على مقربة من السياج الحدودي الفاصل الواقع أقصى شمالي بلدة بيت لاهيا، شمالي قطاع غزة، يجري طاقم هندسي أميركي تابع لإحدى المؤسسات غير الحكومية تحضيرات لإنجاز المستشفى الأميركي الميداني الذي سيقدم خدماته للمرضى الغزيين خلال أسابيع قليلة.
وبدأت هذه الطواقم قبل أيام العمل على نصب الخيام والمعدات الميدانية التي جرى إدخالها قبل أسابيع عبر معبر كرم أبو سالم، والذي يعتبر المنفذ الوحيد لحركة الشاحنات والبضائع للقطاع، تمهيداً لقدوم وفود طبية أوروبية وأميركية.
وأحدثت صور قامت مؤسسة "friendships" الأميركية بنشرها للمستشفى قبل أيام ضجة واسعة في الأوساط الفلسطينية، لم يقتصر أثرها على نشطاء التواصل الاجتماعي الفلسطينيين، بل امتد ليصل إلى مختلف المستويات السياسية، وتحديداً حركتي فتح وحماس.
وتحول ملف المستشفى الأميركي الذي يعتبر جزءاً من التفاهمات التي تم التوصل إليها برعاية مصرية وقطرية وأممية لساحة تراشق إعلامي بين فتح وحماس، بالإضافة لبعض القياديين المحسوبين على فصائل تتبع منظمة التحرير.
وسبق أن أعلن نائب رئيس حركة حماس في غزة، خليل الحية، أن المستشفى يقتصر دوره على توفير الخدمات الصحية في بعض المجالات غير المتوفرة في المستشفيات الحكومية أو الخاصة بغزة، وأنه سيخضع للرقابة الأمنية من قبل أجهزة الأمن الحكومية وتلك التابعة لفصائل المقاومة الفلسطينية.
إلا أن حركة فتح رأت الأمر يأتي ضمن تحالفات وتفاهمات تجري بين حركة حماس من جهة، والاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة الأميركية من جهة أخرى، معتبرة أن ذلك ضربة للتحركات التي يقودها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وتزامن ذلك مع تصريحات لقياديين في الجهاد الإسلامي، كان آخرها للقيادي خضر حبيب، الذي قال إن المستشفى الأميركي الميداني هو جزء من التفاهمات التي جرت قبل عدة أشهر، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الاحتلال ماطل في تنفيذ هذه التفاهمات كثيراً.
إلى ذلك، اعتبرت بعض القوى والفصائل الأخرى مثل الجبهة الشعبية، وحزب الشعب، وشخصيات محسوبة على الفصائل التي تتبع منظمة التحرير أن المستشفى يشكل خطراً أمنياً على غزة، ولا سيما أنه سبق أن قدم خدمات في سورية والعراق.
في الأثناء، أكد المتحدث باسم حماس، حازم قاسم، إن إنشاء المستشفى الميداني الجديد في شمالي القطاع، جزء من التفاهمات الأخيرة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي برعاية مصرية والأمم المتحدة.
وقال قاسم في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إن إنشاء المستشفى جاء لأن جزءاً من الحصار أثّر على الأوضاع الصحية بشكل كبير في قطاع غزة، بسبب السياسة الإسرائيلية وإهمال السلطة الفلسطينية التعامل مع الحالات المرضية في غزة.
وأشار إلى أنه بسبب تردي الوضع الصحي بغزة، تم الاتفاق على مسارين، الأول إدخال الدواء لغزة من جهات مانحة، والثاني إنشاء مشفى ميداني يتبع جهات خيرية إنسانية، مشدداً على أن ذلك تم بالاتفاق مع الفصائل الفلسطينية.
ونبه المتحدث باسم حماس أن عمل المشفى سيكون بالتنسيق الكامل مع وزارة الصحة في قطاع غزة، والأجهزة الأمنية في القطاع من مسؤوليتها تأمين المشفى كما تقوم بدورها مع بقية المؤسسات العاملة في القطاع. واعتبر أن من يعارض إقامة المشفى الميداني يريد إبقاء الحصار المفروض على القطاع، واستمرار الأزمة الإنسانية والصحية، من أجل تحقيق أهداف فئوية حزبية ضيقة، حسب قوله.