عام 2015، وجد تقرير عن الإعلام العالمي أن النساء كنّ فقط 19 في المئة من الخبراء الذين جرى الاستشهاد بهم في الأخبار، و37 في المئة من الصحافيين الذين يكتبون القصص. خلال ثلاث سنوات، استطاعت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تحقيق توازن بين الرجال والنساء بشكل كبير. تقول مجلة "فوربس" إن النتيجة في "بي بي س" ظهرت على الشاشة وعلى الهواء وفي الأدوار القيادية عبر جميع الأنواع من الدراما إلى الأخبار. وتشير المجلة إلى أنهم (في الهيئة) فعلوا ذلك من دون استخدام الطرق المعتادة، برامج ووعود كبيرة بالتنوع، أو بدء التدريب على التحيز اللاواعي، أو جلسات لا نهائية تهدف إلى تمكين المرأة.
بداية القصة
في عام 2017، بعد الاستماع إلى ساعتين من أصوات الذكور في راديو "بي بي سي"، على خلفية حملة فضح التحرش #MeToo، قرّر روس أتكينس تحقيق التوازن بين الجنسين بين المساهمين في برنامجه على الهواء. خلال أربعة أشهر انتقل البرنامج من 39 في المئة إلى 50 في المئة من المساهِمات. ثم بدأ يشارك دروسه ويقترح أن بعض زملائه قد يرغبون في أن يفعلوا الأمر نفسه. أُشرِك المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية، حينها، توني هول، في حملة التغيير فدعمها. في غضون ثلاث سنوات فقط، انضم 600 برنامج وفرقة داخل "بي بي سي" إلى ما أصبح يعرف بمشروع 50:50. وفي آذار/ مارس 2020، كان 78 في المئة من البرامج التي شاركت في 50:50 لمدة عامين أو أكثر يحقق المساواة بين المساهمين.
مساواة يبنيها الرجال والنساء
تقول "فوربس": "غالباً ما يعتقد الناس أن أفضل طرق المساواة هي قيادات نسائية ناجحة. لكن في الواقع، إن أفضل نماذج تحقيق التوازن بين الجنسين تأتي من قادة، من أي جنس، يحققون التوازن الجندري بشكل فعّال داخل منظماتهم". وفي "بي بي سي" انطلقت حملة المساواة مع روس أتكينز وتوني هول، وهما اثنان من اللاعبين الكلاسيكيين في المجموعة. وتشرح المجلة: "هذا ما أخفقت العديد من المنظمات في تسخيره في البداية: قبول مجموعاتها المهيمنة، مهما كانت". وبمجرد أن نجح البرنامج التجريبي، بدأ طرح النهج طوعياً عن قصد وبشكل متعمد. قُدِّمَت أدوات ومهارات ودعم لقادة الأقسام المختلفة، وجُعلت المشاركة اختيارية. تعلّق مديرة الشراكات الخارجية للمشروع 50:50، أنجيلا هينشال، قائلة: "لم نحاول تغيير أي شخص، أردنا منحهم أداة لتغيير أنفسهم". وتقول المجلة: "كان نجاح وتأثير المتبنين الأوائل كافياً لبناء الزخم. اليوم، الإثارة حول التغيير واضحة في جميع أنحاء الهيئة".
انتقادات وغياب الحماسة
لكنّ الموظفين ومنسقي الحملات لم يكونوا متحمّسين كثيراً لمثل هذه الخطط، بحسب ما نقلت صحيفة "ذا غارديان". تقول مذيعة "ذا وومنز آور"، جاين غارفي، وهي إحدى الفاعلات في مجموعة "نساء بي بي سي": "يبدو الأمر وكأنّه محاولة نصف كريمة، لكنّهم يفعلون هذا دائماً. إنّ الموضوع أشبه بالحكومة، تعلن دائماً أموراً جديدة، بينما هي ليست جديدة".
وتضيف غارفي أنّ على "بي بي سي" أن تتعامل مع قضايا التنوّع الإثني والطبقي. وأضافت: "هذا يعالج أحد الجوانب، لكن ليس التنوّع في المجالات الأخرى. على بي بي سي أيضاً أن تقوم بالمزيد". ورحّبت مسؤولة حركة "مساواة النساء"، صوفي واكر، حينها بمبادرة المساواة في الظهور، لكنّها تقول إنّ "المساواة في عدد النساء والرجال الخبراء يجب أن تكون بديهية وألا تُطرح كمبادرة". وتضيف: "أظنّ أنّه يجري الترويج لهذا الآن، كي نصرف النظر عن عدم حلّ مشكلة التمييز الجندري ضدّ النساء في الأجور".
ماذا عن المساواة في الأجور؟
لكن "المساواة بين الجنسين" في إنتاج المحتوى وإيصاله، لم توقف معركة "الفجوة الجندرية في الأجور"، التي تلاحق الاتهامات بالتمييز فيها للهيئة منذ سنوات، ووصل صداها إلى أروقة المحاكم. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي كسبت مقدّمة البرامج، سميرة أحمد، دعوى المساواة في الأجر التي رفعتها ضد "بي بي سي"، قبل أن تتوصل إلى تسوية في فبراير/ شباط. وكانت "بي بي سي" قد نفت التمييز الجندري، وبررت بالقول إن زميل أحمد حصل على أموال أكثر لأن برنامجه "ترفيهي" وأكثر شهرة، بينما صنفت "نيوز ووتش"، برنامج أحمد، على أنه "أخبار".