وسط حالة الغموض بشأن إمكانية انحسار انتشار فيروس كورونا المستجد في المستقبل القريب، أبلغت شركات كويتية وأخرى أجنبية آلاف الموظفين بإنهاء تعاقداتهم، نظرا لعدم قدرتها على توفير الرواتب، فيما لجأت شركات وبنوك إلى خفض أجور موظفيها إلى نحو النصف.
وبحسب تقديرات حديثة صادرة عن المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية (مستقل)، اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن إجمالي الخفض في رواتب القياديين في القطاع الخاص يبلغ نحو 800 مليون دولار شهريا، فيما بلغت قيمة الخفض في أجور الموظفين الحكوميين 700 مليون دولار، ليصل إجمالي التخفيضات شهريا إلى 1.5 مليار دولار.
وبدأت شركات في إبلاغ موظفيها بإنهاء خدماتهم سواء عبر البريد الإلكتروني أو من خلال الاتصال الهاتفي، وكان أبرزها مجموعة الشايع التي أبلغت موظفيها عن طريق رسالة تلفزيونية تحدث فيها الرئيس التنفيذي بالإنابة للشركة، جون هادن، لجميع الموظفين العاملين لدى العلامات التجارية التابعة لها قائلاً لهم: "لدي اليوم خبر غير سار، فقد أثرت أزمة تفشي فيروس كورونا على أعمالنا بشكل كبير وخاصة علامتنا التجارية المنتشرة في جميع محافظات الكويت، مما دفع الإدارة التنفيذية للمجموعة إلى اتخاذ قرار إنهاء خدمات العاملين في الأفرع خلال الوقت الراهن على أن نعاود الاتصال بكم في القريب العاجل".
وفي قطاع البنوك، كشف مصدر مصرفي مطلع لـ"العربي الجديد" أن بنك الكويت المركزي أبلغ الرؤساء التنفيذيين في البنوك الكويتية بضرورة خفض رواتبهم ورواتب المديرين والنواب والقيادات المصرفية مع وقف جميع المكافآت، حتى إشعار أخر في خطوة تهدف إلى ترشيد المصروفات في الوقت الحالي.
يأتي ذلك على اعتبار أن الجهاز المصرفي يعمل حاليا بنصف طاقته، مما سيكون له بالغ الأثر على أرباحه، وبالفعل بدأت البنوك التقليدية والإسلامية في إبلاغ موظفيها بالخفض وذلك وفق نسب محددة يقرها كل بنك حسب سلم الرواتب والعاملين فيه.
وكان تقرير حكومي صادر عن إدارة الاقتصاد الكلي التابع لمجلس الوزراء الكويتي، قد كشف أن الحكومة تتكبد فاتورة شهرية تقدر بنحو 3.5 مليارات دولار في حال استمرار العطلة التي منحتها الدولة للعاملين في القطاع العام من مواطنين ومقيمين بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
وكشف مصدر مصرفي لـ"العربي الجديد"، أن تحويلات الوافدين إلى بلدانهم تراجعت إلى النصف خلال شهر مارس/ آذار الماضي، بسب تخفيض الرواتب أو إنهاء الخدمات.
وتضررت قطاعات كبيرة في القطاع الخاص من قرار الغلق مثل المقاهي والصالونات النسائية والرجالية والمجمعات الترفيهية ومراكز صيانة السيارات ومحال بيع الملابس التي تعمل بها العمالة الوافدة ذات الأجور المتدنية.
وحسب بيانات حديثة صادرة عن هيئة القوى العاملة، اطلعت عليها "العربي الجديد"، فإن عدد الوافدين العاطلين عن العمل قبل أزمة كورونا بلغ 65 ألفا، متوقعة أن يصل العدد خلال الفترة المقبلة إلى 600 ألف، أغلبهم لديهم عائلات في الكويت.
من جانبه، حذر رئيس مجلس إدارة بيت التمويل الكويتي، حمد المرزوق، من الحقائق الصادمة حول أثر انخفاض أسعار النفط على الميزانية العامة للدولة، لافتا إلى أن إيرادات الكويت المتوقعة من النفط انخفضت إلى نحو 12.2 مليار دولار، وأن إجمالي رواتب القطاع الحكومي تبلغ 38 مليار دولار، والدعم 13 مليار دولار، إضافة إلى مصاريف أخرى.
وأضاف أن العجز السنوي المتوقع نتيجة لأسعار النفط الحالية سيكون في حدود 55 مليار دولار.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي، فيصل المطوع، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن القطاع الخاص تكبد خسائر فادحة بعد تلقيه صدمة فيروس كورونا المستجد، بسبب الغلق الإجباري والحظر الجزئي، محذرا من تداعيات الأزمة على الاقتصاد الكويتي وعلى الوافدين العاملين في البلاد.
وأضاف المطوع أن المؤسسات المالية والتجارية أمام مأزق حقيقي وأصبحت أمام طريقين لا ثالث لهما: إما تخفيض التكاليف والأجور أو تسريح العاملين والغلق النهائي، مطالبا الحكومة بالتدخل من أجل إنقاذ القطاع الخاص الذي يواجه خطر الإفلاس.
إلى ذلك، أكد مدير الموارد البشرية في شركة الامتياز، محمد الشمري، أن شركته طلبت من موظفيها ممن لديهم رصيد من العطل، الاستفادة الآن من إجازاتهم، فيما بدأت دراسة موسعة مع مدير الادارات بشأن تخفيض رواتب القياديين والموظفين.
وأضاف الشمري لـ"العربي الجديد" أن تخفيض أجور العاملين أصبح أمرا لا مفر منه بعد تراجع إيرادات الشركة بسبب الالتزام بالإجراءات الاحترازية للدولة، مؤكدا أن الشركة قد تضطر إلى إجراءات أكثر قسوة إذا استمر تفشي الوباء ووسط الأنباء بشأن إمكانية فرض الحظر الكلي.
ويقول عبد الله الحوامدي وهو وافد أردني يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص، لـ"العربي الجديد" إنه قد تلقى خطابا بتخفيض راتبه بنسبة 40%، لمدة 3 أشهر مقبلة، لافتا إلى أن الشركة قامت بإنهاء خدمات العشرات من زملائه.