واقتنصت المعارضة فرصة اهتراء الحزام البرلماني والحزبي للشاهد، واستثمرت جيداً السعي المحموم لقيادة حزبه "نداء تونس" لإسقاطه وإبعاده عن الحكم، فبدأت حراكاً برلمانياً سعت من خلاله إلى ضرب عصفورين بحجر واحد، وهما إسقاط الحكومة وإحراج السبسي.
ونجحت المعارضة التونسية في تجميع أقطاب سياسية برلمانية حول عريضة سياسية تسعى لتصحيح مسار الخلاف حول التعديل الوزاري وأزمة حكومة الوحدة الوطنية، لكن باطنها لا يخلو من دقّ المسمار الأخير في نعش وثيقة قرطاج والحكومة المنبثقة عنها.
وأكد القيادي في "الجبهة الشعبية" ورئيس لجنة المالية والموازنة في البرلمان، منجي الرحوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن مجموعة من النواب من مختلف الكتل البرلمانية شرعت في التوقيع على عريضة لدعوة الشاهد إلى طرح الثقة بحكومته من جديد أمام البرلمان، كما حدث مع رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد، وفي حال رفضه، ستتمّ دعوة رئيس الجمهورية إلى تحمل مسؤولياته بتفعيل البند 99 من الدستور، القاضي بطلب تصويت البرلمان على تجديد الثقة بالحكومة من عدمه.
وحصدت المعارضة تواقيع ناهزت ثلث أعضاء البرلمان، حيث يتقاسم قرابة 60 نائباً ما جاء فيها من جميع الكتل، ما عدا حزب "النهضة". حتى أن برلمانيين من "نداء تونس" وقعوا العريضة المحرجة للرئيس المؤسس لحزبهم، أي الرئيس التونسي.
ويبدو أن مجموعة "الندائيين" الموقعين تبحث عبر شتى السبل وبأي الطرق عن إزاحة الشاهد من دفّة الحكم مهما بلغ الأمر من تناحر سياسي، وحتى لو كلفهم ذلك رمي الكرة من جديد في ملعب رئيس البلاد الباجي قايد السبسي.
وبيّن أمين عام "حركة الشعب" والنائب عن الكتلة الديمقراطية زهير مغزاوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الهدف من العريضة هو إنهاء أزمة الحكم التي هزت أركان الدولة، ومسّت جميع مؤسساتها في ظل استهتار الائتلاف الحاكم واعتصام الشاهد بحكومته، مشيراً إلى أن العريضة تدفع نحو العودة إلى مؤسسات الدولة وتطبيق الدستور لإنهاء الأزمة عبر طرح السيناريوهات القانونية الممكنة.
ولفت مغزاوي إلى أن مصالح المواطن والبلاد تعطلت بسبب التذبذب، وتوقف العمل بسبب سياسة ليّ الذراع بين أطراف الحكم، والصراع لاقتسام الحكومة، مؤكداً أنه لا بوادر لانفراج الأزمة خارج قبّة البرلمان.
ويبقى طرح العريضة البرلمانية آليةً سياسية للضغط على الفاعلين وأصحاب القرار في التعديل الوزاري المرتقب، غير أنها، بحسب خبراء، لا تحمل أي قيمة قانونية، حيث كان من الممكن طرحها لسحب الثقة وإعفاء رئيس الحكومة، كما ينصّ عليه الدستور، أو توجيه لائحة لوم إلى رئيس البلاد، غير أن المعارضة تبحث عن الطريق الأطول، والذي يضمن حشدها لأصوات الغاضبين داخل "نداء تونس"، والكتل القريبة منه أو المنسلخة عنه.