تطمح المصارف الإسلامية في تونس إلى الاستحواذ على 15% من إجمالي الأصول المصرفية في غضون عام 2022، مقابل 5% في عام 2016، حسب تقارير رسمية، ولكن تصطدم هذه الطموحات بالعديد من العقبات، أبرزها التشريعات المصرفية غير المواتية، حسب محللين ماليين لـ "العربي الجديد".
ولا تسمح القوانين الحالية للمصارف الإسلامية بمنافسة بقية المصارف في قطاعات حيوية للاقتصاد وإعادة استغلال فوائض الودائع، وفقاً للمحللين الذين أكدوا أن التأخير في تحسين الإطار التشريعي للصيرفة الإسلامية التي أثبتت نتائج باهرة في العديد من اقتصاديات العالم يفوّت على البلاد فرصا كبيرة لتمويل الاقتصاد، في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد المحلي إلى كل إمكانياته للتعافي والنهوض مجددًا.
وتدفع المصارف الإسلامية الناشطة حالياً أو التي تقدمت بمطالب ترخيص لدى المصرف المركزي إلى الاستحواذ على مساحة أكبر في تمويل القطاعات المختلفة، ولا سيما الزراعة والعقارات.
وانتقدت رئيسة الجمعية التونسية للمالية الإسلامية، أمال عمري، تأخر الحكومة في معالجة هذه العقبات وإدراجها ضمن أولويات إصلاح القطاع المصرفي. وقالت عمري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن "صندوق النقد الدولي سبق أن نبه الحكومة التونسية إلى ضرورة الاستفادة من إمكانيات الصيرفة الإسلامية وتطويرها تشريعياً وفنياً انطلاقا من تجارب مقارنة أثبتت نجاحها".
وأكدت أن الدراسات التي قامت بها الجمعية التونسية للمالية الإسلامية أثبتت أن المصارف الإسلامية تمكنت من استقطاب نسبة مهمة من الأموال المتداولة خارج الإطار المصرفي، بسبب عدم اقتناع أصحابها بالتعامل مع المصارف التجارية التقليدية والتهرب من الربا، بالرغم من حداثة التجربة في تونس مقارنة بالعديد من الدول الإسلامية الأخرى.
ودعت رئيسة الجمعية إلى ضرورة تركيز النصوص التشريعية اللازمة لجعل المصارف الإسلامية قادرة على منافسة نظيرتها التقليدية، مشيرة إلى أن عملاء المصارف الإسلامية يعانون من الإقصاء وعدم الاستفادة من برامج تمويل حكومية للقطاع العقاري، على غرار برنامج السكن الأول الذي أقرته الحكومة، لأن المصارف الإسلامية تمنع على نفسها التعامل بالربا، أخذا وعطاء ووساطة، كما لا يمكنها تمويل شراء الأراضي الزراعية، باعتبارها شركات مساهمة والقانون التونسي يمنع الأجنبي من تملك الأراضي الزراعية.
ولا تنكر السلطات المالية أهمية تنويع المنتجات المالية وما يمكن أن تحققه المصارف الإسلامية من إضافة للاقتصاد المحلي.
وقال محافظ المصرف المركزي، الشاذلي العياري، في تصريحات صحافية سابقة إن "تونس لم تستفد، حتى الآن، من الصيرفة الإسلامية بشكل جيد"، مشيراً إلى أن نسبة الأصول الإسلامية لا تتعدى 7% من إجمالي الأصول المصرفية في البلاد.
ويدرس المركزي التونسي طلبا تقدم به أحد رجال الأعمال التونسيين ومجموعة من المستثمرين الأجانب لإنشاء مصرف إسلامي جديد، سيكون الرابع من نوعه في شبكة مصارف تضم نحو 22 مصرفاً تجارياً من بينها 3 مصارف إسلامية هي البركة والزيتونة والوفاق، إلى جانب 3 شركات في التأمين التكافلي (التكافلية، الزيتونة تكافل، الأمانة تكافل)، فضلاً عن الشركة العربية الدولية للإيجار المالي.
