تُشكل المبادرات الاستثمارية الفردية، التي أطلقها المصريون القاطنون بالخارج منذ عشرات السنين، عصب الاستثمارات المصرية في أنحاء العالم. ورغم أهمية النفوذ الاستثماري في توطيد العلاقات مع العالم الخارجي، إلا أن هذه المشروعات تفتقر إلى الدعم الحكومي. دعم كان من شأنه تحويل الاستثمارات "العشوائية" إلى تكتلات اقتصادية تلعب دوراً في صنع القرار الخارجي حين يتعلّق الأمر بالمصالح المصرية.
وينعكس ذلك الغياب الحكومي بوضوح في عدم وجود قاعدة معلوماتية موثّقة عن حجم الاستثمارات المصرية بالخارج أو توزيعها الجغرافي والقطاعي، ما يجعل هذه الاستثمارات حبيسة التقديرات الفردية التي تتفاوت بين 20 إلى 30 مليار دولار.
وفي المقابل، عند الحديث عن الأرقام الموثقة، لن نجد سوى البيانات غير المحدثة الصادرة عن صندوق النقد الدولي في الثمانينات من القرن الماضي، حين قُدّرت الاستثمارات المصرية الدولية، شاملةً عمالة المصريين في الخارج، بنحو 160 إلى 180 مليار دولار.
الزراعة والمنسوجات والبنية التحتية
وفي محاولة لمعرفة طبيعة الاستثمارات المصرية بالخارج، حاورت "العربي الجديد" عدداً من المستثمرين الدوليين والمسؤولين من أصحاب الخبرات. ويقول رئيس مجلس إدارة شركة مصرية للتسويق والتجارة، الدكتور شريف الخريبي، إن حجم الاستثمارات المصرية المعروفة في دول العالم تراوح بين 20 إلى 30 مليار دولار.
ويوضح الخريبي أن الاستثمارات تتوزع بين قطاعات الزراعة ومزارع الثروة الحيوانية والبنية التحتية والكابلات الكهربائية والمنسوجات والملابس والاستشارات الهندسية.
ويرى أن إحدى شركات الاستثمارات المصرية مثلاً، تدير في أفريقيا مشاريع بقيمة 6 مليارات دولار، في حين تتسع مشاريع مصرية من نوع آخر في دول العالم، ومنها الاستشارات الهندسية والمقاولات، حيث تتوزع شبكة مصرية من مكاتب للاستشارات والمقاولات في دول متعددة، مثل تنزانيا والسعودية وفرنسا، وفي آسيا وأفريقيا.
وتمتلك مصر أيضاً وجوداً قوياً في قطاع الاتصالات في الدول العربية، إضافة الى دخول الاستثمارات المصرية قطاعات سياحية عربية وأجنبية في عدد من الدول.
أين المظلة الحكومية؟
ورغم توسّع الاستثمارات الخارجية، إلا أن مصر لم تحقق الإفادة المأمولة منها في نقل تكنولوجيا حديثة إلى الصناعات المصرية. ويؤكد الخريبي أن تركّز معظم المبادرات الاستثمارية في دولٍ أفريقية وآسيوية جعل من مصر مركزاً لنقل التكنولوجيا لهذه الدول وليس العكس.
ويضيف أن هناك حالات استثنائية، مثل شركة للملابس التي نقلت خبرات إيطالية وانجليزية إلى مصانعها في مصر، لتتمكن منتجاتها بفضل هذه النقلة التكنولوجية من غزو أوروبا وأميركا اللاتينية.
وباعتباره أحد المسؤولين البارزين في إدارة الاستثمارات الخارجية بفضل توليه رئاسة بنك القاهرة الدولي في أوغندا عام 1995، يرصد الخريبي أسلوب تعامل السفارات المصرية مع الجاليات في الخارج، ويقول: "هناك تجاهل تام للمستثمرين المصريين، سواء على صعيد التواصل مع الحكومات الأجنبية لتسهيل التراخيص، أو مساندتهم لحل المشكلات الإدارية أو المالية.
ومن الطبيعي أن يثير ذلك التجاهل علامات استفهام وتعجّب عديدة في ظل عدم تخصيص الحكومة جهة محددة لمؤازرة استثمارات المصريين في الخارج، خاصة أنها تقدّر بمليارات الدولارات".
