انطلق قطار الاستغناء عن الوافدين في الكويت مع بدء أول الإجراءات الفعلية التي أعلن عنها وزير شؤون البلدية، وليد الجاسم، الذي قرر تسريح الوافدين ببلدية الكويت عقب عيد الفطر، وذلك في الوقت الذي تتزايد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد19" في صفوف العمالة الوافدة وعدم قدرة السلطات الصحية على التعامل مع الوضع الراهن.
وأعلن الجاسم، مساء أول من أمس، عن خطة جديدة للاستغناء عن الوافدين الذين يعملون في وظائف إدارية في بلدية الكويت، والاستفادة من الكوادر الوطنية، وتطبيقا لسياسة إحلال المواطنين في جميع وظائف قطاعات وإدارات البلدية ولمقتضيات المصلحة العامة.
ويتضمن قرار وزير البلدية الكويتي وقف استقبال أي طلبات لتعيين الوافدين في جميع الوظائف، وأيضا وقف استكمال إجراءات أي تعيينات جديدة وعدم تجديد أي عقود عمل للعاملين الوافدين.
وفي هذا السياق، أكد مصدر حكومي لـ "العربي الجديد" أن مجلس الوزراء يدرس مقترحا للاستغناء عن أكبر عدد من الوافدين العاملين في الوظائف الحكومية بعد انتهاء أزمة تفشي فيروس كورونا، لافتا إلى أن إجراءات تسريح العمالة الوافدة ستبدأ بعد عيد الفطر.
وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إن الحكومة الكويتية منحت الوزراء والمسؤولين الضوء الأخضر لبدء إجراءات تسريح الوافدين في إطار ما يسمى "مرحلة ما بعد كورونا"، وقال إن هناك تعليمات صدرت مؤخرا بضرورة تقليل الاعتماد على الوافدين في كافة الهيئات الحكومية، والتركيز على الكوادر الوطنية خلال الفترة المقبلة.
وبحسب إحصائية حديثة لديوان الخدمة المدنية الكويتي، اطلعت عليها "العربي الجديد" فإن عدد الوافدين العاملين في القطاعات الحكومية يبلغ نحو 82 ألفا و560 يتوزعون بين جنسيات مختلفة بواقع 5 آلاف و124 من الدول الخليجية، و51 ألفا و968 من الدول العربية، و183 أوروبيا، و27 ألفاً و708 من الجنسيات الآسيوية، و207 من الدول الأفريقية، و196 أميركيا، و9 من الجنسية الأسترالية، وألفين و273 من غير محددي الجنسية "البدون" كما يطلق عليهم في الكويت.
ويبلغ عدد الوافدين العاملين في بلدية الكويت نحو 1345 وافدا وسيتم الاستغناء عن أكثر من 1200 خلال الفترة المقبلة، فيما يعمل نحو 36 ألف وافد في وزارة الصحة الكويتية من أصل 63 ألفا، وأكثر من 34 ألف وافد في وزارة التربية بينهم 22 ألف معلم مصري، في حين يعمل نحو 3 آلاف و425 وافدا في وزارة الأشغال الكويتية، بالإضافة إلى المئات في الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة في الكويت.
وتفاعل عدد من النواب مع القرارات الحكومية، ورحبوا بخطوة وزير البلدية، حيث أشادت النائبة في البرلمان الكويتي صفاء الهاشم، التي اشتهرت مؤخرا بمهاجمة العاملين الوافدين وخصوصا المصريين، بقرار وقف تعيين الوافدين وتخفيض أعداد الموظفين الحاليين، فيما أكدت أنها ستكون متابعا شرسا لتنفيذ هذا القرار، حتى لا يكون ردة فعل فقط وتزول بانتهاء أزمة كورونا.
من جانبه، قال النائب في مجلس الأمة الكويتي، عبد الكريم الكندري، إنه سيقترح قانونا لـ "تكويت" الوظائف العامة في الدولة والجهات الحكومية والمستقلة خلال سنة من تاريخ إقرار القانون، موضحا أن الوظيفة العامة حق من حقوق المواطنين التي كفلها الدستور، وأن الأزمة الحالية أثبتت أن المواطن هو صمام الأمان للدولة، واتهم ديوان الخدمة المدنية الكويتي بالفشل في تطبيق سياسة الإحلال.
وبحسب إحصائية سابقة للهيئة العامة للمعلومات المدنية في الكويت، يبلغ عدد السكان في الكويت نحو 4 ملايين و900 ألف نسمة، بينهم مليون و420 ألف مواطن و3 ملايين و470 ألفا من الوافدين، فيما أكدت أن هناك نحو 31 ألف مواطن كويتي بلا عمل.
بدوره، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، حجاج بوخضور لـ "العربي الجديد" إن معالجة ملف تعديل التركيبة السكانية أصبح أمرا ملحا، في ظل ما شهدته الكويت في الفترة السابقة من مشكلات كبيرة خلال إجراءات مواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا.
واستبعد بوخضور الاستغناء عن كافة العمالة الوافدة في الكويت بشكل نهائي، نظرا إلى وجود فئات لا يمكن الاستغناء عنها مثل الأطباء الوافدين الذين يعملون في الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا، بالإضافة إلى مشاريع كبيرة يعمل بها عمالة من كافة الجنسيات في مختلف المهن.
على جانب آخر، حذر أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت محمد الهاجري، في حديثه لـ"العربي الجديد" من التسرع في الاستغناء عن الوافدين بصورة عشوائية، لافتا إلى أن الواقع في الكويت له أبعاد اقتصادية واجتماعية لا يمكن تجاهلها، لكنه في الوقت نفسه حمل الحكومة مسؤولية تفاقم أزمة تجارة الإقامات التي تسبب في جلب عمالة غير مدربة.