اللاجئون والمهجّرون السوريون: استمرار تأييد الثورة
منذ انطلاقة الثّورة السوريّة في ربيع العام 2011، ثم تحوّلها، بعد ذلك، من ثورةٍ سلميةٍ إلى مسلحة، لم يكفّ النظام السوري عن محاولة تشويهها وقمعها ونسفها، وإخماد أصوات المعارضين له بشتى الوسائل، في محاولةٍ لتثبيت أركانه وشرعنة بقائه. ادّعى، منذ البداية، أنّ هذه الثورة "مؤامرة كونيّة" صهيو- أميركية، تحارب نظام "المقاومة"، وتدعم الجماعات الإرهابية المتطرفة في سورية. وبهذه الادعاءات، واجه النظام الاحتجاجات السلمية، في بداية الثورة، بجميع أنواع الأسلحة، لتصل إلى الكيماوي والبراميل المتفجرة. لم يكن يتوقع أن تزيد سياساته القمعية والإجرامية الشعب السوري تمسكاً بموقفه من الثورة، بل وارتفاع أصوات المؤيدين لها. فالثورة السورية، وبعد مرورها بمراحل وتطورات في السنوات الثلاث الماضية، لا تزال تحظى بتأييد الأغلبية السورية، على الرغم من مراهنة النظام بكل قوته، هو وحلفاؤه، في هذه الفترة، على إخمادها.
هذا ما أظهرته نتائج أول استطلاع مُمثل لآراء السوريين، والأوسع من نوعه، الذي نفّذه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وأعلن نتائجه في 2 يونيو/حزيران2014؛ إذ شملت العينة 5267 مستجيباً ومستجيبة من اللاجئين والمهجرين السوريين في بلدان اللجوء، موزعين على تركيا ولبنان والأردن والنازحين ضمن الأراضي السورية في الجهة المحاذية للأراضي السورية.
أظهرت نتائج الاستطلاع أنّ موقف الأغلبية، بعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الثورة، هو مؤيدٌ لها وبنسبة 60% الذين أفادوا بأن موقفهم أقرب للمعارضة وضد النظام، مقابل 13% أفادوا بأنّ موقفهم أقرب إلى مساندة النظام، في حين أنّ هنالك ما يزيد عن الربع من المستجيبين، كان لهم موقف بعيد عن الطرفين، إذ قال 11% إنهم ضد كل من النظام والمعارضة و15% محايدون، أي لم يبدوا موقفاً مؤيداً، أو معارضاً، لأي من الطرفين. وعند مقارنة مواقف المُستجيبين من الثورة السورية، بعد مرور ثلاث سنوات، مع موقفهم في الأشهر الستة الأولى من اندلاعها، تُبيّن النتائج أن نسبة التأييد للثورة ارتفعت من 52% في بداية الثورة، لتصل إلى 60%، على الرغم من تحوّلات شهدتها الثورة، والظروف التي يعيشها السوريون المُهجّرون واللاجئون، اليوم، في حين أنّ التأييد للنظام انخفض من 19% إلى 13% بعد ثلاث سنوات من بداية الثورة. وبالتالي، تبقى الدائرة المؤيدة للنظام بين المُهجرين واللاجئين السوريين محصورة بين 13% منهم فقط.
