تعتبر أوغندا واحدة من الدول التي عانت لفترات طويلة من النزاعات الداخلية مما كان له أبعد الأُثر على العملية التعليمية، وبصورة خاصة على أداء المعلمين، وتوفر البنية التحتية والموارد التعليمية المناسبة، بالإضافة لنسب التسرب التعليمي العالية لسد حاجة الأسر الفقيرة والمهمشة، وأوغندا من تلك الدول التي لم تحقق نسبا عالية على الإطلاق فيما يخص التحاق السكان بالتعليم الثانوي.
فنسبة من يصل إلى المرحلة الثانوية فيها لا تتعدى الـ 25% من مجموع السكان، ولا تعتبر مدارس منطقة "جولو" في شمال أوغندا مختلفة عن الـ90% من مدارس أفريقيا التي تفتقر للكهرباء والإنترنت، بل تتعدى المشكلة للكتاب المدرسي نفسه الذي يعز أن يجده الطلاب لارتفاع ثمنه الذي ساوى راتب المعلم في شهر كامل، مما أدى إلى وضع صعب - أظهرته النتائج البحثية الأخيرة - هناك كتاب مدرسي واحد لكل 100 طالب.
فنسبة من يصل إلى المرحلة الثانوية فيها لا تتعدى الـ 25% من مجموع السكان، ولا تعتبر مدارس منطقة "جولو" في شمال أوغندا مختلفة عن الـ90% من مدارس أفريقيا التي تفتقر للكهرباء والإنترنت، بل تتعدى المشكلة للكتاب المدرسي نفسه الذي يعز أن يجده الطلاب لارتفاع ثمنه الذي ساوى راتب المعلم في شهر كامل، مما أدى إلى وضع صعب - أظهرته النتائج البحثية الأخيرة - هناك كتاب مدرسي واحد لكل 100 طالب.
لإيجاد حل لهذه المشكلة المعقدة قامت مؤسسة محو الأمية العالمية (ورلد ليترسي فونديشن) بتوفير حاسب لوحي يتم شحنه بالطاقة الشمسية ويتم تخزين المواد التعليمية عليه بما في ذلك خطط الدرس والقواميس والمعاجم والكتب السمعية، بالإضافة إلى الاختبارات والأنشطة الطلابية، أطلق اسم "سن بوكس" أو كتب الشمس على هذا الحل التقني تيمنا بنور الشمس التي تنير حياة البشر.
ما هي أهداف المشروع؟
يعتبر الهدف الرئيسي للمبادرة توفير التعليم عالي الجودة لما يقرب من 1.2 مليون طفل على مستوى العالم محرومين من التعليم ذي القيمة الحقيقية ويعتبر التعليم للفئات المحرومة والمهمشة الوسيلة الأساسية لتحسين ظروفها المعيشية.
وفي حديث له مع "العربي الجديد" يقول لينارد مايجر، أحد القائمين على المشروع في أوغندا، إن الأهداف يمكن تقسيمها إلى أهداف بعيدة - متوسطة وقريبة المدى. بالنسبة للأهداف قريبة المدى فهي ببساطة توفير التعليم ذي الجودة لطلبة المناطق الشمالية من أوغندا، أما الهدف متوسط المدى فيتلخص في التعاون والتشارك مع الهيئات والمؤسسات التعليمية في الدولة من أجل إجراء عدد من البحوث الإجرائية، أما الهدف بعيد المدى هو التوسع في المشروع ليشمل مناطق أعم من أوغندا وعدد من الدول المحيطة في جنوب الصحراء الكبري وربما الامتداد لدول أخرى خارج القارة الأفريقية.
لماذا أوغندا بالتحديد؟
وعند سؤاله عن السبب وراء اختيار هذه المنطقة النائية من شمال أوغندا بالتحديد (جولو) لتطبيق هذا الحل، قال لينارد إن هذه المنطقة هي إحدى المناطق التي عانت كثيرا من ويلات الحروب وعدم الاستقرار السياسي مما كان له أبعد الأثر على نسب الأمية التي تعتبر العليا على مستوى العالم، وفي نفس الوقت وجدت المؤسسة أن الحلول التقنية الأخرى القائمة على وجود شبكة إنترنت ثابتة ومستقرة أمر غير وارد، وبالتالي كان لا بد من ابتكار حل مختلف لمدارس وصفوف خارج التغطية.
