أكد باحثون وأكاديميون أن خيارات التهدئة ليست واردة في أزمة العلاقات السعودية ـ الإيرانية الحالية، مع استبعاد خيارات التصعيد أيضاً، باعتبار أن الجمود في هذه العلاقات هو المتوقع خلال المدى المنظور، خاصة مع توتر الأوضاع في اليمن وسورية والعراق، وذلك خلال ندوة عقدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، اليوم الثلاثاء، في الدوحة، حول أسباب التوتر بين البلدين وأبعاده وتداعياته وآفاقه المستقبلية.
ويرى عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن العلاقات السعودية ـ الإيرانية قائمة على أربعة مرتكزات رئيسية، تتمثل في: البعد العقائدي، والنظام السياسي، والسياسات النفطية، وأمن الخليج.
واستبعد أن تمثل إيران أي تهديد عسكري على الخليج، معتبرا أن تهديدها استخباراتي: "من خلال محاولة زعزعة استقرار دول الخليج من الداخل من خلال زرع خلايا موالية لها، والتدخل من خلال مليشيات في المنطقة".
وأكد بن صقر أن الأيام القادمة "ستحمل الكثير من السياسات الصارمة السعودية ضد إيران"، مؤكدا على أن المطلوب من إيران "تغيير في سلوكياتها في المنطقة، لا مجرد إبداء حسن نوايا".
اقرأ أيضاً: استطلاع "الجزيرة للدراسات": قلق الحرب بين العرب وإيران
من جهته، يرى عبد الوهاب الأفندي، رئيس برنامج العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا، أنّ المسألة تتجاوز تبسيط الصراع إلى أزمة سعودية ـ إيرانية، فالأمر يتعلق بزلزال عالمي يمثل العالم العربي مركزه ولكن تردداته واسعة جدًا. وقال إن هناك تحركًا جيوستراتيجيًا لا يضم إيران وحدها، بل كل القوى التي لها أجندات ضد المصالح العربية، بما في ذلك روسيا، التي تخوض من خلال تدخلها في سورية والمنطقة معركتها الرئيسية لهزيمة الغرب، معتبرا أن الصراع الدولي "بدأ في أوكرانيا وامتد إلى قلب العالم العربي"، في حديثه عن الصراع الروسي ـ الغربي.
وأكد الأفندي أن إيران "تستخدم الطائفية كسلاح"، بينما تفتقد السعودية "أدوات التجييش الداخلي والخارجي ضد إيران".
أما الجلسة الثانية من الندوة، فخصصت لقراءة التوتر في العلاقات السعودية - الإيرانية من الداخل الإيراني، وتحدث محجوب الزويري، المتخصص في الدراسات الإيرانية عن التصور الإيراني الرسمي، الذي تتبناه النخبة السياسية الإيرانية عن المملكة العربية السعودية.
وتطرقت الجلسة الثالثة من الندوة إلى البعد الإقليمي للأزمة السعودية - الإيرانية والمواقف الدولية منها، ومن بين المتحدثين فيها خليل جهشان، مدير فرع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في واشنطن، الذي أوضح أنّ المسؤولين الأميركيين أبدوا تخوفهم في ردهم على التصعيد السريع في الخلافات السياسية بين الرياض وطهران، وعبّروا عن مفاجأتهم وقلقهم الحذر تجاه قطع السعودية علاقاتها مع إيران؛ لما يشكله من خطورة وتهديد مباشر لأمن المنطقة ولسياسات الولايات المتحدة وأهدافها القومية فيها.
وقدّم مروان قبلان، رئيس وحدة تحليل السياسات في المركز العربي ورقة بعنوان "الأزمة السعودية-الإيرانية وبنية النظام الإقليمي"، أوضح فيها أن هذا الصراع يأتي في سياق مرحلة انتقالية بين انهيار نظام إقليمي سابق وعملية جارية لتشكيل نظام جديد، مع تفكك دولة إقليمية قوية هي العراق، وكذا انسحاب قوى كبرى تقليدية في المنطقة ممثلة في الولايات المتحدة ودخول قوى أخرى وفي مقدمتها روسيا، فبرزت السعودية وإيران قوتين إقليميتين متنافرتين متصارعتين. وأشار إلى أن إيران استغلت تفكيك الغزو الأميركي العراق لتوسع هيمنتها في البلاد وتبسط نفوذها بما أعطاها إمكانيات مناورة أكبر على الصعيد الإقليمي.