ومع إصرار النظام على تثبيت روايته أن الثورة الشعبية في سورية ما هي إلاّ مؤامرة خارجية، وعلى التشكيك في شرعيتها، عند تحوّلها إلى مواجهات مسلحة، وتأكيده أنّه يواجه جماعاتٍ مسلحة إرهابية، تهدّد الدولة والشعب السوريين على حدٍ سواء، فإن هذه الادعاءات التي سعت إلى الترهيب وتشويه الثورة لم تلق صدىً واسعاً بين السوريين. على العكس، بررت الأغلبيّة، وكما تظهره نتائج الاستطلاع، عسكرة الثورة وتسليحها بأنه جاء نتيجة حتمية لاستخدام النظام القوة المفرطة في وجه الشعب الثائر، وهذا ما دفعهم إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وعن ثورتهم. فمن بين طرحين، جرى تداولهما عن أسباب تسليح الثورة ومبرراته؛ الأول القائم على "أن استخدام النظام القتل والعنف أدّى إلى أن يحمل الناس السلاح دفاعاً عن أنفسهم" والثاني "إن المحتجين في سورية استنتجوا/ توصلوا إلى قناعة أنّه لا يمكن إسقاط النظام بدون العمل المسلح". انحازت أغلبية المُستجيبين من اللاجئين والمهجّرين السوريّين إلى العبارة الأولى، وبنسبة 67%، في حين اختار 20% العبارة الثانية، مع معارضة 10% من المستجيبين للعبارتين في تفسير أسباب تسلّح الثورة السورية.
على الرغم من محاولات النظام تعرية الثورة من سلميّتها التي استمرت في الأشهر الستة الأولى من عمر الثورة، في مواجهة نظام قمعيّ، مبنيّ على عقلية تاريخية في المواجهة العسكرية مع شعبه، وعلى الرغم من مراهنة النظام على أنّ عسكرة الثورة وتصويرها على أنها صنيعة مجموعات إرهابية مسلحة، ستؤدي إلى ترهيب المؤيدين لها؛ فإن السوريّين ما زالوا يؤكدون على الطابع الدفاعي لعسكرة الثورة، في حماية المدنيّين والمحتجّين في سورية.
وفيما يتعلّق بمحاولة النظام اكتساب شرعية سياسية، من خلال انتخابات رئاسيّة صوريّة، فقد عبّر السوريون عن رفضهم لها، وبأغلبيّة 78% من المُستجيبين الذين أفادوا بأن هذه الانتخابات التي دعا إليها النظام ليست انتخابات شرعية، وما هي إلاّ محطّة، يرتكز فيها النظام، ليستمر في قمع الشعب السوري وقتله. ويتضح من ذلك أنّ النظام لم ينجح في ترويج مسرحيته الانتخابية، وتقديم بشار الأسد على أنّه المُفوّض شعبياً ليكون رئيسهم المنتخب. فكما عبّر المُحتجّون السوريون عن مطلبهم برحيل الأسد منذ بداية الثورة، فإن هذا المطلب ما زال ثابتاً لحل الأزمة السورية، من وجهة نظر اللاجئين والمهجّرين السوريين. إذ أجمع المُستجيبون، وبنسبة 78%، على أنّه "من الأفضل لسورية، اليوم، أن يتنحى بشار الأسد عن السلطة"، وترى الأغلبية أنّ الحل الأمثل للأزمة السورية يقوم على تغيير النظام الحاكم في سورية وتنحّي الأسد، مقابل نسبة 23% من المُستجيبين ترى أن الحلّ السلميّ والتوافق بين جميع أطراف الأزمة هو الطريق إلى حل الأزمة السورية، ويبقى 6% فقط ممن يصرّون على تأييد حلّ استمرار النظام في قمع الثورة إلى أن يسحق المعارضة وينتصر.
في المُحصّلة، لم تنجح سياسات النظام السوري الدعائية السياسية والعسكرية القمعية في ردع السوريّين من تأييد ثورتهم، أو تشويه حقيقتها؛ فكما أظهرت نتائج استطلاع المركز العربي آراء السوريين اللاجئين والمهجّرين، ما زالت الأغلبية على موقفٍ معارضٍ للنظام وسياساته وانتخاباته وشرعيته، بل تزداد معارضتها له، في ظل ما تشهده الأحداث في سورية من تحوّلات وتطورات. ولعلّ مواقفهم وآراءهم الثابتة على تأييد الثورة، كما بيّنها الاستطلاع، تستشرف مستقبلاً قائماً على مطالب الثورة الأساسية في بناء دولة سورية مدنيّة، وهذا ما عبّر عنه نصف المُستجيبين، بتفضيلهم أن تكون سورية المستقبل دولة مدنيّة، مقابل تفضيل ثلثهم دولة دينيّة، و18% أفادوا بأنّه لا فرق لديهم في طبيعة الدولة السوريّة في المستقبل ما بعد نظام بشار الأسد. ما يهم أنّ الأغلبية لا ترى لبشار الأسد مكاناً في دولتهم، وأنّهم مستمرون في ثورتهم، حتى تتحقق مطالبهم الشرعية، مهما طال ذلك.
