أصبح باستطاعة البنوك التجارية الناشطة في الجزائر بدءا من 2 يناير/ كانون الثاني المقبل، التصرف في النقد الأجنبي الموجود في حسابات عملائها، بعدما رخص لها البنك المركزي بيع العملات الصعبة، لينهي بذلك احتكارا دام لقرابة 17 سنة لتسيير العملة الصعبة المتداولة في السوق المصرفية.
وبمقتضى تعليمات أرسلها المركزي الجزائري لجميع البنوك (عمومية وخاصة)، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، فتح بنك الجزائر المركزي سوق العملات الأجنبية ما بين المصارف، والذي يسمح للبنوك والمؤسسات المالية والوسطاء المعتمدين، بإبرام صفقات في ما بينهم وبين عملائهم لشراء وبيع العملات مقابل الدينار، ويمنح بذلك لعملاء هذه المؤسسات المالية الحق في الاستفادة من القروض بالعملات الأجنبية التي يتفاوض عليها المهتمون بحرية في ما يتعلق بأسعار الفوائد.
وألزمت التعليمات البنوك التجارية الناشطة في الجزائر بترك 30% من أموال عملائها بالعملة الصعبة في خزينة بنك الجزائر، وذلك لـ"تغطية مخاطر صرف العملة"، فيما يمكن للبنوك التصرف في 70% المتبقية من الأموال الصعبة المودعة في أرصدة عملائها بكل حرية.
وحسب المتابعين للشأن المصرفي في الجزائر، فإن هذه الخطوة التي أقدم عليها المركزي الجزائري تعد تاريخية، لأنها تنهي احتكارا دام قرابة ثلاثة عقود من الزمن، كما أنها تعد ثمرة تعيين خبير مصرفي، لأول مرة، على رأس المركزي الجزائري منذ إنشائه سنة 1962.
ويقول الخبير الاقتصادي جمال نور الدين، إن تحرير سوق العملة الصعبة الرسمية كان مطلب المتعاملين الاقتصاديين لسنوات عديدة وكان أيضا المطلب الأول للبنوك الخاصة والعمومية، وذلك حتى يستفيدوا من الأموال الكبيرة المودعة في حساباتهم، والتي منعوا من استعمالها منذ سنة 1991، أي منذ سن قانون القرض والنقد الجزائري.
وأضاف: "بما أن محافظ البنك المركزي محمد لوكال، كان مدير بنك الجزائر الخارجي، فالأكيد أنه كان يشتكي من هذا الأجراء وبالتالي يبدو من المنطقي أن يقدم على خطوة مثل هذه".
وأضاف المتحدث نفسه، لـ"العربي الجديد"، أن احتكار بنك الجزائر لسوق العملة الصعبة جعل البنوك التجارية مجرد وسيط يقوم بجمع الأموال بالعملة الصعبة سواء من عمليات التصدير أو من تحويلات المغتربين والعملاء في القطاع الخاص وضخها في أرصدة المركزي الجزائري، وحين يطلبها العميل تسترجعها مرة أخرى.
ويقدر المركزي الجزائري حجم سوق العملة الصعبة في ما بين المصارف المنتظر إنشاؤها مطلع العام المقبل، بقرابة 3 مليارات دولار، يمكن للبنوك تصريفها والاستثمار بها في مشاريع تراها مناسبة لها.
وحسب الخبير المصرفي ومستشار بنك الجزائر، نبيل جمعة، فإن هذا القرار يحمل الكثير من الإيجابيات، خاصة للمصدرين، الذين كانوا يخسرون في السابق الكثير من الأموال بسبب الفجوة الزمنية الكامنة بين تغير أسعار الصرف في المركزي الجزائري وبين تحديث أسعار الصرف في البنوك.
