يتوجّه سنوياً أكثر من 100 ألف مريض جزائري إلى المصحات التونسية للعلاج، بسبب ضعف الخدمات الصحية في الجزائر، وللسمعة الجيدة لتي باتت تتمتع بها المصحات التونسية، على الرغم من تكاليف العلاج الباهظة فيها.
قبل شهرين، غادر كمال، وهو مدير مستشفى في بلدة قرب العاصمة الجزائرية، قاصداً العاصمة التونسية لعلاج والدته المريضة التي تعاني من آلام في ظهرها، كغيره من الجزائريين.
ويقول إن ما يدفعه إلى قطع مسافة تزيد عن 800 كيلومتر بين العاصمة الجزائرية وصولاً إلى تونس، ليس فقط توفر الأجهزة الطبية، وإنما مستوى وسرعة الخدمات الطبية المقدمة في المصحات التونسية.
كما يشير إلى أنّ تكلفة العلاج التي قد تتجاوز 1200 يورو، لا تمنعه من الإقدام على ذلك.
ليس كمال وحده من يقصد تونس للعلاج، فيومياً يعبر عشرات المرضى الجزائريين الحدود نحو تونس طلباً للعلاج، خاصة من مناطق البلاد الجنوبية.
ويشرح المواطن حميد الذي عالج زوجته في مشفى خاص بأمراض الشرايين في تونس، أنه طلب موعداً لها في مستشفى حكومي في العاصمة الجزائرية، فكان الموعد بعد ثلاثة أشهر.
ويقول لـ"العربي الجديد" "كانت زوجتي تعاني من مشكلة في الشرايين، فأرسلت ملفها الطبي مع صديق يقيم في العاصمة التونسية، وبعد يومين فقط أبلغني أن المصحة مستعدة لعلاجها، لم يمنعني المبلغ المطلوب من الإقدام على ذلك".
ويضيف "توجهت إلى تونس، وأجريت العملية لزوجتي بنجاح، وانتظرنا أسبوعاً لمراجعة الطبيب، قبل أن يأتي موعد العلاج المطلوب في الجزائر، ما يهمني اليوم هو أن زوجتي تجاوزت محنتها الصحية".
وفي هذا السياق، يوضح المتحدث باسم جمعية "تاج" للصحة بولاية وادي سوف الجزائرية، حمزة خلف، أن "نقص الخدمات وبطء المواعيد الطبية في الجزائر، يدفع بآلاف المرضى للتوجه إلى تونس"، مؤكداً أن الجمعية الجزائرية للصحة توجه 28 في المائة من المرضى باتجاه المستشفيات التونسية".
ودفع تدفق المرضى للعلاج في تونس في السنة الأخيرة إلى فتح خط جوي مباشر بين مطار وادي سوف جنوب الجزائر ومطار قرطاج، للسماح للمرضى بالسفر بشكل أفضل وأسرع.
بدوره، يؤكد رئيس هيئة المصحات الخاصة في تونس، أبو بكر زخامة لـ" العربي الجديد" أنّ المستشفيات الخاصة في تونس، تستقبل ما بين 400 إلى 500 ألف مريض أجنبي سنوياً، جزء كبير منهم يأتون من الجزائر".
هذا التدفق الذي تدرجه الجهات التونسية في خانة ما يوصف بالسياحة الطبية، تردّه الحكومة الجزائرية إلى عمل شبكات على تهريب المرضى الجزائريين للعلاج في تونس.
وكان وزير الصحة الجزائري، عبدالمالك بوضياف، اتهم قبل شهرين "مافيا تنشط في مجال تهريب المرضى للعلاج في الخارج وخاصة في تونس"، كما اتهم قنوات تلفزيونية بالعمل على الترويج للعلاج في تونس.
على الرغم من كل الجهود التي بذلتها الحكومة الجزائرية في العقد الأخير، والملايين التي صرفتها لتحسين الخدمات الطبية في المستشفيات، إلا أن ذلك لم ينجح في تحسين النظام الصحي والخدمة الطبية، مع وجود مشكلات معقدة لم تجد لها الحكومة الجزائرية حلاً، ما يدفع المرضى للبحث عن العلاج ولو في الخارج.