هذا ما أظهرته نتائج أول استطلاع مُمثل لآراء السوريين، والأوسع من نوعه، الذي نفّذه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وأعلن نتائجه في 2 يونيو/حزيران2014؛ إذ شملت العينة 5267 مستجيباً ومستجيبة من اللاجئين والمهجرين السوريين في بلدان اللجوء، موزعين على تركيا ولبنان والأردن والنازحين ضمن الأراضي السورية في الجهة المحاذية للأراضي السورية.
أظهرت نتائج الاستطلاع أنّ موقف الأغلبية، بعد مرور ثلاث سنوات على اندلاع الثورة، هو مؤيدٌ لها وبنسبة 60% الذين أفادوا بأن موقفهم أقرب للمعارضة وضد النظام، مقابل 13% أفادوا بأنّ موقفهم أقرب إلى مساندة النظام، في حين أنّ هنالك ما يزيد عن الربع من المستجيبين، كان لهم موقف بعيد عن الطرفين، إذ قال 11% إنهم ضد كل من النظام والمعارضة و15% محايدون، أي لم يبدوا موقفاً مؤيداً، أو معارضاً، لأي من الطرفين. وعند مقارنة مواقف المُستجيبين من الثورة السورية، بعد مرور ثلاث سنوات، مع موقفهم في الأشهر الستة الأولى من اندلاعها، تُبيّن النتائج أن نسبة التأييد للثورة ارتفعت من 52% في بداية الثورة، لتصل إلى 60%، على الرغم من تحوّلات شهدتها الثورة، والظروف التي يعيشها السوريون المُهجّرون واللاجئون، اليوم، في حين أنّ التأييد للنظام انخفض من 19% إلى 13% بعد ثلاث سنوات من بداية الثورة. وبالتالي، تبقى الدائرة المؤيدة للنظام بين المُهجرين واللاجئين السوريين محصورة بين 13% منهم فقط.
ومع إصرار النظام على تثبيت روايته أن الثورة الشعبية في سورية ما هي إلاّ مؤامرة خارجية، وعلى التشكيك في شرعيتها، عند تحوّلها إلى مواجهات مسلحة، وتأكيده أنّه يواجه جماعاتٍ مسلحة إرهابية، تهدّد الدولة والشعب السوريين على حدٍ سواء، فإن هذه الادعاءات التي سعت إلى الترهيب وتشويه الثورة لم تلق صدىً واسعاً بين السوريين. على العكس، بررت الأغلبيّة، وكما تظهره نتائج الاستطلاع، عسكرة الثورة وتسليحها بأنه جاء نتيجة حتمية لاستخدام النظام القوة المفرطة في وجه الشعب الثائر، وهذا ما دفعهم إلى حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وعن ثورتهم. فمن بين طرحين، جرى تداولهما عن أسباب تسليح الثورة ومبرراته؛ الأول القائم على "أن استخدام النظام القتل والعنف أدّى إلى أن يحمل الناس السلاح دفاعاً عن أنفسهم" والثاني "إن المحتجين في سورية استنتجوا/ توصلوا إلى قناعة أنّه لا يمكن إسقاط النظام بدون العمل المسلح". انحازت أغلبية المُستجيبين من اللاجئين والمهجّرين السوريّين إلى العبارة الأولى، وبنسبة 67%، في حين اختار 20% العبارة الثانية، مع معارضة 10% من المستجيبين للعبارتين في تفسير أسباب تسلّح الثورة السورية.