وتابع المتحدث ذاته قائلا لـ"العربي الجديد"، إن هذا التحرير لسوق العملة الصعبة يسمح باستغلال الأموال النائمة في خزينة المركزي الجزائري منذ 1991، إذ يمكن للبنوك بدءا من 2018 أن تستثمر الأموال المودعة في أرصدة عملائها من العملة الصعبة لتمويل مشاريع استثمارية أو منح قروض بالعملة الصعبة للمتعاملين الاقتصاديين.
غير أن الكثير من نقاط الظل لا تزال تطرح نفسها بقوة في التعليمات التي تبدو مطاطة، التي أرسلها المركزي للبنوك، فهي لم تضع أي ضوابط لهذا التحرير المفاجئ لتسيير العملة الصعبة المتداولة في السوق المصرفية، خاصة أن هذه الخطوة تأتي في وقت تعاني البلاد من أزمة سيولة حادة في العملة المحلية والصعبة جراء تراجع عائدات النفط وتغول السوق الموازية المقدرة بقرابة 40 مليار دولار.
وإلى ذلك، يتساءل الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق عبد الرحمان بن خالفة، عن "الخطوط الحمراء التي تتوقف عندها البنوك"، حيث يقول في تصريح لـ"العربي الجديد": "لو نأخذ مثلا بنك الجزائر الخارجي يوجد فيه رصيد شركة سوناطراك الجزائرية النفطية التي تغذي البلاد بالنقد الأجنبي، فهل يمكن للبنك أن يتصرف في أموال عائدات النفط دون رقابة من المركزي الجزائري وبكل حرية؟".
وكان محافظ بنك الجزائر محمد لوكال قد أعلن، مطلع يوليو/ تموز الماضي، أنه تم اعتماد سياسة التعويم الموجه (المدار) لامتصاص تداعيات تهاوي عائدات النفط، وكبح فاتورة الواردات.
وأثارت هذه الخطة قلق الأسواق المحلية، لا سيما ما يتعلق بالسلع المستوردة من الخارج والتي يؤدي التعويم إلى ارتفاع أسعارها، وكذلك عمليات التصنيع التي تعتمد على مدخلات إنتاج من الخارج، بينما احتفى المصدرون بهذه الخطوة.
اقــرأ أيضاً
وبمقتضى تعليمات أرسلها المركزي الجزائري لجميع البنوك (عمومية وخاصة)، حصلت "العربي الجديد" على نسخة منها، فتح بنك الجزائر المركزي سوق العملات الأجنبية ما بين المصارف، والذي يسمح للبنوك والمؤسسات المالية والوسطاء المعتمدين، بإبرام صفقات في ما بينهم وبين عملائهم لشراء وبيع العملات مقابل الدينار، ويمنح بذلك لعملاء هذه المؤسسات المالية الحق في الاستفادة من القروض بالعملات الأجنبية التي يتفاوض عليها المهتمون بحرية في ما يتعلق بأسعار الفوائد.
وألزمت التعليمات البنوك التجارية الناشطة في الجزائر بترك 30% من أموال عملائها بالعملة الصعبة في خزينة بنك الجزائر، وذلك لـ"تغطية مخاطر صرف العملة"، فيما يمكن للبنوك التصرف في 70% المتبقية من الأموال الصعبة المودعة في أرصدة عملائها بكل حرية.
وحسب المتابعين للشأن المصرفي في الجزائر، فإن هذه الخطوة التي أقدم عليها المركزي الجزائري تعد تاريخية، لأنها تنهي احتكارا دام قرابة ثلاثة عقود من الزمن، كما أنها تعد ثمرة تعيين خبير مصرفي، لأول مرة، على رأس المركزي الجزائري منذ إنشائه سنة 1962.
ويقول الخبير الاقتصادي جمال نور الدين، إن تحرير سوق العملة الصعبة الرسمية كان مطلب المتعاملين الاقتصاديين لسنوات عديدة وكان أيضا المطلب الأول للبنوك الخاصة والعمومية، وذلك حتى يستفيدوا من الأموال الكبيرة المودعة في حساباتهم، والتي منعوا من استعمالها منذ سنة 1991، أي منذ سن قانون القرض والنقد الجزائري.
