جدد عضو مجلس النواب المصري، المخرج السينمائي خالد يوسف، اليوم الإثنين، رفضه التعديلات الدستورية المطروحة أمام البرلمان، بهدف تمديد ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، قائلاً في بيان نشره على حساباته على "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام"، إنه "يتوقع تعرضه لحملة شرسة بسبب موقفه المعارض لتعديل الدستور، قد تصل إلى حد الزج به في السجن".
وقال يوسف في البيان: "قلت سابقاً إني مستعد لدفع ثمن مواقفي، وسأتحمل ما سيأتون به مهما كان قاسياً، ومهما كانت درجة التنكيل... لأنهم يعتقدون أن المعارضين للتعديل لا بد من أن تذبح لهم القطة كي يخرسوا"، مستطرداً "سأظل أقول لا لتعديل الدستور، وسأظل لدي يقين بأن من فكر في هذا التعديل سيدرك يوماً ما أن ما ارتكبه هو خطيئة في حق هذا النظام، وهذا الوطن".
وتابع: "أعرف أن استمراري في إعلان اعتراضي على تعديل الدستور سيجلب لي المشاكل، التي قد تصل للزج بي في غياهب السجون بأي تهمة ملفقة"، مضيفاً "إن كان لديهم كل الآليات لتمرير تعديل الدستور، من مجلس نواب به أغلبية ساحقة موافقة على التعديل - كما يبدو - واستفتاء مضمون نتائجه كما يحدث دائماً، ويملكون كل أدوات اللعبة غير منقوصة... فلم تكن ضرورية حملة الاعتقالات لكل من قال تعليقاً، حتى ولو في جلسة خاصة، معترضاً على التعديل".
وقال يوسف: "لم يكن هناك حاجة لمحاربة كل من أخرج من صدره زفرة امتعاض، هو وأهله، في أرزاقهم ومستقبلهم... ولم يكن هناك داع لتشويه أصحاب الرأي المعارض، وشن حملات ضارية لتصفيتهم معنوياً، ونعتهم بكافة أنواع التهم... ووصفهم جميعاً بأنهم إما خونة، أو إرهابيون، أو تابعون لجماعة الإخوان، أو داعرون، كي يمر تعديل الدستور".
واستدرك بالقول: "لو كان ثمن كل ذلك حياة أفضل للمصريين، حيث إن الجائع قد شبع، والعاطل وجد فرصة عمل، والتلميذ وجد فرصة تعليم حقيقية ومجانية، والمريض قد حظي بعلاج يليق بكرامته الإنسانية، وأصحاب الحقوق أخذوا حقوقهم من دون أن يكون لهم ظهر (وساطة)، بدلاً من صرف المليارات على مشروعات ليست لها الأولوية في حياة المصريين... وقتها كنا رضينا بالكبت، والقهر، والتشهير، والسجن، وتعديل الدستور!".
وأضاف يوسف: "المشكلة دائماً، يا من تقرأون التاريخ، تأتي بعد إقرار التعديلات، وليس أثناءها، ولكم في تعديل الدستور أعوام 1980 و2007 و2012 عبرة وعظة... وراجعوا مرة أخرى مآلات كل من عبث بالدستور".
وتساءل: "إن كانوا ضامنين وواثقين من مرور التعديل كما مرت اتفاقية (تيران وصنافير)، فلماذا كل ذلك؟... ألهذا الحد لا يطيقون نفساً ولا حرفاً مخالفاً لما يفكرون فيه؟... هل يمكن لوطن كامل أن يتنفس من رئة واحدة؟ هل يمكن تصور تأميم عقول مائة مليون مصري، ومنعهم من التفكير... ومعاقبة من يحاول أن يفكر بطريقة أخرى، حتى لو كان يفكر داخل منظومة الدولة المصرية، وغير ساع لتقويضها أو هدمها؟!".
وأشار إلى أن "الشعب المصري لم يخرج في ثورتيه كي تؤمم كل السلطات، وجعلها في يد رجل واحد - مهما كانت عظمة هذا الرجل - ويعطيه التعديل الحق في الاستمرار بالحكم لسنة 2034، أي لمدة عشرين عاماً... والكارثة الأكبر أن من يأتي بعده، سيكون بحكم الدستور بعد تعديله، قابضاً على كل شيء في يده... الشعب المصري لم يخرج من أجل القضاء على أي أمل في بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة... والقضاء نهائياً، وبطعنة واحدة، على استقلال القضاء، وجعله تابعاً للسلطة التنفيذية تعينه وتعزله".
وختم يوسف بيانه، قائلاً: "الشعب المصري خرج من أجل العيش الكريم، والعدالة الاجتماعية، والحرية للوطن فلا تبعية، وللمواطن فلا قهر أو استبداد... وستتحقق هذه الأهداف يوماً ما، وستذكرون هذا الكلام عاجلاً أو آجلاً".
وتهدف التعديلات الدستورية إلى استمرار السيسي في منصبه لمدة 12 عاماً أخرى، بعد انتهاء ولايته الثانية في 2022، واستحداث مجلس أعلى لجميع الجهات والهيئات القضائية برئاسته، ومنحه صلاحية تعيين رئيس المحكمة الدستورية، ونائبه، واختيار النائب العام من بين ثلاثة يرشحهم مجلس القضاء الأعلى، فضلاً عن اشتراط موافقة الجيش على تسمية رئيس الجمهورية لوزير الدفاع، وحمايته لـ"مدنية الدولة".
وفي منتصف يناير/ كانون الثاني الماضي، انتشر مقطع فيديو إباحي على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر يوسف، وهو عضو سابق في لجنة "الخمسين" التي أعدت دستور 2014، رفقة الفنانتين الشابتين منى فاروق وشيماء الحاج، وهما في أوضاع مخلة معه، وبأجساد شبه عارية، وذلك بتدبير من الأجهزة الأمنية، رداً على بيان سابق للمخرج عبر فيه عن رفضه تعديل الدستور.
وكان يوسف قد نفى تكليفه بمهمة التواصل مع قوى سياسية، وشخصيات عامة، تربطه بها علاقة قوية، لإقناعها بضرورة تعديل الدستور من أجل تمديد ولاية السيسي، على خلفية ما نشره "العربي الجديد" بشأن استدعائه لاجتماع مع مدير الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، لطلب التواصل مع بعض الشخصيات والقوى السياسية، لإقناعها بضرورة تعديل المادة الدستورية الخاصة بمدة الفترة الرئاسية.