كما تنشط في الساحة المالية التونسية حالياً صناديق استثمارية، منها 3 صناديق مشتركة للتوظيف في رأس المال التنمية، و6 صناديق مشتركة للتوظيف، إلى جانب 3 شركات تأمين تكافلي (تأمين مباشر). وتبلغ حصة هذه الشركات من رقم المعاملات الإجمالي لسوق التأمين 3% في 2015.
ويرى خبراء اقتصاد، أن المصارف الإسلامية في تونس مطالبة ببذل مجهودات إضافية لتعزيز مكانتها في السوق المالية، لا سيما في ظل توجه عدد كبير من بلدان العالم المتقدمة إلى الاستفادة القصوى من مزايا الصيرفة الإسلامية في تعزيز اقتصاداتها.
ويعود تاريخ الصيرفة الإسلامية في تونس إلى سنة 2008 بعد دخول نور الإسلامي الإماراتي ثم مصرف الزيتونة الذي كان ملك صخر الماطري، صهر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قبل أن تصادره الدولة بعد سنة 2011، وهو يعد أول مصرف إسلامي بتمويل تونسي بالكامل.
وفي مايو/أيار الماضي، أقر مجلس نواب الشعب التونسي بأغلبية 115 صوتا مشروع قانون يمنح للمصرف المركزي مهمة الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية، وتنظيم عملية سحب التراخيص بها، وإنشاء هيئة مراقبة على المؤسسة المالية المرخص لها بممارسة الصيرفة الإسلامية، ومنح القانون لهذه الهيئة النظر في مدى توافق أنشطة المصرف أو المؤسسة المالية مع مبادئ ومعايير الصيرفة الإسلامية، على أن تكون قراراتها ملزمة بالنسبة للمصرف أو المؤسسة المالية.
وحسب الخبير المالي مراد الحطاب لـ"العربي الجديد"، يحتاج التعايش في محيط نقدي ومالي واحد بين مؤسسات الصيرفة الإسلامية والتقليدية والمنشآت العاملة بمجال التأمين وشركات التكافل، إلى ضبط إطار تنظيمي محكم يؤسس على السماح بفتح نوافذ إسلامية وتوحيد أنماط الرقابة.
وقال الحطاب إن ضبابية معايير المنافسة وصعوبة التقيد بها يحجّم من دور المصارف الإسلامية في تمويل الاقتصاد، نظرا لهشاشة هذا الصنف من المصارف مقابل نظيرتها التجارية الأخرى التي تتمتع بشبكة فروع موسعة وقاعدة عملاء كبيرة تسمح لها بالاستفادة من كل فرص التمويل المتوفرة في البلاد.
وأشار الخبير المالي إلى ضرورة أخذ الحكومة بالاعتبار خصوصية المصارف الإسلامية وأفرادها بامتيازات تتلاءم مع طبيعة المنتجات المالية التي تقدمها لدى طرح المشاريع الممولة في قطاعي العقار والزراعية، مؤكدا أهمية التقيد بمعايير المنافسة الشريفة بين كافة الأطراف، حسب ما حدّده قانون المصارف الجديد.
وتسعى الحكومة التونسية إلى إحداث إصلاحات بالقطاع المصرفي ستؤدي إلى خصخصة عدد من المصارف الحكومية بضغوط من صندوق النقد الدولي، وتتخذ الحكومة من ضعف مساهمة هذه المصارف في تمويل الاقتصاد ذريعة للتخلص منها.
وقال وفد صندوق النقد الدولي، في بيان عقب زيارة عمل في تونس خلال الشهر الماضي، إن الحكومة مطالبة بضرورة القيام بالإصلاحات المهمة التي تأخرت، والرفع من مستوى الاستثمار العمومي لمواجهة الأزمة المتواصلة التي تعيشها المالية العامة، مرجحا أن تحقق البلاد نسبة نمو لا تتجاوز 1.3% في عام 2016، وطالب الحكومة بضرورة تحقيق نمو لا يقل عن 2.5% في عام 2017.
