كرّست الولايات المتحدة مفهوماً لتحديد رضاها أو غضبها عن أي طرف له علاقة بالشأن السوري، والتي تم تعميمها كمفهوم للرضا الدولي عن هذا الطرف أو ذاك. يقوم المفهوم على أن الرضا والغضب الدوليين يحددهما مدى قرب أو بعد الأطراف المحلية منها والإقليمية عن محاربة الإرهاب الذي يتجلى حسب المفهوم الأميركي بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بالدرجة الأولى وبعض التنظيمات القريبة من تنظيم القاعدة في الدرجة الثانية، مع إغفال تام لكل من يمارس الإرهاب من الجهات الأخرى، الأمر الذي حول محاربة الإرهاب إلى ما يشبه الموضة والوسيلة لكسب الرضا الدولي، واتهام أي خصم من أجل تصويره كخارج عن الشرعية الدولية.
وقد حاول النظام منذ بداية الثورة تصوير نفسه كمحارب للإرهاب رغم استعانته بمنظمات إرهابية لتحقيق هذه الغاية. في المقابل، أصبح وجود "داعش" المبرر الأقوى لاستمرار النظام، وبالتالي أصبح استمرار هذا النوع من الإرهاب ضرورة لدى النظام يعمل على الحفاظ عليه. حتى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي كان مصنفاً كتنظيم إرهابي حتى من الولايات المتحدة نفسها، أصبح وكيلاً معتمداً من قبلها لمحاربة إرهاب "داعش". دولياً، كان مبرر كل الدول التي تدخلت أو تفكر بالتدخل في سورية، هو محاربة "داعش"، متناسين أن مطالب الثورة السورية كانت ضد الاستبداد ولأجل التخلص من النظام، وأن النظام هو من كان له الدور الأكبر في استمرار وتمدد التنظيم. حتى على صعيد فصائل المعارضة المسلحة، تسعى الولايات المتحدة إلى حرف تلك الفصائل عن الهدف الذي تأسست من أجله، وهو محاربة النظام وتحويل أولويتها إلى محاربة "داعش"، وذلك من خلال ربط هذا الموضوع بالدعم الذي تقدمه بشكل مباشر أو الضغط على الدول التي تقدم هذا الدعم. يشبه هذا المفهوم الذي تكرسه الولايات المتحدة، مفهوماً كرسه النظام في بداية الثمانينيات حول تجسيد الشر الأكبر بجماعة الإخوان المسلمين لدرجة أصبح فيها أي خصم أو مخالف لتوجه ما، ينعت بتهم الارتباط بالإخوان، الذين كانوا بالنسبة للنظام، رمزا للعدو، لدرجة أن المعلمين في بعض المدارس كانوا، حين يريدون إخافة طالب، ينعتونه بصفة "إخونجي".