قرر المصمم جورج شقرا أن يطلق مجموعة جديدة لخريف وشتاء 2020-2021 بالتزامن مع أسبوع الموضة في باريس للأزياء الراقية، يواكب فيها متطلبات هذه المرحلة الاستثنائية التي نمر بها. واتَّخذ شقرا قراره بمواكبة هذه التغييرات رافضاً أن يقف مكتوف اليدين بانتظار أن تعود الحياة إلى ما كانت عليه. يقول لـ "العربي الجديد": "أتت هذه المجموعة التي قدمتها لتشكل استمرارية لأعمالي بما يواكب متطلبات المرحلة الحالية. بهدوء وروية عملت عليها وتم تصويرها وإطلاقها من الدار في بيروت. وخلافاً لكافة المجموعات التي كنت قد قدمتها ضمن أسبوع الموضة للأزياء الراقية في باريس سابقاً، ولدت هذه المجموعة وفق نمط خاص بها ووتيرة مختلفة، إذْ كنا نستمتع بكل خطوة ولمسة في عملية إنجازها وتقديمها بطريقة إبداعية".
تحمل مجموعة شقرا هذه، كل معاني الأناقة بألوان أساسية متنوعة وأحجام لافتة. الأحمر والأسود والأبيض والبنفسجي والذهبي مع لمسات من الرمادي، هي الألوان التي استخدمها المصمم في المجموعة كوسيلة تعبير فنية وإبداعية. أما الأقمشة المستخدمة فهي الدانتيل ومخمل الحرير والأرغنزا الحرير، إذْ اجتمعت في تصاميم لافتة بأناقتها العصرية. تنوعت التصاميم المفعمة بالحيوية، وكلّها عكست قوة واضحة وحضوراً بارزاً رغم الانسيابية الراقية للأقمشة المعتمدة. من خلال هذه المجموعة، أراد شقرا أن يبقى على العهد وأن يعلن في الوقت نفسه تحدياً لهذه المرحلة بكل ما فيها من صعوبات.
لشقرا تاريخ عريق في عالم الموضة وتصميم الأزياء، إلا أن ما يحصل اليوم في العالم مستجد ولم يشهده في أية مرحلة سابقة. على الرغم من ذلك، لم توثّر هذه الظروف على قدرته الإبداعية في مجال التصميم، بل على العكس، زادته الظروف عزماً ليقدم الأفضل، بما يتماشى مع هذه التغييرات. وبحسب ما يوضحه في حديثه، ليس هذا التحدي الأول الذي يواجهه لبنان، إذْ تتزايد الصعوبات على البلد من حوالي عام، مشيراً إلى الثورة التي بعثت الأمل في النفوس، ودعت إلى التغيير، فيما أتى الوباء ليضرب البلاد والعالم ضربة قاسية ويقلب المقاييس. "مع انتشار الوباء تغيرت أمور كثيرة في حياتنا، وما كان وجوده بديهياً بالنسبة لنا، أصبح اليوم من الأولويات التي نتلهف إليها. بالنسبة لي، في هذه المرحلة الدقيقة، كانت سلامة فريق العمل أولوية، وكان لا بد لنا من التقيد بالإقفال لفترة معينة. عندها حددنا أولوياتنا وركزنا على سلامة العاملين لدينا وعائلاتهم حتى نتمكن من وضع تصور أوضح لمشاريعنا المستقبلية"، يقول شقرا.
أما بالنسبة للعروض الافتراضية التي اعتمدها المصمم كما فعل كثيرون في هذه المرحلة، التي ضاقت فيها الاحتمالات والاختيارات المتاحة، فيعتبرها حلاً سريعاً وملائماً لمواجهة هذا التحدي العالمي الاستثنائي. من وجهة نظره، لا يمكن إنكار ما للعروض الافتراضية من ميزات، فمعها انتقلنا من مرحلة يُحدد فيها عدد الحاضرين للعرض إلى الشمولة، إذْ أصبحت المشاهدة متاحة لعدد غير محدود من الناس. كما أنه بهذه الطريقة، بحسب المصمم كان ممكناً كسب المزيد من الوقت، فلا يضيع الوقت في تفاصيل تحضيرات العرض كما جرت العادة. تضاف إلى ذلك مساحة الحرية المتاحة في تقديم المجموعة بطريقة إبداعية وفق موضوع معين.
وأخيرًا، لا ينكر شقرا، أنه وفريق العمل واجه تحديات كثيرة نتيجة الظروف، إلا أنه استطاع أن يقدم المجموعة في عرض افتراضي بطريقة إبداعية تحمل معها الكثير من الأنوثة والجاذبية، وفي الوقت نفسه برزت فيها التفاصيل والحرفية في التنفيذ. أما حول ما إذا كانت العروض الافتراضية ستصبح الأكثر رواجاً وستستمر في المرحلة المقبلة وتحلّ محل العروض المعتادة، فلا يجزم في ذلك مشيراً إلى أن ذلك يرتبط بالظروف.