المحرم والصدمة والهوية.. الفلسطينيون في ألمانيا وسويسرا

24 اغسطس 2020
مظاهرات تضامن مع فلسطين في برلين لدى إعلان القدس عاصمة "إسرائيل"
+ الخط -

يدور كتاب الباحثة الفلسطينية سارة البلبيسي "المحرم، الصدمة والهوية" الصادر بالألمانية مؤخراً حول نتائج نكبة فلسطين 1948، وتعالج مشكلة مركزية تتعلق بسؤال: ماذا يحدث عندما لا يتم الاعتراف بمعاناة الشعوب أو المجتمعات المعذبة.

بالفعل، فإن معاناة العديد، وربما حتى معظم الشعوب، قد اختفت من الوعي التاريخي. وهناك من يحاول مرارا وتكرارا إعادتها إلى الذاكرة – مثلما حدث مع الهنود الحمر في أميركا والمستعبدين من أفريقيا أو ما حدث مع الأرمن عقب الحرب العالمية الأولى ومعاناة الغال والشعوب الجرمانية التي دخلت الإمبراطورية الرومانية وأجبرتهم على أن يكونواً عبيداً، من الواضح أن هذه المعاناة يمكن نسيانها وهكذا تصبح معركة الذاكرة معركة مهمة. 

غلاف الكتاب

تدرس الباحثة مفهوم الصدمة منذ لحظة وقوعها إلى أن تصبح تاريخاً، ونظرًا لأن العنف يلعب دورًا مهمًا في التاريخ، فمن المنطقي التركيز على سيرورة الصدمة التاريخية، فالصدمة هي حدث يهدد الذات من الخارج؛ ثم يهدد الهوية وهي البنية النفسية التي تحدد العلاقة بين الفرد والغرباء. 

أصبحت الحياة بعد النكبة شيئًا مختلفًا تمامًا عما كانت عليه من قبل: كيف يمكنك التعايش معها؟ فالصدمة قصة شخصية لكن في بعض الحالات تحتاج ذاكرتنا إلى إطار اجتماعي لتأكيد صحة وقوع هذه الذكريات. تقدم البلبيسي مثال الفلسطينيين في أوروبا الذين خافوا من تصنيفهم كإرهابيين وبالتالي اعتقدوا أن عليهم إنكار أصولهم، فكيف يمكن إذن أن يصر المرء على حقه في العودة والتعويض عما فقده؟

بناءً على عمل جوديث بتلر، تفحص البلبيسي العنف الذي يمارسه الخطاب لإخفاء معاناة الفلسطينيين

العلاقة بين الصدمة والذاتية ذات شقين في هذا الكتاب؛ فمن ناحية يتعلق الأمر بالعنف الذي يمارسة الخطاب العام. بناءً على عمل جوديث بتلر، تفحص البلبيسي العنف الذي يمارسه الخطاب لإخفاء معاناة الفلسطينيين، ومن ناحية أخرى ، يتعلق الأمر بالبيانات التي جمعتها الباحثة خلال البحث الميداني.

يأتي الكتاب في خمسة أقسام كل منها يتضمن العديد من الأبواب؛ الأول هو "التفكير والشعور والتحدث ضد العنف" وتتناول فيها الفلسطينيين في العالم، مصطلح الشتات، الفلسطينيين في المنطقة العربية، الفلسطينيين خارج المنطقة العربية، الفلسطينيين في أوروبا، الفلسطينيين في ألمانيا وسويسرا. أما في القسم الثاني المعنون "فلسطين مكان أخلاقي"  فتدرس الارتدادات والتوقعات  وممارسات الإقصاء. 

في القسم الثالث "الآباء: كيف تتحدثون من العدم؟" نقرأ فصولاً بعناوين؛ لماذا غادرت، ووهم المقاومة، والانفصال عن الذات، والغرباء الموروثون، وموضوع الإخلاص وغيرها، أما القسم الرابع فيعالج العزلة والعار والانفصال والحزن والخوف والوهم.

وفي الفصل الخامس المعنون "أطفال"، نقرأ مواضيع حول النفور من الآباء، والاغتراب الذاتي والاندماج وإنكار الذات، والاغتراب عن المجتمع في سجن الذهن، والموقف من حياة الجيل الثاني من الفلسطينيين، والنضال من أجل تقرير المصير.

 

المساهمون