المجتمع الليبي بين السمات والتطلعات
من هنا، علينا البحث وإمعان النظر لتحديد أهم تلك الأمراض والبنى الفكرية والثقافية المستعصية التي لا تزال تفعل فعلها، وتستحكم بوجودها في بعض جوانب حياتنا الثقافية والاجتماعية التي تقيدها من الانفلات من عقال التخلف والانقسام.
ويعمد دعاة ورموز العصبية المتحكمون بمفاصل القرار الاجتماعى إلى ترفيع أبناء القبيلة أو الجهة أو من العشيرة نفسها إلى المناصب القيادية في الدولة القبلية، أو الجهوية، بتغذية وتوجيه تكالبهم المستميت على احتلال المناصب العليا والوظائف الكبرى، وتوزيع المكاسب والمغانم فيها. ويتم ذلك، طبعاً، على حساب تراجع الأسماء الكبيرة من المفكرين والمثقفين وأصحاب الكفاءات والقدرات الحقيقية المختصين في مجالات الفكر والعمل المختلفة. ويشكل هذا النوع من التعدي والظلم الاجتماعي والعلمي الذي يفضي إلى إحداث اختلال بالغ في موازين المسؤوليات، ومعدل الأداء والتأثير السلبي على نجاح الأدوار والمهام اللازمة، للنهوض بالمجتمع، الأمر الذي يشكل عامل يأس وإحباط ونفور لدى النخب المفكرة والمتعلمة، والراغبة في العطاء. إذ يولد لديها ردود أفعال سلبية، إزاء الوضع الانحداري الخطير الذي بدأت تسير عليه البلاد في كل قطاعاتها ومؤسساتها.
وكم نحن بحاجة إلى الاستفادة من الماضي، والاستناد إلى كل ما فيه من إيجابية، ونترك ما فيه من سلبية، ونستشرف المستقبل مع العيش في الواقع، والتطلع إلى بناء دولة معاصرة، تستظل بمبدأ الحرية، وتحترم كرامة الإنسان.