وأضاف: "بما أن محافظ البنك المركزي محمد لوكال، كان مدير بنك الجزائر الخارجي، فالأكيد أنه كان يشتكي من هذا الأجراء وبالتالي يبدو من المنطقي أن يقدم على خطوة مثل هذه".
وأضاف المتحدث نفسه، لـ"العربي الجديد"، أن احتكار بنك الجزائر لسوق العملة الصعبة جعل البنوك التجارية مجرد وسيط يقوم بجمع الأموال بالعملة الصعبة سواء من عمليات التصدير أو من تحويلات المغتربين والعملاء في القطاع الخاص وضخها في أرصدة المركزي الجزائري، وحين يطلبها العميل تسترجعها مرة أخرى.
ويقدر المركزي الجزائري حجم سوق العملة الصعبة في ما بين المصارف المنتظر إنشاؤها مطلع العام المقبل، بقرابة 3 مليارات دولار، يمكن للبنوك تصريفها والاستثمار بها في مشاريع تراها مناسبة لها.
وحسب الخبير المصرفي ومستشار بنك الجزائر، نبيل جمعة، فإن هذا القرار يحمل الكثير من الإيجابيات، خاصة للمصدرين، الذين كانوا يخسرون في السابق الكثير من الأموال بسبب الفجوة الزمنية الكامنة بين تغير أسعار الصرف في المركزي الجزائري وبين تحديث أسعار الصرف في البنوك.
وتابع المتحدث ذاته قائلا لـ"العربي الجديد"، إن هذا التحرير لسوق العملة الصعبة يسمح باستغلال الأموال النائمة في خزينة المركزي الجزائري منذ 1991، إذ يمكن للبنوك بدءا من 2018 أن تستثمر الأموال المودعة في أرصدة عملائها من العملة الصعبة لتمويل مشاريع استثمارية أو منح قروض بالعملة الصعبة للمتعاملين الاقتصاديين.
غير أن الكثير من نقاط الظل لا تزال تطرح نفسها بقوة في التعليمات التي تبدو مطاطة، التي أرسلها المركزي للبنوك، فهي لم تضع أي ضوابط لهذا التحرير المفاجئ لتسيير العملة الصعبة المتداولة في السوق المصرفية، خاصة أن هذه الخطوة تأتي في وقت تعاني البلاد من أزمة سيولة حادة في العملة المحلية والصعبة جراء تراجع عائدات النفط وتغول السوق الموازية المقدرة بقرابة 40 مليار دولار.
وإلى ذلك، يتساءل الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق عبد الرحمان بن خالفة، عن "الخطوط الحمراء التي تتوقف عندها البنوك"، حيث يقول في تصريح لـ"العربي الجديد": "لو نأخذ مثلا بنك الجزائر الخارجي يوجد فيه رصيد شركة سوناطراك الجزائرية النفطية التي تغذي البلاد بالنقد الأجنبي، فهل يمكن للبنك أن يتصرف في أموال عائدات النفط دون رقابة من المركزي الجزائري وبكل حرية؟".
وكان محافظ بنك الجزائر محمد لوكال قد أعلن، مطلع يوليو/ تموز الماضي، أنه تم اعتماد سياسة التعويم الموجه (المدار) لامتصاص تداعيات تهاوي عائدات النفط، وكبح فاتورة الواردات.
وأثارت هذه الخطة قلق الأسواق المحلية، لا سيما ما يتعلق بالسلع المستوردة من الخارج والتي يؤدي التعويم إلى ارتفاع أسعارها، وكذلك عمليات التصنيع التي تعتمد على مدخلات إنتاج من الخارج، بينما احتفى المصدرون بهذه الخطوة.