المشهراوي.. رائد صيانة "سكوتر" ذوي الاحتياجات الخاصة

15 ديسمبر 2014
أنور في محله في مدينة غزة (العربي الجديد)
+ الخط -
يجلس أنور المشهراوي (41 عاماً)، في ورشته الصغيرة في غزة التي لا تتعدَّى مساحتها بضعة أمتار، ليقوم ‏بصيانة سيارات الـ "سكوتر" الخاصة بتنقُّل ذوي الاحتياجات الخاصة. فقدَ أنور أحد أطرافه عام 1984 إثرَ حادث ‏سير، وهو الآن يستخدم طرفاً صناعياً.‏ وبسبب قلة وجود محال تتخصص في تصليح الـ "سكوتر" التي يستخدمها شخصياً، قرر أن يتعلم القيام بالإصلاحات بنفسه، ثم طوّر مهاراته عبر تعلّم هذه المهنة، لتصبح مصدر رزقه.

سيارات ذوي الاحتياجات
وبعدما افتتح أنور ورشته الواقعة في حي الرمال غرب مدينة غزة، أصبح أول شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة يمارس هذه المهنة على مستوى قطاع غزة. ‏
بدأ أنور مشواره المهني، بعد التحاقه بدورة تدريبية في تصليح سيارات السكوتر أواخر عام 2011، ‏فخرج بفائدة كبيرة، واختير حينها كأفضل شاب متميز في الدورة. أثبت أنور نفسه بجدارة كبيرة في صيانة ‏سيارات السكوتر.
ويقول: "اخترت هذا المجال لأني أريد مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة في تنقلاتهم، وأنا أعاني من إعاقة حركية، لذلك فمن الطبيعي أن أكون أكثر من غيري شعوراً بالمشكلات التي يواجهونها مع سيارتهم الخاصة. خصوصاً أن هذا النوع من السيارات يساعد الكثير من ذوي الاحتياجات الخاصة في تنقلاتهم اليومية".
ويتابع أنور أنَّه عند صيانة السكوتر، فإنَّه يكتفي ‏بالأجرة القليلة والرمزية، لأنَّ محلات الصيانة الأخرى تطلب أجرة مرتفعة، لا يستطيع غالبية ذوي الاحتياجات الخاصة دفعها، خصوصاً أن غالبيتهم لم يتم دمجهم بسوق العمل.‏
ويضيفُ أنور أيضاً حول اختياره هذا المجال قائلاً: "إن السبب الآخر، كان أملا منّي في تغيير واقعي ‏الصعب، فقبل افتتاح هذا المشروع، كان لدي محلّ بقالة صغير في بيتي، وكان الدخل المالي لا يلبي ‏احتياجات أسرتي. وكان لدي أيضاً خبرة في تركيب الأقمار الصناعية وبرمجتها، وكنت أعمل في هذه ‏المهنة إلى جانب محل البقالة، إلى أن أصبح العمل ضعيفاً للغاية. كل هذه العوامل كانت سبباً في بحثي ‏عن عمل آخر يساعدني على تأمين دخل أفضل لأسرتي".‏
ويشير أنور إلى أن عمله قد تطور، وأصبح اسمه معروفاً في السوق، وصار له زبائن وأصدقاء، ويتحدث ‏عن ذلك: "يوجد الآن إقبال على ورشتي، رغم أنَّ بداية المشروع كانت صعبة، إذ بقيت حوالي ستة ‏أشهر دون عمل، لكن اليوم تغير الحال وبدأ ذوو الاحتياجات الخاصة يلجؤون لي في صيانة سياراتهم. ‏وبالتالي أصبح الإقبال كبيراً، بحيث أصلح أحياناً سيارة يومياً، وأحياناً سيارتين في الأسبوع كله". ويتابع‏ "اختصاصي هو ميكانيك السيارات، وعند حدوث أي مشكلة لا أستطيع صيانتها، أتوجه إلى ‏المهندسين الذين قاموا بتعليمي خلال الدورة".‏
ويقول أنور إنَّ هدفه الأساسي من وراء هذا المشروع، هو أن يعيش حياة سعيدة وكريمة، وبأن ‏يحصل على دخل مالي جيّد، يستطيع من خلاله أن يلبي احتياجات أسرته، لأن المتطلبات المعيشية ‏أصبحت مرتفعة اليوم.
ويتابع : "أصريت على تطوير دخلي، وابتعد عن الجمعيات والمؤسسات ‏الإغاثية، لأنني لا أريد مساعدات، ولا أن يمد أحدٌ يد العون لي. فأنا أستطيع أن أجلب قوت يومي ‏بيدي، بالرغم من الظروف الصعبة في غزة. تغلبت على واقع الحصار واخترت الصيانة لأنها خفيفة ‏وسهلة، وأستطيع التحكم بها بسهولة".‏
وحول دخل الورشة، يقول أنور إنه متزوج وبأنَّه لديه طفل، وبأنَّه يتقاسم دخل الورشة مع أسرته. ويفتخر أنور بعمله وبتلقي الدعم والمساندة من عائلته وخاصة زوجته، يقول: "أسرتي في بداية ‏المشروع دعمتني، وهي إلى جانبي حتى الآن، فزوجتي منذ بداية العمل في هذا المشروع، تقبلت الفكرة ‏وساندتني، وفي بعض الأوقات يساعدني أخوتي في ‏عملية صيانة السيارات".‏
يقول أنور حول المشاريع المستقبلية، بأنّ كلّه أمل أن يصبح مشروعه متطوراً أكثر، وبأن يكون في ‏أعلى المستويات، وبأنَّ تكون قطع الغيار متوافرة في السوق. ‏أما حلمه الأكبر، فهو افتتاح مشروع ٍتدريبي لذوي الاحتياجات الخاصة، على صيانة سيارات السكوتر، بحيث ‏يصبح كل شخص قادراً على صيانة سيارته بنفسه، دون اللجوء إلى أحد.‏
دلالات
المساهمون