أصدر البنك المركزي المصري قرارات جديدة من شأنها الحد من فوضى الاستيراد العشوائي وتشجيع المنتج المصري أمام المنتجات الأجنبية في ظل شح موارد البلاد من العملة الصعبة.
ومن المقرر أن تطبق القرارات الجديدة اعتباراً من مطلع يناير/كانون الثاني القادم.
وتأتي القواعد المصرفية الجديدة بعد أن ذكرت تقارير صحافية، أمس الاثنين، أن البنك المركزي المصري قدم 7.6 مليارات دولار على مدى الشهرين الأخيرين، لتغطية طلبات الاستيراد للسلع الأساسية والمواد الخام وسداد المستحقات المعلقة بالمستثمرين الأجانب.
وفي بيان موجه لرؤساء المصارف، نقلته وكالة "رويترز"، "طالب البنك المركزي البنوك بالحصول على تأمين نقدي بنسبة 100% بدلاً من 50% على عمليات الاستيراد التي تتم لحساب الشركات التجارية أو الجهات الحكومية".
ويعني هذا أن المستوردين الذين يقومون باستيراد منتجات تجارية استهلاكية تامة الصنع سيخضعون لقرارات المركزي الجديدة.
وقال عضو المجلس التنفيذي لاتحاد الصناعات المصرية، محمد البهي، إن: "من حق الدولة تنظيم الاستيراد العشوائي خاصة وأنها استثنت السلع الأساسية وعمليات الانتاج من القيود".
وأضاف: "الخطوة التي يحتاج إليها السوق المصري خلال الفترة المقبلة هي حرية إيداع وسحب الدولار وعدم وجود أي سقف للمساعدة في جذب الاستثمار المباشر وطمأنة المستثمر الأجنبي على تحويل أرباحه للخارج".
واستثنى البنك المركزي في البيان الصادر الليلة الماضية "عمليات استيراد كل من الأدوية والأمصال والمواد الكيماوية الخاصة بها وألبان الأطفال فقط من التأمين النقدي".
ونقلت "رويترز" عن مسؤول مصرفي في أحد اامصارف الخاصة: "البنك المركزي المصري يستهدف بتلك الإجراءات ترشيد استخدامات النقد الأجنبي المتناقص نتيجة تراجع السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر وتشجيع المنتج المحلي والصناعة المحلية إلى جانب تنظيم فوضى الاستيراد العشوائي من الخارج، وهو ما يطالب به اقتصاديون ومصرفيون منذ وقت طويل".
وبلغت الاحتياطيات الأجنبية للبلاد 16.423 مليار دولار في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني انخفاضا من نحو 36 ملياراً قبل ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك عام 2011.
وكان محافظ المركزي المصري السابق، هشام رامز، قد انتقد في سبتمبر/أيلول الماضي، الاستيراد العشوائي الذي يلتهم الموارد المحدودة لمصر من العملة الصعبة، قائلا إن: "بلاده استوردت تفاحاً بقيمة 400 مليون دولار بخلاف استيراد سيارات بقيمة 3.2 مليارات دولار خلال 2014-2015".
اقرأ أيضاً: حكومة مصر تقترض ترليون جنيه من المصارف المحلية
وتنص القرارات الجديدة للمركزي على إجراء عمليات استيراد السلع التجارية الاستهلاكية من خلال "مستندات تحصيل واردة للبنوك مباشرة عن طريق البنوك في الخارج مع عدم قبول مستندات التحصيل الواردة مباشرة للعملاء، وتُمنح البنوك مهلة لمدة شهر من تاريخه لتطبيق ذلك".
وقال مصرفي آخر: "ذلك يعنى أن مستندات العمليات الاستيرادية ترسل من مصرف إلى مصرف ولا دخل للعميل في ذلك".
ويعني هذا عدم اعتداد المصارف بأي فواتير يقدمها المستورد المحلي الذي يقوم باستيراد سلع استهلاكية على أن يكون تقديم الفواتير من خلال البنك الذي يتعامل معه الطرف المصدر في الخارج أي أن تكون المعاملات بنكية فقط، وليس من خلال العملاء.
ويشكو المنتجون المحليون في مصر من عدم قدرتهم على منافسة أسعار السلع المستوردة بسبب عمليات التهرب الجمركي والتلاعب في فواتير الاستيراد.
وقال المركزي إن: "عمليات استيراد سلع لغير غرض الاتجار مثل ما تقوم به المصانع باستيراده من السلع الرأسمالية أو مستلزمات الإنتاج والخامات وغيرها فلا قيد عليها على الإطلاق إلا القواعد المصرفية المعتادة".
والسلع الرأسمالية هي السلع التي يمكن شراؤها لمزاولة عمل ما، ولا يمكن ممارسة هذا العمل بدونها، وتستخدم إما لإنتاج سلع أخرى أو تقديم خدمات ذات نوعية متميزة.
وطالب البنك المركزي المصارف "بعدم السماح لإعادة تمويل العمليات الاستيرادية لأغراض التجارة من خلال منح حد تسهيلات مؤقتة بالعملة الأجنبية.. مع السماح بإعادة تمويل العمليات لغير أغراض التجارة والسلع الغذائية الأساسية والتموينية (غير شاملة هيئة السلع التموينية) والأدوية والأمصال والمواد الكيماوية الخاصة بها وألبان الأطفال".
وكان رئيس اتحاد الصناعات المصرية، محمد السويدي، قال في نوفمبر/تشرين الثاني: "إذا نظمنا الاستيراد سيقل التهافت على الدولار.. سيكون لدينا معايير للاستيراد قبل نهاية 2015 بإذن الله، بما يحد من الاستيراد العشوائي".
اقرأ أيضاً:
الشرطة المصرية تنافس الجيش في أسواق السلع
المركزي المصري يطرح مليار دولار لتخفيف أزمة شح العملة
"فيتش" تبقي على التصنيف الائتماني لمصر