وعند طرح هذه القضية على السفير جمال بيومي، أمين عام الشراكة الأوروبية في وزارة التعاون الدولي، انحصرت تفسيرات عدم حصر الدولة لاستثمارات المصريين في الخارج إلى "سعة انتشارها، بما يُصعّب مهمة الحصر والتدقيق على وزارتي الخارجية والتعاون الدولي".
ويقول بيومي، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الاستثمارات قُدّرت من قبل صندوق النقد الدولي في حقبة الثمانينات بما يراوح بين 160 ـ 180 مليار دولار، وهو ما يشير إلى أنها تضاعفت بالتأكيد خلال الثلاثين عاماً الماضية. لذا، فعليناً التفكير بجدية في سُبل توجيه جزء منها للاقتصاد الوطني لانتشاله من الازمات التي يمر بها حالياً".
وعند الانتقال بدفة الحديث إلى الشركات ذات الوجود المباشر بالأسواق الخارجية، سنكتشف أن تسهيلات التراخيص أحد أبرز العوامل التي تدفعها للتوسّع في دول العالم. وهذا ما يؤكده مصدر بشركة النساجون الشرقيون (أكبر مصنع للسجاد الميكانيكي حول العالم بطاقة 135 مليون متر مربع سنوياً)، إذ يشير إلى أن متر الأراضي الصناعية في أميركا يبلغ 8 دولارات فقط مقارنة بأكثر من 100 دولار في مصر.
ويضيف أن الشركة عندما قررت إنشاء مصنعين في السوقين الأميركية والصينية، وضعت نصب عينيها الطلب المرتفع في هذه الأسواق والحاجة إلى النفاد إليها مباشرة دون تحمُّل أعباء مصاريف النقل.
من جهته، يشرح رئيس مجلس إدارة شركة استشارية مصرية، عمرو علوبة، استراتيجية عمل شركته في أفريقيا، ويقول: "آلاف المشروعات الأساسية في القارة السمراء تفتح ذراعيها للاستثمارات الخارجية، خاصة القادمة من دول تنتمي لنفس القارة. ولكن تحجيم المخاطر هو مفتاح دخول هذه الأسواق".
ويضيف أن "مخاطر السداد هي أبرز الصعوبات التي تواجه الشركة عند إقامة مشروعات البنية الأساسية في الدول الأفريقية. لذا ينصب التركيز على انتقاء الفرص الجذابة، مثل التعاقد مع الحكومات مباشرة في إقامة القرى الذكية".
وينعكس ذلك الغياب الحكومي بوضوح في عدم وجود قاعدة معلوماتية موثّقة عن حجم الاستثمارات المصرية بالخارج أو توزيعها الجغرافي والقطاعي، ما يجعل هذه الاستثمارات حبيسة التقديرات الفردية التي تتفاوت بين 20 إلى 30 مليار دولار.
وفي المقابل، عند الحديث عن الأرقام الموثقة، لن نجد سوى البيانات غير المحدثة الصادرة عن صندوق النقد الدولي في الثمانينات من القرن الماضي، حين قُدّرت الاستثمارات المصرية الدولية، شاملةً عمالة المصريين في الخارج، بنحو 160 إلى 180 مليار دولار.
الزراعة والمنسوجات والبنية التحتية
وفي محاولة لمعرفة طبيعة الاستثمارات المصرية بالخارج، حاورت "العربي الجديد" عدداً من المستثمرين الدوليين والمسؤولين من أصحاب الخبرات. ويقول رئيس مجلس إدارة شركة مصرية للتسويق والتجارة، الدكتور شريف الخريبي، إن حجم الاستثمارات المصرية المعروفة في دول العالم تراوح بين 20 إلى 30 مليار دولار.
ويوضح الخريبي أن الاستثمارات تتوزع بين قطاعات الزراعة ومزارع الثروة الحيوانية والبنية التحتية والكابلات الكهربائية والمنسوجات والملابس والاستشارات الهندسية.
ويرى أن إحدى شركات الاستثمارات المصرية مثلاً، تدير في أفريقيا مشاريع بقيمة 6 مليارات دولار، في حين تتسع مشاريع مصرية من نوع آخر في دول العالم، ومنها الاستشارات الهندسية والمقاولات، حيث تتوزع شبكة مصرية من مكاتب للاستشارات والمقاولات في دول متعددة، مثل تنزانيا والسعودية وفرنسا، وفي آسيا وأفريقيا.