المجتمع المحلي
هل يتم إشراك المجتمع المحلي في المشروع؟ وكيف؟ يجيب "لينارد" قائلا أإنه تم التعاون مع المدارس والجمعيات الأهلية والمجتمعية بالإضافة إلى وزارة التربية والتعليم والهيئات الرسمية التي كان لها دور في مراقبة ما إذا كان المشروع يتماشى مع المناهج الرسمية المعمول بها في البلاد. مثل هذه العلاقات ساهمت في خلق فرص جيدة لتطوير المشروع بناء على التغذية الراجعة وبصفة خاصة تلك التي كانت تصلنا من المعلمين والذين كانوا الشغل الشاغل للقائمين على المشروع.
فالتعاون المشترك مع المدارس والمجتمع المحلي مهم لأنهم هم "العين المراقبة " للمشروع ومدى توافقه مع النظم الثقافية والحضارية للبيئة التي سوف يطبق فيها المشروع وهذا أمر بالغ الأهمية ولا بد أن يتم التعامل معه منذ اليوم الأول وتعتبر مثل هذه العلاقات والشراكات الضمان الأول لاستدامة المشاريع التنموية في دول العالم الثالث.
أثناء المرحلة التجريبية للمشروع تم توفير الحواسيب اللوحية مجاناً للمعلمين، أما بعد ذلك فقد كان النموذج المالي يعتمد على التسجيل للمشروع في مقابل مبلغ زهيد، وتعود التكلفة الرئيسية إلى ضرورة عملية تحويل المناهج المتاحة إلى المحلية بالترجمة أو بالتعديل بما يتوافق والبيئة المحلية وهو أمر سوف تقوم به الهيئات والجمعيات المحلية التي يتم تزويدها بالأجهزة والتقنيات الحديثة. أما ما يتعلق بالمحتوى فهو أمر معقد ومن المهم أن تقوم به الهيئات المحلية المعنية.
ويقول "لينارد" في حديثة لـ "العربي الجديد"، إن وزارة التعليم الأوغندية أظهرت اهتماماً كبيراً بالمشروع وكذلك عدد من الكيانات الأخرى بعدما استطعنا قياس الأثر وهناك رغبة في تغطية ولو جزءاً من التكلفة الكلية للمشروع.
تحديات المشروع
تقديم المحتوى بما يتوافق والبيئة المحلية من لغة وصور ومفاهيم هو التحدي الأكبر بالنسبة للقائمين على المشروع، والتحدي الثاني كان بناء القدرات والكفاءات وهو الأمر الذي يحتاج لتمويل وموارد مالية. بالنسبة للتحدي الأول وجدنا - بحسب كلام "لينارد" - أن أمثل الطرق هي التعامل مع وزارة التربية والتعليم والهيئات الحكومية والمؤسسات في الدولة التي لديها الخبرة وباع طويل في عملية الترجمة وتحويل المحتوى للـ"محلية" والتي تتوفر لديها الموارد والكفاءات المدربة، فبالإضافة لعملية الترجمة للغة المحلية كان من المهم أن نعمل على أن يكون المحتوى المقدم مناسبا ومتوافقا واحتياجات معلمي شمال أوغندا ويساهم برفع مستوى العملية التعليمية من خلال رفع حافزية المعلمين على القيام بالأدوار المناطة بهم.
خطط مستقبلية
ويعرب "لينارد" عن رغبة مؤسسة "ورلد ليترسي فونديشن" (محو الأمية العالمية) في التوسع بعدما ظهرت نتائج المشروع الإيجابية والناجحة في شمال أوغندا، على أن تبدأ عملية التوسع في "أوغندا نفسها"، وبعدها يمكن التمدد لدول ومناطق أخرى تعاني أيضاً من نفس إشكالية التواجد خارج "شبكة الإنترنت".
ويضيف "لينارد" أن كلامه عن النجاح والنتائح الإيجابية للمشروع مبنية على الدراسات التي أثبتت توجهاً أكثر إيجابية لعملية التعليم واختلافا في أنماط التدريس، مما أدى لتفاعل أعلى للطلاب مع المادة المقدمة ونسب حضور أعلى في الصفوف التي استخدمت فيها "كتب الشمس" وبالتالي كانت النتائج في مواد القراءة والرياضيات واللغة أعلى من ذي قبل.