قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقاء مع وفد من شيوخ القبائل الليبية: "مش هندخل إلا بطلب منكم ومش هنخرج إلا بأمر منكم، ومش عايزين غير الاستقرار والسلام للشعب الليبي"، وهذا ما قاله الأتراك أيضاً، ومن قبلهم الفرنسيون والروس وغيرهم، ودخلوا جميعاً إلى ليبيا، وليس في نيّة أحدهم أن يخرج، فهناك ثروة كبيرة تُسيل اللعاب وشعب تتقاسمه الصراعات، يوفر أرضية سانحة للتدخل.
لكن الخطير في أقوال الرئيس المصري إشارته إلى دعم القبائل الليبية والاستعداد لتسليح أبنائها، ودعوة هؤلاء إلى الانخراط فيما وصفه بـ"جيش وطني موحد، وحصر السلاح في يد دولة المؤسسات دون غيرها"، أي بكل بساطة "اقتلوا بعضكم". صدرت بيانات كثيرة من جهات ليبية عدة، تندد وتتبرأ من الشخصيات التي حضرت لقاء السيسي، الخميس الماضي، منتقدة استخدام الأخير ورقة القبائل في الصراع الليبي لدعم حليفه خليفة حفتر، ضد حكومة الوفاق.
في المقابل، عندما جاء وفد من القبائل الليبية إلى الرئيس التونسي قيس سعيّد، بحث معهم إمكانية إطلاق مبادرة لحل الأزمة في ليبيا. وقال سعيّد: "نجتمع ليس بحثاً عن الشرعية ولا لاستبدال شرعية بأخرى، بل هناك الشرعية الدولية"، بحسب بيان للرئاسة التونسية. وشدد سعيّد على أن "الحل في الأزمة الليبية لا يمكن أن يكون إلا من الليبيين أنفسهم، حتى تستعيد ليبيا عافيتها وأمنها وتبني مستقبلاً جديداً، لا يمكن أن يؤسس على أنقاض الماضي". وأضاف أن "الشعب الليبي يرفض أن يكون تحت وصاية أي كان، ونتمنى أن نخرج بمبادرة يمكن أن تدعم الشرعية".
وبين من يدعو إلى الحرب ومن يدعو إلى السلم فارق كبير، وعلى الليبيين أن يختاروا بين وجهة تونس شمالاً أو القاهرة جنوباً، وأن ينقذوا وطنهم قبل فوات الأوان، ولا يتركوه للغربان تنهش قوت أطفالهم. المضحك المبكي، أن فرنسا وألمانيا وإيطاليا عبّرت عن استعدادها "للنظر" في احتمال فرض عقوبات على القوى الأجنبية التي تنتهك حظر إيصال السلاح إلى ليبيا، وفق بيان مشترك صدر عن قادة الدول الثلاث، السبت الماضي، ولكن هل سيبدؤون بتسليطها على فرنسا؟ وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، في بيان مشترك، "نحض جميع الفرقاء الأجانب على وقف تدخّلهم المتزايد"... بمن فيهم أنتم؟ معضلة ليبيا ليست في إيطاليا ولا فرنسا وتركيا ومصر والإمارات وغيرهم. مشكلة الليبيين أنهم قرروا الاكتفاء بالفرجة على وطن يُدمر أمام أعينهم.