"عشنا في الحرمان بهدف تعليم أولادنا"... هكذا تبدأ ابتسام محمود وهي أم لثلاثة أولاد حديثها مع "العربي الجديد". تشير ابتسام إلى أن ولدها سافر كي يكمل تعليمه في الخارج ومنذ فترة تخرج وأصبح دكتوراً في الكيمياء، لم يعد إلى لبنان بعدما وجد وظيفة تحترم كفاءته وتؤمن له الحياة اللائقة. وتؤكد ابتسام أنها توافق ابنها في خيار الهجرة "ففي بلادنا من يريد أن يدرّس في الجامعات عليه اللجوء إلى الواسطة، وهو دكتور ويستطيع أن يعمل في الخارج من دون منة من أحد. وأنا في الحقيقة لا أريده أن يعود إلى لبنان، يكفيني أن أراه مرة كل سنة، وأن أطمئن عليه". وتضيف: "حرمت من ابني بسبب الفساد والمحسوبيات الطائفية الرخيصة، وبسبب غياب الأمن وكذلك ضعف كل الضمانات الاجتماعية والوظيفية. أما في الخارج فسيحظى بالحياة الكريمة، فهذا ليس بلداً".
إذ تعيش بلدان العالم عادةً أزمات اقتصادية مرحلية محكومة بالوقت، ولكن في لبنان لا شيء مرحلياً، هنا الأزمات الاقتصادية ثابتة منذ عقود، تجدد نفسها من خلال المشكلات السياسية وغياب الخطط الاقتصادية، لا بل تغيب الموازنة منذ 2006، وتختفي معها الشفافية والقيود والدستور وبالتزامن تتزايد الديون والضرائب والأسعار وتتسع قاعدة البطالة والفقر بين المواطنين.
وكما هي العادة تضيع الأرقام الرسمية أو تُضلل، فمع مطلع العام 2016 لا يوجد رقم يحدد حجم البطالة في لبنان من قبل الدولة، باستثناء ما نشره مركز الإحصاء المركزي لمعدل البطالة منذ خمس سنوات وهو 11%، ولكن هذا الرقم ليس بدقيق، حيث يجمع الخبراء الاقتصاديون أن البطالة شهدت بعد الأزمة السورية ارتفاعاً ملحوظاً.
ولأن الأزمات المستمرة تنعكس على الجميع، فإن للأمهات اللبنانيات الحصة الأوفر منها، حيث إنهن يعانين من هجرة أولادهن أو من بطالة الشباب التي تؤدي إلى مشاكل عديدة، منها لجوء المتعطلين عن العمل إلى تعاطي المخدرات أو حمل السلاح...
تقول آمنة نصار، إن ابنها الأول عانى كثيراً في لبنان "كنت أتألم حين كان عاطلاً عن العمل. وبعد أكثر من عشرة أعوام بدأ بالعمل وتزوج، ولكي يستطيع تأمين نفقات أسرته فهو يمارس أكثر من وظيفة". وتضيف آمنة أن ابنها الثاني سافر خارج البلاد لأنه أيضاً يسعى للعيش بكرامة. وتؤكد أنها تشتاق له ولأولاده كثيراً "لكن في بلادنا فرص العمل محدودة وأتمنى أن تتغير الأحوال ويعود بشكل دائم". وتشير آمنة إلى أن ابنتها أصبحت عاطلة عن العمل اليوم بعدما عملت في مطار بيروت الدولي لأكثر من ثلاث سنوات، ولكن سوء الإدارة والمحسوبيات نالت من وظيفة ابنتها حيث أصبح العمل شاقاً جداً لها ولأمثالها من غير "المدعومين"، فاضطرت للتوقف عن العمل.
أما سعاد شقير فوضعها أسوأ من الحالتين السابقتين، فهي تعيش في منطقة حي السلم الفقيرة، زوجها توفي قبل سنوات طويلة وتحملت مشقة تربية أربعة أولاد، وهم شابان وفتاتان. تقول سعاد إنها أمضت حياتها تحاول أن تطعم وتلبس أولادها ولم تستطع تعليمهم كما يجب لأن أقساط المدارس مرتفعة، ومنذ زمن وضعتهم في إحدى المدارس الرسمية لكن طبيعة التعليم في تلك المدارس حالت دون تقدمهم في التعليم فتركوا المدرسة تباعاً في المراحل الابتدائية. تُكثر سعاد من التعبير عن قسوة الحياة أثناء حديثها، وتقول إن ابنتها الكبرى والتي تبلغ 26 عاماً تعمل في محل للألبسة في ضاحية بيروت الجنوبية براتب لا يتعدى 300 دولار شهرياً، فيما ابنها البالغ 19 عاماً عاطل عن العمل حالياً حيث أنه استطاع العمل صيفاً في أحد المسابح ولكن الآن هو في المنزل. تقول سعاد إنها لا تريد سوى العمل الجيد لأبنائها، العمل بالحد الأدنى من الراتب مع ضمان صحي، وتضيف أنها تسعى دائماً لذلك لكنها لا تفلح. وتختم سعاد أنها تعيش قهرَيْن الأول على أولادها والثاني من الدولة التي لا ترعى مواطنيها.
