تتشابه مأساة اللاجئين السوريين. هرب جميعهم من جحيم الحرب في بلادهم إلى مأساةٍ تتفاقم يوماً بعد يوم. اختلفت حياتهم تماماً. تغيّرت أحلامهم. ربما انعدمت. تتداول المؤتمرات قصص اللجوء، وتكتفي بالبيانات والإدانات والمساعدات التي لا تصل إلى الجميع.
تكثر المخيمات العشوائية، فيما الدولة غائبة تماماً. تتحدث عن هذه المأساة في مناسبات متكررة، من دون الإعلان عن حلول. في منطقة بر الياس البقاعية حوالي 35 مخيماً عشوائياً، تضم 22000 لاجئ سوري تقريباً. انتقلوا من فقرٍ ألفوه في بلادهم إلى بؤسٍ لا يزالون عاجزين عن التعايش معه تماماً. سُلِبت حقوق أطفالهم تماماً بعدما توقف معظمهم عن الذهاب إلى المدارس. يبحث بعضهم في حاويات القمامة عن طعامٍ بعدما آلمهم الجوع.
كانت، سارة الحمد، تجلس داخل خيمتها، حين رأت شاباً عرفت أنه سوري من لهجته. ليس من سكان المخيم. يبدو أنه في جولة. انفرجت أساريرها كأنها كانت تبحث عنه. طلبت منه أن يشتري لها دواءً لابنها (16 عاماً) المصاب باللوكيميا.
هربت سارة، مع ابنها المريض وابنتها (9 سنوات) وزوجها الذي فقد يده منذ أمد بعيد من ريف حلب. لم يكن أمام هذه العائلة إلا المكوث داخل خيمة. لجأ الوالد إلى التسول بين الأحياء. كان هذا خياره الأخير. لم تعتد هذه الفتاة عملاً مماثلاً. كانت كبقية الأطفال. تذهب إلى المدرسة وتلعب مع أصدقائها. ما إن تُقارن الطفلة بين "حياتين"، حتى تنسحب دموعها على خديها تلقائياً.
في خيمة أخرى، كان، مصطفى الحميدي، يتكئ على كرسي بلاستيكي. كان يحلم، حاله حال الآباء، أن ينال ابنه الوحيد، إبراهيم، الشهادة الثانوية ويحصل على وظيفة. لكنه استبدل هذا الحلم اليوم. بات يطلب الخبز فقط.
على مقربة من خيمة، الحميدي، كان أحدهم يدندن أغنية حلبية. هو نسيم، الذي أفقدته الحرب ساقيه. يتعالى على جراحه الكثيرة. يبتسم ويغني. يقول "إن السعادة سراب. كلنا نركض خلفها". ويضيف أنها "هدف سامي، لذلك لا تتحقق إلا بوسائل سامية، وليس هناك أسمى من الابتسامة".
هرب نسيم، من منطقة طريق الباب في حلب. كان يدرس الأدب العربي. يحب الشعر ويحلم من خلاله. لكنه اليوم في خيمة، وقد خسر قدميه حين هبطت قذيفة على منزله. يقول، إنها "مأساة. تنزل القذيفة أو الصاروخ أو البرميل على البيت، ويتكفل الدمار بدفن الأموات. تصور أن تطالب بدفن موتاك، وأنت بهذا الوضع!".