اقــرأ أيضاً
ولا تسمح القوانين الحالية للمصارف الإسلامية بمنافسة بقية المصارف في قطاعات حيوية للاقتصاد وإعادة استغلال فوائض الودائع، وفقاً للمحللين الذين أكدوا أن التأخير في تحسين الإطار التشريعي للصيرفة الإسلامية التي أثبتت نتائج باهرة في العديد من اقتصاديات العالم يفوّت على البلاد فرصا كبيرة لتمويل الاقتصاد، في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد المحلي إلى كل إمكانياته للتعافي والنهوض مجددًا.
وتدفع المصارف الإسلامية الناشطة حالياً أو التي تقدمت بمطالب ترخيص لدى المصرف المركزي إلى الاستحواذ على مساحة أكبر في تمويل القطاعات المختلفة، ولا سيما الزراعة والعقارات.
وانتقدت رئيسة الجمعية التونسية للمالية الإسلامية، أمال عمري، تأخر الحكومة في معالجة هذه العقبات وإدراجها ضمن أولويات إصلاح القطاع المصرفي. وقالت عمري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن "صندوق النقد الدولي سبق أن نبه الحكومة التونسية إلى ضرورة الاستفادة من إمكانيات الصيرفة الإسلامية وتطويرها تشريعياً وفنياً انطلاقا من تجارب مقارنة أثبتت نجاحها".
وأكدت أن الدراسات التي قامت بها الجمعية التونسية للمالية الإسلامية أثبتت أن المصارف الإسلامية تمكنت من استقطاب نسبة مهمة من الأموال المتداولة خارج الإطار المصرفي، بسبب عدم اقتناع أصحابها بالتعامل مع المصارف التجارية التقليدية والتهرب من الربا، بالرغم من حداثة التجربة في تونس مقارنة بالعديد من الدول الإسلامية الأخرى.
ودعت رئيسة الجمعية إلى ضرورة تركيز النصوص التشريعية اللازمة لجعل المصارف الإسلامية قادرة على منافسة نظيرتها التقليدية، مشيرة إلى أن عملاء المصارف الإسلامية يعانون من الإقصاء وعدم الاستفادة من برامج تمويل حكومية للقطاع العقاري، على غرار برنامج السكن الأول الذي أقرته الحكومة، لأن المصارف الإسلامية تمنع على نفسها التعامل بالربا، أخذا وعطاء ووساطة، كما لا يمكنها تمويل شراء الأراضي الزراعية، باعتبارها شركات مساهمة والقانون التونسي يمنع الأجنبي من تملك الأراضي الزراعية.
ولا تنكر السلطات المالية أهمية تنويع المنتجات المالية وما يمكن أن تحققه المصارف الإسلامية من إضافة للاقتصاد المحلي.
وقال محافظ المصرف المركزي، الشاذلي العياري، في تصريحات صحافية سابقة إن "تونس لم تستفد، حتى الآن، من الصيرفة الإسلامية بشكل جيد"، مشيراً إلى أن نسبة الأصول الإسلامية لا تتعدى 7% من إجمالي الأصول المصرفية في البلاد.
ويدرس المركزي التونسي طلبا تقدم به أحد رجال الأعمال التونسيين ومجموعة من المستثمرين الأجانب لإنشاء مصرف إسلامي جديد، سيكون الرابع من نوعه في شبكة مصارف تضم نحو 22 مصرفاً تجارياً من بينها 3 مصارف إسلامية هي البركة والزيتونة والوفاق، إلى جانب 3 شركات في التأمين التكافلي (التكافلية، الزيتونة تكافل، الأمانة تكافل)، فضلاً عن الشركة العربية الدولية للإيجار المالي.
