وصفت البعثة الفنية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في تقرير لها، أعلن عنه اليوم الإثنين في الدوحة، الإجراءات التي اتخذت ضد قطر من قبل دول الحصار بأنها: "إجراءات تعسفية أحادية الجانب وفقاً لتعريف ومعايير الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أنها "تدابير غير متكافئة وتتسم بالعنصرية، وأن الأثر الاقتصادي الذي خلفه الحصار المفروض على قطر يرقى إلى الحرب الاقتصادية".
وقال رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان علي بن صميخ المري، في مؤتمر صحافي عقده للإعلان عن تقرير البعثة الفنية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان وملاحظات اللجنة عليه: "إن هذا التقرير يمثل أول وثيقة أممية من الأمم المتحدة يدين إجراءات دول الحصار ضد قطر"، موضحاً أن "اللجنة ستطالب بطرح قضية تداعيات الحصار في تقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان في الدورة القادمة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والذي سيعقد في شهر فبراير/ شباط المقبل".
ووفقاً للتقرير، الذي حصل "العربي الجديد" على نسخة منه، فإن البعثة الفنية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، أكدت على أن الإجراءات التعسفية المتخذة تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين والمقيمين في قطر.
كما بين التقرير أن هناك أربع فئات متضررة من هذه الأزمة، يأتي في مقدمتها المواطنون القطريون المقيمون في السعودية والإمارات والبحرين والدارسون في مصر ممن أجبروا على مغادرة تلك الدول على الفور تاركين وراءهم ذويهم وأعمالهم ووظائفهم وممتلكاتهم أو ممن أمروا بقطع دراستهم قسرا، وكذا المواطنون السعوديون والإماراتيون والبحرينيون المقيمون في قطر (ومنهم كثيرون متزوجون من قطريين وقطريات) والذين أضحوا مجبرين على العودة لأوطانهم وتقطعت بهم السبل عن ذويهم وحيل بينهم وبين أرزاقهم وأملاكهم، إضافة إلى العمالة الوافدة وذويها والتي تشكل غالبية السكان في قطر، إذ فقد بعضهم وظائفهم وواجه البعض الآخر ضغوطاً اقتصادية متزايدة.
كما تطرق تقرير البعثة الفنية الذي زار قطر في الفترة ما بين 17 إلى 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتقى خلال الزيارة بممثلي 20 جهة حكومية وغير حكومية وممثلي الجاليات ونحو 40 متضرراً من قدموا شكاوى لدى اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، إلى العديد من الانتهاكات، مثل خطاب الكراهية والتحريض والقيود المفروضة على حرية التعبير من طرف دول الحصار، كما تطرق إلى انتهاكات الحق في حرية التنقل والاتصال ولم شمل الأسر والتأثير على الحقوق الاقتصادية وعلى الحق في التملك والصحة والتعليم.
وانتقد التقرير الإجراءات المتخذة من دول الحصار والتي قال إنها لا تفرق بين الحكومة والمدنيين وبالأخص حاملي الجنسية القطرية، مؤكدا على خطورة هذا الأمر، كما جزم بأن معاناة الضحايا ستتفاقم ما لم تحل الأزمة، مشيراً في الوقت نفسه بشكل إيجابي إلى دور الحكومة القطرية التي لم تتخذ أية إجراءات انتقامية ضد مواطني دول الحصار العاملين في قطر ولن تتعامل أو ترد بالمثل بشأن الانتهاكات التي تعرض لها مواطنوها.
ورحب المري بتقرير اللجنة الفنية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وقال: "إن هذا التقرير الأول من نوعه يصدر عن منظمة دولية حكومية بحجم الأمم المتحدة يدين دول الحصار، وقد جاء بعد سبعة أشهر من الحصار ليوثق لأبشع الانتهاكات الناجمة عنه"، مضيفاً أنه يوثق بشكل غير قابل للتأويل أن التدابير التي اتخذتها دول الحصار هي إجراءات تعسفية أحادية الجانب وتنتهك صراحة القانون الدولي ومبادئ العلاقات الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان".
وأضاف: "يؤكد التقرير أن ما تعرضت له دولة قطر ليس مجرد قطع علاقات دبلوماسية وأن الانتهاكات ترقى إلى عقوبات جماعية، وأن الانتهاكات التي تعرض لها المواطنون والمقيمون في دولة قطر ومواطنو دول مجلس التعاون ليست ادعاءات كما تزعم دول الحصار وإنما هي وقائع مثبتة بأدلة قاطعة".
وأكد أن هذا التقرير يعتبر مرجعية قانونية هامة لتحركات دبلوماسية وقانونية على الصعيدين الإقليمي والدولي مستقبلاً، داعياً المقررين الخواص بالأمم المتحدة إلى سرعة التحرك لمعالجة قضايا ضحايا انتهاكات الحصار وزيارة دول الحصار إلى جانب تضمين تداعيات الحصار في تقاريرهم التي ترفع إلى مجلس حقوق الإنسان، وتضمين تداعيات الحصار في التقرير العام للأمين العام للأمم المتحدة.
ودعا رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، الحكومة القطرية إلى "عدم قبول أية حلول للأزمة أو أية مفاوضات قبل رفع الانتهاكات والغبن عن المتضررين وإنصاف الضحايا"، كما دعاها إلى ضرورة "الاعتماد على تقرير البعثة الفنية في دعم الشكاوى المطروحة أمام منظمة التجارة العالمية والمنظمة الدولية للطيران المدني ومنظمة اليونسكو، وسرعة التحرك على مستوى مجلس حقوق الإنسان وضرورة طرح تداعيات الحصار أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، واللجوء إلى محكمة العدل الدولية ولجان التحكيم والمحاكم الوطنية والدولية المتخصصة، وضرورة تقديم بعض المتسببين في الحملات التحريضية وخطاب الكراهية ودعوات العنف من دول الحصار إلى العدالة وبخاصة مسؤولي تلك الدول، كالمستشار الإعلامي في الديوان الملكي السعودي، ودعوة لجنة التعويضات القطرية إلى ضرورة الإسراع في إجراءات التقاضي والتحكيم الدولي".
وتفرض كل من السعودية والإمارات والبحرين بالإضافة إلى مصر حصاراً برياً وجوياً على قطر منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي، إذ قطعت الدول الأربع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وطلبت من المواطنين القطريين مغادرة أراضيها خلال أربعة عشر يوماً، متهمة قطر بتمويل الإرهاب، وهو ما نفته الدوحة، وأكدت أن الإجراءات المتخذة من قبل دول الحصار تستهدف سيادتها واستقلالها.
ووفق مكتب الاتصال الحكومي القطري، فقد بلغ عدد من تأثروا بإجراءات الحصار بشكل مباشر، 26 ألف مواطن قطري وخليجي، في قطاعات التعليم والصحة والعمل والتنقل.