وتمتلك مصر أيضاً وجوداً قوياً في قطاع الاتصالات في الدول العربية، إضافة الى دخول الاستثمارات المصرية قطاعات سياحية عربية وأجنبية في عدد من الدول.
أين المظلة الحكومية؟
ورغم توسّع الاستثمارات الخارجية، إلا أن مصر لم تحقق الإفادة المأمولة منها في نقل تكنولوجيا حديثة إلى الصناعات المصرية. ويؤكد الخريبي أن تركّز معظم المبادرات الاستثمارية في دولٍ أفريقية وآسيوية جعل من مصر مركزاً لنقل التكنولوجيا لهذه الدول وليس العكس.
ويضيف أن هناك حالات استثنائية، مثل شركة للملابس التي نقلت خبرات إيطالية وانجليزية إلى مصانعها في مصر، لتتمكن منتجاتها بفضل هذه النقلة التكنولوجية من غزو أوروبا وأميركا اللاتينية.
وباعتباره أحد المسؤولين البارزين في إدارة الاستثمارات الخارجية بفضل توليه رئاسة بنك القاهرة الدولي في أوغندا عام 1995، يرصد الخريبي أسلوب تعامل السفارات المصرية مع الجاليات في الخارج، ويقول: "هناك تجاهل تام للمستثمرين المصريين، سواء على صعيد التواصل مع الحكومات الأجنبية لتسهيل التراخيص، أو مساندتهم لحل المشكلات الإدارية أو المالية.
ومن الطبيعي أن يثير ذلك التجاهل علامات استفهام وتعجّب عديدة في ظل عدم تخصيص الحكومة جهة محددة لمؤازرة استثمارات المصريين في الخارج، خاصة أنها تقدّر بمليارات الدولارات".
وعند طرح هذه القضية على السفير جمال بيومي، أمين عام الشراكة الأوروبية في وزارة التعاون الدولي، انحصرت تفسيرات عدم حصر الدولة لاستثمارات المصريين في الخارج إلى "سعة انتشارها، بما يُصعّب مهمة الحصر والتدقيق على وزارتي الخارجية والتعاون الدولي".
ويقول بيومي، لـ"العربي الجديد"، إن هذه الاستثمارات قُدّرت من قبل صندوق النقد الدولي في حقبة الثمانينات بما يراوح بين 160 ـ 180 مليار دولار، وهو ما يشير إلى أنها تضاعفت بالتأكيد خلال الثلاثين عاماً الماضية. لذا، فعليناً التفكير بجدية في سُبل توجيه جزء منها للاقتصاد الوطني لانتشاله من الازمات التي يمر بها حالياً".
وعند الانتقال بدفة الحديث إلى الشركات ذات الوجود المباشر بالأسواق الخارجية، سنكتشف أن تسهيلات التراخيص أحد أبرز العوامل التي تدفعها للتوسّع في دول العالم. وهذا ما يؤكده مصدر بشركة النساجون الشرقيون (أكبر مصنع للسجاد الميكانيكي حول العالم بطاقة 135 مليون متر مربع سنوياً)، إذ يشير إلى أن متر الأراضي الصناعية في أميركا يبلغ 8 دولارات فقط مقارنة بأكثر من 100 دولار في مصر.
ويضيف أن الشركة عندما قررت إنشاء مصنعين في السوقين الأميركية والصينية، وضعت نصب عينيها الطلب المرتفع في هذه الأسواق والحاجة إلى النفاد إليها مباشرة دون تحمُّل أعباء مصاريف النقل.
من جهته، يشرح رئيس مجلس إدارة شركة استشارية مصرية، عمرو علوبة، استراتيجية عمل شركته في أفريقيا، ويقول: "آلاف المشروعات الأساسية في القارة السمراء تفتح ذراعيها للاستثمارات الخارجية، خاصة القادمة من دول تنتمي لنفس القارة. ولكن تحجيم المخاطر هو مفتاح دخول هذه الأسواق".
ويضيف أن "مخاطر السداد هي أبرز الصعوبات التي تواجه الشركة عند إقامة مشروعات البنية الأساسية في الدول الأفريقية. لذا ينصب التركيز على انتقاء الفرص الجذابة، مثل التعاقد مع الحكومات مباشرة في إقامة القرى الذكية".