كما تنشط في الساحة المالية التونسية حالياً صناديق استثمارية، منها 3 صناديق مشتركة للتوظيف في رأس المال التنمية، و6 صناديق مشتركة للتوظيف، إلى جانب 3 شركات تأمين تكافلي (تأمين مباشر). وتبلغ حصة هذه الشركات من رقم المعاملات الإجمالي لسوق التأمين 3% في 2015.
ويرى خبراء اقتصاد، أن المصارف الإسلامية في تونس مطالبة ببذل مجهودات إضافية لتعزيز مكانتها في السوق المالية، لا سيما في ظل توجه عدد كبير من بلدان العالم المتقدمة إلى الاستفادة القصوى من مزايا الصيرفة الإسلامية في تعزيز اقتصاداتها.
ويعود تاريخ الصيرفة الإسلامية في تونس إلى سنة 2008 بعد دخول نور الإسلامي الإماراتي ثم مصرف الزيتونة الذي كان ملك صخر الماطري، صهر الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، قبل أن تصادره الدولة بعد سنة 2011، وهو يعد أول مصرف إسلامي بتمويل تونسي بالكامل.
وفي مايو/أيار الماضي، أقر مجلس نواب الشعب التونسي بأغلبية 115 صوتا مشروع قانون يمنح للمصرف المركزي مهمة الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية، وتنظيم عملية سحب التراخيص بها، وإنشاء هيئة مراقبة على المؤسسة المالية المرخص لها بممارسة الصيرفة الإسلامية، ومنح القانون لهذه الهيئة النظر في مدى توافق أنشطة المصرف أو المؤسسة المالية مع مبادئ ومعايير الصيرفة الإسلامية، على أن تكون قراراتها ملزمة بالنسبة للمصرف أو المؤسسة المالية.
وحسب الخبير المالي مراد الحطاب لـ"العربي الجديد"، يحتاج التعايش في محيط نقدي ومالي واحد بين مؤسسات الصيرفة الإسلامية والتقليدية والمنشآت العاملة بمجال التأمين وشركات التكافل، إلى ضبط إطار تنظيمي محكم يؤسس على السماح بفتح نوافذ إسلامية وتوحيد أنماط الرقابة.
وقال الحطاب إن ضبابية معايير المنافسة وصعوبة التقيد بها يحجّم من دور المصارف الإسلامية في تمويل الاقتصاد، نظرا لهشاشة هذا الصنف من المصارف مقابل نظيرتها التجارية الأخرى التي تتمتع بشبكة فروع موسعة وقاعدة عملاء كبيرة تسمح لها بالاستفادة من كل فرص التمويل المتوفرة في البلاد.
وأشار الخبير المالي إلى ضرورة أخذ الحكومة بالاعتبار خصوصية المصارف الإسلامية وأفرادها بامتيازات تتلاءم مع طبيعة المنتجات المالية التي تقدمها لدى طرح المشاريع الممولة في قطاعي العقار والزراعية، مؤكدا أهمية التقيد بمعايير المنافسة الشريفة بين كافة الأطراف، حسب ما حدّده قانون المصارف الجديد.
وتسعى الحكومة التونسية إلى إحداث إصلاحات بالقطاع المصرفي ستؤدي إلى خصخصة عدد من المصارف الحكومية بضغوط من صندوق النقد الدولي، وتتخذ الحكومة من ضعف مساهمة هذه المصارف في تمويل الاقتصاد ذريعة للتخلص منها.
وقال وفد صندوق النقد الدولي، في بيان عقب زيارة عمل في تونس خلال الشهر الماضي، إن الحكومة مطالبة بضرورة القيام بالإصلاحات المهمة التي تأخرت، والرفع من مستوى الاستثمار العمومي لمواجهة الأزمة المتواصلة التي تعيشها المالية العامة، مرجحا أن تحقق البلاد نسبة نمو لا تتجاوز 1.3% في عام 2016، وطالب الحكومة بضرورة تحقيق نمو لا يقل عن 2.5% في عام 2017.