اقرأ أيضاً: لبنان بلا موازنة للعام الحادي عشر
إذ تعيش بلدان العالم عادةً أزمات اقتصادية مرحلية محكومة بالوقت، ولكن في لبنان لا شيء مرحلياً، هنا الأزمات الاقتصادية ثابتة منذ عقود، تجدد نفسها من خلال المشكلات السياسية وغياب الخطط الاقتصادية، لا بل تغيب الموازنة منذ 2006، وتختفي معها الشفافية والقيود والدستور وبالتزامن تتزايد الديون والضرائب والأسعار وتتسع قاعدة البطالة والفقر بين المواطنين.
وكما هي العادة تضيع الأرقام الرسمية أو تُضلل، فمع مطلع العام 2016 لا يوجد رقم يحدد حجم البطالة في لبنان من قبل الدولة، باستثناء ما نشره مركز الإحصاء المركزي لمعدل البطالة منذ خمس سنوات وهو 11%، ولكن هذا الرقم ليس بدقيق، حيث يجمع الخبراء الاقتصاديون أن البطالة شهدت بعد الأزمة السورية ارتفاعاً ملحوظاً.
ولأن الأزمات المستمرة تنعكس على الجميع، فإن للأمهات اللبنانيات الحصة الأوفر منها، حيث إنهن يعانين من هجرة أولادهن أو من بطالة الشباب التي تؤدي إلى مشاكل عديدة، منها لجوء المتعطلين عن العمل إلى تعاطي المخدرات أو حمل السلاح...
تقول آمنة نصار، إن ابنها الأول عانى كثيراً في لبنان "كنت أتألم حين كان عاطلاً عن العمل. وبعد أكثر من عشرة أعوام بدأ بالعمل وتزوج، ولكي يستطيع تأمين نفقات أسرته فهو يمارس أكثر من وظيفة". وتضيف آمنة أن ابنها الثاني سافر خارج البلاد لأنه أيضاً يسعى للعيش بكرامة. وتؤكد أنها تشتاق له ولأولاده كثيراً "لكن في بلادنا فرص العمل محدودة وأتمنى أن تتغير الأحوال ويعود بشكل دائم". وتشير آمنة إلى أن ابنتها أصبحت عاطلة عن العمل اليوم بعدما عملت في مطار بيروت الدولي لأكثر من ثلاث سنوات، ولكن سوء الإدارة والمحسوبيات نالت من وظيفة ابنتها حيث أصبح العمل شاقاً جداً لها ولأمثالها من غير "المدعومين"، فاضطرت للتوقف عن العمل.
أما سعاد شقير فوضعها أسوأ من الحالتين السابقتين، فهي تعيش في منطقة حي السلم الفقيرة، زوجها توفي قبل سنوات طويلة وتحملت مشقة تربية أربعة أولاد، وهم شابان وفتاتان. تقول سعاد إنها أمضت حياتها تحاول أن تطعم وتلبس أولادها ولم تستطع تعليمهم كما يجب لأن أقساط المدارس مرتفعة، ومنذ زمن وضعتهم في إحدى المدارس الرسمية لكن طبيعة التعليم في تلك المدارس حالت دون تقدمهم في التعليم فتركوا المدرسة تباعاً في المراحل الابتدائية. تُكثر سعاد من التعبير عن قسوة الحياة أثناء حديثها، وتقول إن ابنتها الكبرى والتي تبلغ 26 عاماً تعمل في محل للألبسة في ضاحية بيروت الجنوبية براتب لا يتعدى 300 دولار شهرياً، فيما ابنها البالغ 19 عاماً عاطل عن العمل حالياً حيث أنه استطاع العمل صيفاً في أحد المسابح ولكن الآن هو في المنزل. تقول سعاد إنها لا تريد سوى العمل الجيد لأبنائها، العمل بالحد الأدنى من الراتب مع ضمان صحي، وتضيف أنها تسعى دائماً لذلك لكنها لا تفلح. وتختم سعاد أنها تعيش قهرَيْن الأول على أولادها والثاني من الدولة التي لا ترعى مواطنيها.
اقرأ أيضاً: لبنان بلا موازنة للعام الحادي عشر