، وجعلت منه إنتاجاً فريداً.
في سورية، تعثَّرت الدراما إثر الحرب، وهجرة عدد كبير من المخرجين والكتاب إلى سوق الدراما البديلة، والتي عَنونَت نفسها بـ"المشتركة". وهناك تحولت النصوص إلى سوق للعرض والطلب، واقتحم مفهوم "الفورمات" السوق بشكل فج. فبدت غالبية الأعمال العربيَّة المشتركة نسخاً مُقلَّدة بشكل سيئ، من أعمال عالمية لاقت نجاحاً في بلادها الأًصلية مثل "تشيللو" و"نص يوم" و"لو" و"الهيبة". بالمقابل شهدت السنوات الأخيرة دخول أسلوب الورشات إلى السوق السورية رغم تعبها الشديد، وترجم ذلك بشكل واضح من خلال تنظيم كتاب ومخرجين لورشات تدريبية لشبّان وشابات مهتمين بالسيناريو، وذلك لتقديم أقلام جديدة إلى المجال الدرامي.
اقــرأ أيضاً
وعلى أبواب موسم رمضان 2020، تظهر الأعمال التي كُتِبَت نصوصها في نظام الورشات، في مسلسلي "شارع شيكاغو" للمخرج محمد عبد العزيز، ورابع موسم لـ"الهيبة" للكاتب فؤاد حميرة والمخرج سامر البرقاوي. ورغم اختلاف ظروف العملين ومسارات الإنتاج، إلا أن اتكاء النصين على عدة كتاب، يحاولون بناء الأحداث الدراميَّة بوجود مُشرفٍ دراميّ، قد يبشِّر بولادة جديدةٍ للدراما السورية، إذا ما استطاعت أن تجمَع بين خبرة الكتاب الكبار، وروح الأقلام الشابة. وإلا فقد تفقد الدراما السورية أبرز أسباب نجاحها، وهم كتابها الناجحون الذين ما زالت أسماؤهم مطلوبة لأعمال مشتركة ولبنانية وخليجية.
وبعد توسُّع المدارك ومصادر المشاهدة وكثافة الإنتاج الفني عالمياً، ظهر كاتب الدراما التلفزيوني الذي يبني النص بشكل مباشر، دون الاعتماد على أي نصوص ذات خلفية أدبيّة، روائية كانت أم مسرحية. وبذلك تطوَّر النص التلفزيوني، وظهرت أسماء كتاب على مستوى المنطقة، ودرج مصطلح "السيناريست"، ليشير إلى فئة كتاب السيناريو الذين تحمل نصوصهم خصوصية ينتظرها الجمهور، وتحرّض الممثلين على الإبداع. كما تصبحُ هذه النصوص، إذا ما حظيت بإخراجٍ حِرَفيّ، من روائع الدراما العربية.
ومع تفوق مصر في الكتابة الدراميَّة، راحت الصناعة التلفزيونية تراوح مكانها مطلع الألفية الثالثة، بعدما تكرَّرت أفكار المسلسلات، وغلبت سمة فنيَّة واحدة على طبيعية النصوص المصرية أو الخليجية أو السورية. في حين تضخَّم سوق الدراما المدبلجة التي اخترقت السوق المحلية، ووضعت شروطها. فبدت الدراما المحلية غير قادرة على المنافسة، وتراجع حضورها تدريجياً. عندها، وعت السوق المصرية لذلك مبكراً، وانطلقت في إدارة ورشات درامية، كان من أبرز أسمائها في العقد الأخير الكاتبة مريم نعوم، التي أشرفت على عدة مسلسلات مهمة، كان آخرها "في كل أسبوع يوم جمعة". ومع أن بعض هذه الأعمال عادت إلى المربّع الأوّل، وهو الاستقاء من روايات أدبية وأفلام شهيرة، إلا أن البنية الجديدة للنص قوّت صنعته، وجعلت منه إنتاجاً فريداً.
في سورية، تعثَّرت الدراما إثر الحرب، وهجرة عدد كبير من المخرجين والكتاب إلى سوق الدراما البديلة، والتي عَنونَت نفسها بـ"المشتركة". وهناك تحولت النصوص إلى سوق للعرض والطلب، واقتحم مفهوم "الفورمات" السوق بشكل فج. فبدت غالبية الأعمال العربيَّة المشتركة نسخاً مُقلَّدة بشكل سيئ، من أعمال عالمية لاقت نجاحاً في بلادها الأًصلية مثل "تشيللو" و"نص يوم" و"لو" و"الهيبة". بالمقابل شهدت السنوات الأخيرة دخول أسلوب الورشات إلى السوق السورية رغم تعبها الشديد، وترجم ذلك بشكل واضح من خلال تنظيم كتاب ومخرجين لورشات تدريبية لشبّان وشابات مهتمين بالسيناريو، وذلك لتقديم أقلام جديدة إلى المجال الدرامي.
وعلى أبواب موسم رمضان 2020، تظهر الأعمال التي كُتِبَت نصوصها في نظام الورشات، في مسلسلي "شارع شيكاغو" للمخرج محمد عبد العزيز، ورابع موسم لـ"الهيبة" للكاتب فؤاد حميرة والمخرج سامر البرقاوي. ورغم اختلاف ظروف العملين ومسارات الإنتاج، إلا أن اتكاء النصين على عدة كتاب، يحاولون بناء الأحداث الدراميَّة بوجود مُشرفٍ دراميّ، قد يبشِّر بولادة جديدةٍ للدراما السورية، إذا ما استطاعت أن تجمَع بين خبرة الكتاب الكبار، وروح الأقلام الشابة. وإلا فقد تفقد الدراما السورية أبرز أسباب نجاحها، وهم كتابها الناجحون الذين ما زالت أسماؤهم مطلوبة لأعمال مشتركة ولبنانية وخليجية.