تأخر في ليبيا صرف الرواتب والأجور لحوالى 1.5 مليون موظف حكومي عن موعدها خلال الشهر الماضي، إلا أن ليبيا تسعى الى رفع معدلات الأجور في ظل إجراءات التقشف التي أعلن عنها مصرف ليبيا المركزي منذ مطلع العام الحالي بسبب تراجع أسعار النفط، الذي يعد المصدر الوحيد للدخل القومي.
وتصرف ليبيا حالياً من احتياطياتها لتغطية نفقات الرواتب ودعم المحروقات والكهرباء بينما رفعت الدعم عن السلع الأساسية.
كما يخشى محللون اقتصاديون من مخاطر نمو الأجور والرواتب على نحو عشوائي غير مدروس على الميزانية الليبية. ووفقاً لمقترح اللجنة المُكلفة بإعداد مشروع قانون زيادات المرتبات، فإن حوالي 95% من موظفي الدولة سيستفيدون من القانون في حال إقراره.
وينص مشروع القانون ليس فقط على زيادة المرتبات ولكن كذلك على عدم المساس بعدد الموظفين، كما يرفع الحد الأدنى للأجور من 450 ديناراً إلى 1030 ديناراً.
ويهدف مشروع القانون إلى تحقيق العدالة الاجتماعية عبر تقليص الفوارق الكبيرة بين مستويات الدخول، وفي الوقت نفسه عدم تضر الموظفين الذين يتقاضون مرتبات عالية نتيجة تقريب مرتباتهم إلى المستوى المعقول.
ويذكر أن قيمة المرتبات في الموازنة العامة ارتفعت من 8 مليارات دينار عام 2010 إلى 23 مليار دينار خلال العام الماضي.
وتنفق الحكومة في ليبيا نحو 1.6 مليار دينار (1.3 مليار دولار) شهرياً، كرواتب لموظفيها، لكن تراجع إنتاج النفط إلى 350 ألف برميل يومياً، بدلاً من 1.5 مليون برميل في الأوقات العادية، ضرب إيرادات النفط التي تستخدم في تمويل أكثر من 95% من موازنة الدولة.
وفي السياق نفسه، قال عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس أحمد أبولسين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن السيناريو المستقبلي لزيادة الأجور لا يحمل سوى نتيجة واحدة وهي استحالة استدامة أوضاع المالية العامة في نطاق آمن في ظل الضغط الذي ستمثله أعباء الأجور على الميزانية العامة.
وأوضح أن خيارات التعامل مع الضغوط المالية لبند المرتبات والأجور قاسية للغاية في المستقبل، حيث قد تضطر الدولة إلى التركيز على زيادة المرتبات من الناحية الاسمية فقط، أي اللجوء لخفض قيمة العملة الليبية للمرة الثانية حتى تتمكن من الإيفاء بالتزاماتها نحو جيش العاملين، وهو ما لا نعتقد أنه سيكون سياسة ممكنة في ظل الانخفاض الشديد للقوة الشرائية للدينار.
ويرأى محمد علي، رجل أعمال في طرابلس، بأن رفع الأجور يعمّق الفجوة في مستويات الأجور بين القطاعين العام والخاص لمصلحة العاملين في القطاع العام، وهو ما سيجهض خطط رفع درجة استيعاب القطاع الخاص للعمالة الوطنية وبالتالي استمرار ارتفاع معدل البطالة.
وشهدت مختلف القطاعات الحكومية في ليبيا العديد من الاعتصامات في الآونة الأخيرة بشأن رفع الرواتب بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، وكان أبرزها اعتصام المعلمين مطلع العام الدراسي، مطالبين برفع رواتبهم. ووافقت حكومة الإنقاذ بطرابلس على الزيادات.
اقرأ أيضا: الليبيون يخزّنون السلع خوفاً من اختفائها