يُهدّد مرض اللشمانيا الجلدي مئات الأشخاص في عدد من مناطق غرب ليبيا، في وقت حذّر مدير المركز الوطني لمكافحة الأمراض بدر الدين النجار من احتمال تفشّي المرض بشكل أكبر بسبب عدم قدرة المركز على مجابهته. ويُسيطر الخوف على العديد من المناطق في غرب ليبيا من جرّاء انتشار المرض في مدن جديدة، إضافة إلى التي كان المرض قد انتشر فيها سابقاً، لا سيما في العاصمة طرابلس. ويرجح النجار، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن يكون عدد المصابين بالمرض قد تجاوز العشرة آلاف حالة، مؤكداً أن غياب الإحصائيات الدقيقة وقواعد البيانات يحدّ من إمكانية التعرف على مدى انتشاره بشكل دقيق. ويوضح النجار أن المركز سجل 221 إصابة بالمرض ما بين 14 و20 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وفي السياق نفسه، يؤكد مصدر من مستشفى تاورغاء أن عدد المرضى في المستشفى وصل إلى ألف، وتعدّ تاورغاء من أكثر المدن التي ينتشر فيها المرض.
وفي ما يتعلّق بقدرات المركز، الجهة الأولى المناط بها مقاومة الأمراض الداخلية، يتحدث النجار عن قلّة الإمكانيات المتوفرة، على رأسها غياب الميزانيات اللازمة، لافتاً إلى أنّ العامل الأمني وعدم استقراره يعرقل حريّة حركة الفرق الطبية إضافة إلى تأمين الدواء. يضيف أن المركز مسؤول عن تدريب الفرق الطبية على كيفية التعامل مع المرض وتقديم التقارير إلى وزارة الصحة حول مستجدات الأوضاع، إضافة إلى توزيع الدواء، و"أمام كل هذه الاستحقاقات، نحن عاجزون تماماً"، على حد تعبيره.
ويذكر النجار أنه وصلت إلى المركز كمية من الأدوية في الآونة الأخيرة، ويشرف على توزيعها حالياً لكل المناطق التي تشهد انتشاراً للمرض. لكنه يؤكد أن الكميات التي تصل غير كافية لتغطية جميع المناطق والقضاء على المرض. وما زال شبح المرض يخيّم على مناطق تفشى فيها منذ أكثر من عام. وأعلن فرع المركز الوطني لمكافحة الأمراض السارية في مدينة سرت عن تسجيل 13 حالة خلال هذا الموسم، بعدما كان قد سجل في العام الماضي 55 حالة. وفي بني وليد، وصل العدد إلى 20 حالة منذ سبتمبر/ أيلول الماضي. وفي نالوت وجادو، تجاوز الرقم 500 حالة.
من جهته، يؤكّد عضو مكتب الصحة في بلدية باطن الجبل رمضان جمعة، أن المنطقة الغربية أكثر عرضة لانتشار اللشمانيا، لافتاً إلى أنه موجود منذ عشرات السنين، وما زالت بيئته الحاضنة متوفرة على الرغم من القضاء عليه نهائياً منذ سبعينيات القرن الماضي. لكنّ مع انخفاض درجات الحرارة وهطول الأمطار، يكثر انتشار الذبابة الرملية التي تسبب المرض.
ويذكر جمعة لـ"العربي الجديد"، أن الأهالي، وبسبب النقص الحاد في الأمصال، يلجأون للعلاج في تونس القريبة من الحدود الليبية، مشيراً إلى أن غالبية المرضى في مناطق نالوت وجادو لجأوا إلى تونس.
و"اللشمانيا" مرض جلدي ينشأ نتيجة لسعة حشرة صغيرة تسمى ذبابة الرمل، التي تلسع الإنسان من دون أن يشعر بها كونها لا تصدر صوتاً عند طيرانها، وهي تنقل طفيلي اللشمانيا عن طريق مصه من دم مصاب إلى شخص سليم فينتقل إليه المرض.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد حذّرت في مناسبات سابقة هذا العام من تفشي مرض اللشمانيا في ليبيا، لا سيما مع تردي مستوى الخدمات الصحية وشح الأدوية الذي تشهده البلاد. ونظمت دورات تدريبية مكثفة خلال الأشهر الماضية في مقارها في تونس لفرق طبية ليبية للتدرب على كيفية علاج المرض والحد من انتشاره. ويلفت الطبيب في المستشفى المركزي في طرابلس جمال التركي إلى أهمية معرفة كيفية التعامل مع المرض. ويقول لـ"العربي الجديد"، إن "تركيز تصريحات المسؤولين وجهد الحكومة على استيراد الأمصال أمر غير كاف"، معتبراً أنه يجب التعامل بشكل صحيح مع المرض. ويشير إلى أنه من أخطاء التعامل مع المرض انتقاله إلى الأطباء، مؤكداً أن عدداً من الأطباء أصيبوا بالمرض، ما أدى إلى تراجع إقبال الأطباء على التعاون مع فرق وإرساليات المركز الوطني.
ويؤكّد التركي أن مستشفى طرابلس المركزي استقبل حتى الآن ثلاث إصابات باللشمانيا الجلدية، لافتاً إلى أن الجهات المسؤولة عاجزة عن تصنيف المرض. ويوضح أن المرض يؤدي إلى تقرحات مزمنة تترك أثراً مع الوقت، إضافة إلى داء الليشمانيات الحشوي من دون التمكن من تحديد عدد الإصابات حتى الآن. ويؤكد رصدها في بعض المناطق في ليبيا، لا سيما لدى شريحة الأطفال.