30 نوفمبر 2015
المخطط الروسي: أمن العالم أم الإقليم؟
جليلة الترك (سورية)
في وقت يكثر فيه الحديث عن وقف إطلاق النار في سورية على الإعلام، تستعر الحرب على الأرض بشكل غير مسبوق، حيث يستشرس الطيران الروسي في تدمير المدارس والمستشفيات والمنشآت المدنية، في محاولة لإفقاد السوريين أي قدرة لهم على المقاومة والبقاء، ودفعهم إلى الفرار نحو أوروبا، واستبدالهم لاحقاً بمستوطنين جدد من أماكن أخرى، تلك هي الإبادة وهذا هو التطهير العرقي.
ويتضح ذلك أكثر فأكثر في التقدم الذي يحرزه المخطط الروسي في سورية، مدعوماً على الأرض بمليشيات إيران الطائفية، ومرتزقة حزب العمال الكردستاني العنصرية والقتلة الداعشيين. ولكن، هل يقتصر ذلك المخطط على سورية، وهل يبقى الخطر الناجم عنه ضمن حدود سورية التي نعرفها، أم أنه يهدد أمن دول الإقليم أيضاً، وربما الأمن والسلم الدوليين؟
السعودية أول دول الإقليم التي يهددها انتصار المحور الروسي الإيراني في سورية، فاليوم تغدو السعودية محاصرة إيرانياً، شمالاً من العراق وجنوباً من اليمن. وعلى الأغلب في تلك الحالة، سيتوسع النفوذ الايراني في الأردن لاحقاً ليضيق الخناق عليها، فضلاً عن الموقف العماني المتفهم دائماً السياسات الإيرانية، والموقف الإماراتي الذي لا يتفق مع السعودية تماماً في قضايا الإقليم، والموقف المصري الذي يدعم العدوان الروسي على سورية بالعلن، ما يعني غياب أي طرف عربي وازن يمكن التعويل عليه.
فيما يخص تركيا، يبدو واضحاً جداً أن الروس (ومعهم الأميركان) في سورية يعملون بشكل حثيث على دعم إنشاء دويلة كردية على الحدود مع تركيا، بما يحمله هذا المشروع من خطر حقيقي، يهدد وحدة الدولة التركية ووجودها كياناً، الأمر الذي سينقل الصراع بشكل أشمل وأعنف وأعمق إلى داخل الأراضي التركية، وسيكلف تركيا لاحقاً أضعاف الثمن الذي تمتنع عن بذله اليوم، وما يعنيه ذلك أيضاً من احتمال امتداد تلك الصراعات والنزاعات إلى دول أوروبا الشرقية. وبالتالي، زعزعة أمن أوروبا وانفراط عقد الاتحاد الاوروبي، الأمر الذي يحلم به فلاديمير بوتين ليل نهار، والعجز الأوروبي الواضح في القدرة على المواجهة خير محفز له على ذلك.
يبدو من مواقف الدبلوماسية الأردنية بشأن العدوان الروسي على سورية، ومن زيارات المسؤولين الأردنيين إلى موسكو، أن هناك تنسيق على أعلى المستويات بين السلطات الأردنية والروس، وأن هناك تطمينات إسرائيلية روسية للأردن، بخصوص تمدد النفوذ الإيراني إليها. ولكن، ربما لا يخفى على كثيرين أن تلك التطمينات واهية جداً، ولن تختلف عن شبيهاتها التي قدمها الأميركان سابقاً للسعوديين في أثناء إجراء مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، والتي كانت نتيجتها توسع الإيرانيين في اليمن، وتهديد أمن السعودية والخليج بشكل خطير جداً.
إسرائيل هي الوحيدة من الجيران المرتاحة جداً لما يجري في سورية اليوم، وها هي نتائج التنسيق الروسي الإسرائيلي تؤتي أكلها بشكل فعال ومثمر في شمال سورية وجنوبها، والمعلومات الاستخباراتية التي يحصل عليها الروس والإيرانيون من الموساد تبدو ذات قيمة عالية جداً بالنسبة لهم، وقد أحسنوا استغلالها جيداً. يعتقد الصهاينة أن أمنهم نابع من نشر الفوضى في الدول المجاورة ومحاولة تقسيمها وتجزئتها إلى دويلات صغيرة على أساس عرقي وديني، متنازعة فيما بينها، وهذا ما يحققه لهم الروس والإيرانيون اليوم من العراق إلى سورية إلى لبنان واليمن، ولاحقاً السعودية والأردن وتركيا.
كل ما سبق يوصلنا إلى حقيقة مفادها بأن الحرب في سورية لا تهدد سلامة الإقليم وأمنه فقط، بل تهدد السلم والأمن العالمي. إن وقف النار المستعرة في سورية والتصدي للمشروع الروسي الإيراني بات اليوم مهمة عالمية، لكنها تقع، بالدرجة الأولى، على عاتق القوى الفاعلة في الإقليم اليوم، وأعني بها المملكة العربية السعودية وتركيا (حلفاء الشعب السوري)، والتي ستصلهما تلك النار أولاً.