على الرغم من محاولات النظام تعرية الثورة من سلميّتها التي استمرت في الأشهر الستة الأولى من عمر الثورة، في مواجهة نظام قمعيّ، مبنيّ على عقلية تاريخية في المواجهة العسكرية مع شعبه، وعلى الرغم من مراهنة النظام على أنّ عسكرة الثورة وتصويرها على أنها صنيعة مجموعات إرهابية مسلحة، ستؤدي إلى ترهيب المؤيدين لها؛ فإن السوريّين ما زالوا يؤكدون على الطابع الدفاعي لعسكرة الثورة، في حماية المدنيّين والمحتجّين في سورية.
وفيما يتعلّق بمحاولة النظام اكتساب شرعية سياسية، من خلال انتخابات رئاسيّة صوريّة، فقد عبّر السوريون عن رفضهم لها، وبأغلبيّة 78% من المُستجيبين الذين أفادوا بأن هذه الانتخابات التي دعا إليها النظام ليست انتخابات شرعية، وما هي إلاّ محطّة، يرتكز فيها النظام، ليستمر في قمع الشعب السوري وقتله. ويتضح من ذلك أنّ النظام لم ينجح في ترويج مسرحيته الانتخابية، وتقديم بشار الأسد على أنّه المُفوّض شعبياً ليكون رئيسهم المنتخب. فكما عبّر المُحتجّون السوريون عن مطلبهم برحيل الأسد منذ بداية الثورة، فإن هذا المطلب ما زال ثابتاً لحل الأزمة السورية، من وجهة نظر اللاجئين والمهجّرين السوريين. إذ أجمع المُستجيبون، وبنسبة 78%، على أنّه "من الأفضل لسورية، اليوم، أن يتنحى بشار الأسد عن السلطة"، وترى الأغلبية أنّ الحل الأمثل للأزمة السورية يقوم على تغيير النظام الحاكم في سورية وتنحّي الأسد، مقابل نسبة 23% من المُستجيبين ترى أن الحلّ السلميّ والتوافق بين جميع أطراف الأزمة هو الطريق إلى حل الأزمة السورية، ويبقى 6% فقط ممن يصرّون على تأييد حلّ استمرار النظام في قمع الثورة إلى أن يسحق المعارضة وينتصر.
في المُحصّلة، لم تنجح سياسات النظام السوري الدعائية السياسية والعسكرية القمعية في ردع السوريّين من تأييد ثورتهم، أو تشويه حقيقتها؛ فكما أظهرت نتائج استطلاع المركز العربي آراء السوريين اللاجئين والمهجّرين، ما زالت الأغلبية على موقفٍ معارضٍ للنظام وسياساته وانتخاباته وشرعيته، بل تزداد معارضتها له، في ظل ما تشهده الأحداث في سورية من تحوّلات وتطورات. ولعلّ مواقفهم وآراءهم الثابتة على تأييد الثورة، كما بيّنها الاستطلاع، تستشرف مستقبلاً قائماً على مطالب الثورة الأساسية في بناء دولة سورية مدنيّة، وهذا ما عبّر عنه نصف المُستجيبين، بتفضيلهم أن تكون سورية المستقبل دولة مدنيّة، مقابل تفضيل ثلثهم دولة دينيّة، و18% أفادوا بأنّه لا فرق لديهم في طبيعة الدولة السوريّة في المستقبل ما بعد نظام بشار الأسد. ما يهم أنّ الأغلبية لا ترى لبشار الأسد مكاناً في دولتهم، وأنّهم مستمرون في ثورتهم، حتى تتحقق مطالبهم الشرعية، مهما طال ذلك.