واجه السوريون وحدهم نظام الأسد الفاشي، وميليشيات إيران الطائفية ومرتزقة حزب العمال الكردستاني، لكنهم بمواجهة دولة عظمى، مثل روسيا، يحتاجون لدعم سخي من حلفائهم، وكل ما يتطلبه الأمر رفع الرأس بوجه الأميركي، والقول بشكل صارم نحن سنرسل إلى الشعب السوري ما يساعده في الحفاظ على حقه في الحياة والوجود.
ويتضح ذلك أكثر فأكثر في التقدم الذي يحرزه المخطط الروسي في سورية، مدعوماً على الأرض بمليشيات إيران الطائفية، ومرتزقة حزب العمال الكردستاني العنصرية والقتلة الداعشيين. ولكن، هل يقتصر ذلك المخطط على سورية، وهل يبقى الخطر الناجم عنه ضمن حدود سورية التي نعرفها، أم أنه يهدد أمن دول الإقليم أيضاً، وربما الأمن والسلم الدوليين؟
السعودية أول دول الإقليم التي يهددها انتصار المحور الروسي الإيراني في سورية، فاليوم تغدو السعودية محاصرة إيرانياً، شمالاً من العراق وجنوباً من اليمن. وعلى الأغلب في تلك الحالة، سيتوسع النفوذ الايراني في الأردن لاحقاً ليضيق الخناق عليها، فضلاً عن الموقف العماني المتفهم دائماً السياسات الإيرانية، والموقف الإماراتي الذي لا يتفق مع السعودية تماماً في قضايا الإقليم، والموقف المصري الذي يدعم العدوان الروسي على سورية بالعلن، ما يعني غياب أي طرف عربي وازن يمكن التعويل عليه.
فيما يخص تركيا، يبدو واضحاً جداً أن الروس (ومعهم الأميركان) في سورية يعملون بشكل حثيث على دعم إنشاء دويلة كردية على الحدود مع تركيا، بما يحمله هذا المشروع من خطر حقيقي، يهدد وحدة الدولة التركية ووجودها كياناً، الأمر الذي سينقل الصراع بشكل أشمل وأعنف وأعمق إلى داخل الأراضي التركية، وسيكلف تركيا لاحقاً أضعاف الثمن الذي تمتنع عن بذله اليوم، وما يعنيه ذلك أيضاً من احتمال امتداد تلك الصراعات والنزاعات إلى دول أوروبا الشرقية. وبالتالي، زعزعة أمن أوروبا وانفراط عقد الاتحاد الاوروبي، الأمر الذي يحلم به فلاديمير بوتين ليل نهار، والعجز الأوروبي الواضح في القدرة على المواجهة خير محفز له على ذلك.
يبدو من مواقف الدبلوماسية الأردنية بشأن العدوان الروسي على سورية، ومن زيارات المسؤولين الأردنيين إلى موسكو، أن هناك تنسيق على أعلى المستويات بين السلطات الأردنية والروس، وأن هناك تطمينات إسرائيلية روسية للأردن، بخصوص تمدد النفوذ الإيراني إليها. ولكن، ربما لا يخفى على كثيرين أن تلك التطمينات واهية جداً، ولن تختلف عن شبيهاتها التي قدمها الأميركان سابقاً للسعوديين في أثناء إجراء مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران، والتي كانت نتيجتها توسع الإيرانيين في اليمن، وتهديد أمن السعودية والخليج بشكل خطير جداً.
إسرائيل هي الوحيدة من الجيران المرتاحة جداً لما يجري في سورية اليوم، وها هي نتائج التنسيق الروسي الإسرائيلي تؤتي أكلها بشكل فعال ومثمر في شمال سورية وجنوبها، والمعلومات الاستخباراتية التي يحصل عليها الروس والإيرانيون من الموساد تبدو ذات قيمة عالية جداً بالنسبة لهم، وقد أحسنوا استغلالها جيداً. يعتقد الصهاينة أن أمنهم نابع من نشر الفوضى في الدول المجاورة ومحاولة تقسيمها وتجزئتها إلى دويلات صغيرة على أساس عرقي وديني، متنازعة فيما بينها، وهذا ما يحققه لهم الروس والإيرانيون اليوم من العراق إلى سورية إلى لبنان واليمن، ولاحقاً السعودية والأردن وتركيا.
كل ما سبق يوصلنا إلى حقيقة مفادها بأن الحرب في سورية لا تهدد سلامة الإقليم وأمنه فقط، بل تهدد السلم والأمن العالمي. إن وقف النار المستعرة في سورية والتصدي للمشروع الروسي الإيراني بات اليوم مهمة عالمية، لكنها تقع، بالدرجة الأولى، على عاتق القوى الفاعلة في الإقليم اليوم، وأعني بها المملكة العربية السعودية وتركيا (حلفاء الشعب السوري)، والتي ستصلهما تلك النار أولاً.
واجه السوريون وحدهم نظام الأسد الفاشي، وميليشيات إيران الطائفية ومرتزقة حزب العمال الكردستاني، لكنهم بمواجهة دولة عظمى، مثل روسيا، يحتاجون لدعم سخي من حلفائهم، وكل ما يتطلبه الأمر رفع الرأس بوجه الأميركي، والقول بشكل صارم نحن سنرسل إلى الشعب السوري ما يساعده في الحفاظ على حقه في الحياة والوجود.
مقالات أخرى
12 مارس 2015